رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

استراتيجية الصناعة الوطنية.. رؤية جديدة

مرت الصناعة الوطنية على مدى نحو قرن مضى من الزمان بثلاثة مراحل أساسية.. الأولى في بدايات القرن الماضي، وكان الدور الأبرز فيها للقطاع الخاص محلى وأجنبى مع غياب لدور ملموس للاستثمارات الحكومية، وكانت نتائجها محدودة.. والمرحلة الثانية جاءت عقب ثورة يوليو 1952 اعتمادا على تخطيط مركزى واستثمارات حكومية خالصة وفق استراتيجية واضحة لتحقيق الاكتفاء الذاتى من السلع الأساسية والضرورية.. 

 

وكان لهذه المرحلة نتائج ملموسة اقتصاديا وماليا سواء على مستوى زيادة فرص التشغيل ونسب مساهمة القطاع الصناعى في الدخل القومي وأيضا في خلق حوافز هامة للتطور الحضارى للمجتمع من خلال زيادة الاهتمام المجتمعى بالتعليم فضلا عن تقليل الاعتماد على السوق العالمى في تلبية احتياجات الأسواق المحلية وتحقيق نسب عالية من استقرار أسواق الصرف لفترات زمنية طويلة نسبيا..

 

خطة الإصلاح 

 

والمرحلة الثالثة لتطور الصناعة الوطنية بدأت مع خطة الاصلاح الاقتصادى الشامل اعتبارا من عام 89 وحتى عام 2010 وشهد القطاع الصناعى خلالها تطورا وتحولا مذهلا في الاعتماد على استثمارات القطاع الخاص محلى وعربى واجنبى أثمر إضافة أكثر من نحو 25 ألف مصنع جديد في مختلف الصناعات مستفيدة من استراتيجية الإتحاد الأوروبي لنقل الصناعات الأكثر تلويثا للبيئة إلى جنوب البحر المتوسط لتشهد صناعات الحديد والأسمنت والصناعات القائمة عليه وأيضا الصناعات الغذائية وصناعات البتروكيماويات والأسمدة والصناعات الهندسية نموا غير مسبوق..  

 

ساهم ذلك في توفير فرص عمل مقبولة خاصة مع ملاحظة تراجع القطاع الحكومى في توفير فرص العمل المناسبة للتشغيل وأيضا إستمرار معدلات الزيادة السكانية المطردة وفشل برامج السيطرة عليها خلال تلك الحقب الثلاث.. ورغم بعض النتائج الايجابية الهامة لتلك الفترة إلا أن سلبياتها أيضا كانت كبيرة.. ومن أهمها أن المشروعات الصناعية التى أنشئت لم تكن لها استراتيجية واضحة ترعاها الدولة ولم يكن لها عنوان..

 

وبمعنى أوضح كانت أشبه بمشاركاتنا الرياضية في الاولمبياد الدولية ببعثة نتفاخر بكثافة حجمها والنتيجة صفر أو محدودة جدا، حيث توزعت جهودنا الصناعية في مختلف أنواع الصناعات العصرية ولهذا لم ننجح في الحصول على ميزات تنافسية في الأسواق العالمية سوى للقليل منها وخاصة صناعات مثل بعض منتجات الملابس الجاهزة والموكيت والأسمنت والأسمدة والحديد والصلب.. 

 

ولم ننجح أيضا في بناء صناعات متكاملة تنشأ حولها صناعات مغذية قادرة على زيادة نسب المكون المحلى مما خلق أهم مشكلات الصناعة الوطنية وهى العجز في الحصول على حصة مناسبة في الأسواق العالمية وانخفاض حجم الصادرات المتوقعة والإعتماد على المكون الأجنبي بصفة أساسية وبالتالى زيادة فاتورة الواردات التى تمثل السلع الوسيطة والاولية نسبة تتعدى 65% منها وفقا لاحصائيات الجمارك المصرية، الأمر الذى خلف مشكلات حادة للاقتصاد الوطنى من أهمها اختلال حاد في الميزان التجارى وضعف في حصة الصادرات من السلع الصناعية وأيضا عجز في قدرات تلك المشروعات على التوسع والنمو الطبيعي والإعتماد على السوق المحلية بنسبة كبيرة في ترويج منتجاتها.

 


والآن والبلاد تخطو نحو حوار وطني جامع نعتقد أن الملف الاقتصادى بمشكلاته والصناعة الوطنية ومشاكلها في القلب منه لابد من مراجعة واضحة ودقيقة لهذا القطاع الحيوى ولننطلق من حيث بدأت الدول المماثلة لاوضاعنا، والأهم التركيز على عدد محدود جدا من الصناعات التى نملك فيها ميزات تنافسية وحصيلة مناسبة من المكون المحلى لا يمكن أن تتكون إلا باستراتيجية واضحة تبدأ ببناء قلاع للصناعات المغذية أولا، ثم التفكير في صناعات المنتج النهائي في المراحل التالية، ولنترك هذه المرة فشخرة المهرجانات الاولمبية علنا نلحق بركب قطار الصناعات العالمية ونحوز حصة مناسبة في أسواق السلع العالمية تعود بالخير الوفير على اقتصادنا الوطنى.

Advertisements
الجريدة الرسمية