رئيس التحرير
عصام كامل

ألم يأن لمراهقة الإخوان السياسية أن تنتهي؟


وصلت الرسالة نفسها من الإخوان أمس، فهم غاضبون لدرجة الاستعداد للموت. هكذا كان المشهد فوق كوبري 6 أكتوبر أمس في الساعة الثامنة والنصف مساء، حين افترش أحد شباب الإخوان الكوبري أمام السيارات رافعا صورتين للرئيس السابق محمد مرسي، وكنت شاهد عيان حينما كنت أصطحب والدي ليرى طبيبه المعالج، وأغلق الشباب الكوبري أمامي بالمتاريس، وبينما رق قلب أحدهم وسمح لي بالمرور من المتراس الأول طالبني باقي شباب الإخوان بالعودة من حيث أتيت.


صورة الشاب الذي افترش الطريق أمام السيارات تلخص تعامل الإخوان مع الأزمة، حالة يأس تدفع للانتحار أو الاستشهاد - من وجهة نظرهم - في سبيل مرسي. وإن كنت لا أعتقد أن افتراش الطريق أمام السيارات هو السبيل للشهادة.

تعامل الإخوان مع الأزمة لا يشير إلى أنهم يحاولون تحسين شروط التفاوض على وجود حل للمأزق السياسي، بقدر ما يعكس حالة المراهقة السياسية، حيث يتعاملون مع الأزمة على طريقة "كرسي في الكلوب"، ولسان حالهم يقول: "يا إخوان يا بلاش غير مرسي ماينفعناش"، وهم يتجاهلون أن الصدام هذه المرة ليس مع جبهة الإنقاذ التي كانت تجتمع وتصدر بيانا فيقابلها مرسي باجتماع مع الدكتور العوا وأصدقائه في الجانب المقابل ليظهر وكأن مرسي يحاور المعارضة. الصدام هذه المرة مع القوات المسلحة التي اتخذت قراراً بعزل الرئيس وهي تعرف أن قطاعا كبيرا من المثقفين – إن لم يكن معظمهم – وقطاعا كبيرا من الناس - إن لم يكن معظمهم – يؤيدونه.

ويبدو واضحاً أن مؤسسة الرئاسة والقوات المسلحة تتجاهل مطالب الإخوان، كما كان الرئيس السابق يتجاهل المطالب بوضع حد للاحتقان السياسي.

ما يتجاهله الإخوان هو أن التظاهر ضدهم كان مطلبا شعبيا يتصاعد من جميع القوى السياسية ومعظم القوى الثورية والشبابية وحركة تمرد التي استخف الإخوان بها، في حين أن من يتظاهر حالياً هم شباب الإخوان والسلفيين من مؤيديهم فقط.

على الإخوان أن ينزلوا للشارع وأن يستمعوا إلى مدى الحنق السياسي ضدهم وأن يبحثوا عن سبل استعادة صورتهم الذهنية كفصيل سياسي. على الإخوان أن يعيدوا قراءة المشهد الملتبس عليهم بشكل صحيح، فمرسي لن يعود إلى قصر الاتحادية. سيستمر تظاهر شباب الإخوان دونما فائدة واستمرار اعتصامهم وقطعهم للطرق والكباري لا يصب في مصلحتهم.

كما أن الإخوان لازالوا على خطاب رئيسهم الفاشل يكررون أن مصر كلها صارت فلولا، وأن من خرج في 30 يونيو كلهم فلول، وأن دكتور علاء الأسواني، والبرادعي، وحمدين صباحي من الفلول أيضاً.

كان عزل مرسي انقلابا... كنت أتمنى أن يصمد حكم مرسي أربع سنوات، ولكن مرسي هو من أعطى الشرعية الثورية لمن عزلوه. 
هكذا علمنا القائد محمد مرسي أن تحيط بالمحكمة الدستورية وتعطلها إن استطعت، وأن تفصفص مؤسسات الدولة وأن تبدأ بالقضاء، وأن تتعامل مع بلد منقسمة على أن شعبها هو شعب الرئيس، وهو لذلك شعبه وهو حر فيه، لأنه الرئيس الشرعي.

كان عزل مرسي.. انقلاباً على من غض البصر عن قتل أربعة مصريين لأنهم شيعة دون أن ينبس بكلمة في خطابه عن حادث طائفي تم التمثيل فيه بجثث القتلى، واكتفى ببيان يستنكر الحادث وهو في الحقيقة يكفرهم.. انقلابا على رجال يكفرون من يختلف معهم، علناً، انقلابا على بذاءة اللسان، وعلى التحريض على المسيحيين، وعلى السير قدما في أخونة الدولة وكأنما الناس طراطير.

كان عزل مرسي انقلابا على عقول خربة تفضل أن تضع أشخاصاً مثل حازم صلاح أبو إسماعيل في منصب نائب رئيس الجمهورية بدلا من البرادعي لأن الأخير أمريكاني ومن بتوع الجبنة النستو، ولأن الأول أي الشيخ حازم ملتح وإسلامي، وكأن البرادعي ليس مصرياً، وكأن البرادعي لم يكن من القلائل الذين كان يطالبون بتنحي مبارك ومحاسبته عندما كان حازم أبو اسماعيل وغيره من مشايخ التكفير إما مختبئين أو ممن حرموا الخروج على مبارك من أساسه.

على الإخوان أن يروا الأمور على حقيقتها، وأن يدركوا أن مراهقة مرسي السياسية هي التي أعطت شرعية للجيش أن يتدخل بعدما خرجت الناس بأعداد فاقت تصورات الإخوان أنفسهم. فالأفضل لشباب الجماعة والسلفيين من مؤيدي مرسي أن يكفوا عن النوح والندب على طريقة "يا اللي الشرعية راحت من بعده يا حبيبي".
الجريدة الرسمية