رئيس التحرير
عصام كامل

أوكرانيا: هجوم مضاد في الشرق يدفع القوات الروسية إلى الوراء

الهجوم الروسي بأوكرانيا
الهجوم الروسي بأوكرانيا

قالت أوكرانيا، اليوم الثلاثاء: إن قواتها استعادت عددا من القرى من القوات الروسية شمال شرقي خاركيف، مواصلة شن هجوم مضاد يمكن أن يكون بداية تحول في قوة الدفع في الحرب، ويقوض التقدم الروسي الرئيس.

وأكدت تيتيانا أباتتشينكو المتحدثة الصحفية باسم اللواء الميكانيكي الخاص الثاني والتسعين، وهو القوة الأوكرانية الرئيسة القريبة من خاركيف، أن القوات الأوكرانية استعادت المناطق السكنية تشركاسكي، وتيشكي، وروسكي تيشكي، وبورشتشوفا، وسلوبوجانسكه في جيب شمالي خاركيف في الأيام الماضية.

وقال يوري ساكس، وهو مستشار لوزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف، إن هذه النجاحات تبعد المدفعية الروسية عن مدى قصف أجزاء من خاركيف، ثاني أكبر مدينة أوكرانية، والتي تعرضت للقصف منذ الأيام الأولى للحرب.


وبين أن ”العمليات العسكرية للقوات المسلحة الأوكرانية حول خاركيف، خاصة شمالي وشمال شرقي خاركيف، نوع من قصة نجاح“، مضيفًا: ”تمكن الجيش الأوكراني من دفع مجرمي الحرب هؤلاء إلى خط وراء مدى مدفعيتهم“.

ويمكن أن يكون الهجوم المضاد مرحلة جديدة في الحرب؛ لأنه يأتي بعد أسابيع شنت روسيا خلالها هجوما ضخما أوقفته القوات الأوكرانية في معظمه.

وبدفع القوات الروسية إلى الوراء بعد أن احتلت ضواحي خاركيف منذُ الأيام الأولى للحرب، ينتقل الأوكرانيون إلى مسافة تسمح لهم بضرب خطوط الإمداد الروسية الخلفية ومواصلة إبعاد قوة الهجوم الروسية الرئيسة إلى الجنوب.

وقال نيل ميلفن من مركز روسي للأبحاث في لندن: ”يقترب الأوكرانيون من الحدود الروسية، وبالتالي فإن جميع المكاسب التي حققها الروس في الأيام الأولى من الحرب في شمال شرق أوكرانيا تتلاشى بشكل متزايد“.

دك آزوفستال

وتمثل الانتكاسة بالقرب من خاركيف ضربة لخطط موسكو الحربية في اللحظة نفسها التي تعتقد فيها العواصم الغربية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يأمل في تقديم نصر كبير للروس في عطلة ذكرى انتهاء الحرب العالمية الثانية.

ويوم أمس الاثنين، ترأس بوتين عرضًا عسكريًا ضخمًا في الميدان الأحمر في ذكرى يوم النصر، وكانت الدول الغربية تخشى أن يعلن التعبئة العامة في ظل غياب انتصارات كبيرة في ميدان القتال يمكن أن يعلن عنها، لكن خلال العرض لم يفعل أيا من الأمرين، وحث الروس على مواصلة القتال دون أي مؤشرات على الجديد في استراتيجيته.

ومنذُ إرغام روسيا على التخلي عن هجومها على العاصمة كييف في نهاية شهر مارس/آذار الماضي، تحاول القوة المهاجمة الرئيسة تطويق القوات الأوكرانية في المنطقة الشرقية التي تعرف باسم ”دونباس“، والقوات الأوكرانية صامدة ضد الهجمات العنيفة من ثلاثة اتجاهات.

وتستطيع أوكرانيا الآن باندفاعها إلى الشمال من خاركيف أن تحاول قلب الموائد، وأن تجبر موسكو على تغيير اتجاهها إلى محاولة الدفاع عن خطوط إمدادها الطويلة التي تمتد من الحدود الروسية إلى مدينة إيزيوم جنوبي خاركيف.

في الجنوب، توجه القوات الروسية من جديد قصفا شديدا لمجمع آزوفستال للصلب في ماريوبول، اليوم الثلاثاء، في محاولة للاستيلاء على آخر معقل للمقاومة الأوكرانية في المدينة المدمرة التي يقول الأوكرانيون إن عشرات الآلاف من سكانها لقوا حتفهم في الحصار والقصف الروسيين المستمرين منذ شهرين.

وتم إجلاء عشرات المدنيين من مجمع الصلب في الأيام الماضية، لكن بيترو أندريوشتشينكو مساعد رئيس بلدية ماريوبول قال إن 100 مدني على الأقل ما زالوا في المصنع.

وقالت وحدة آزوف الأوكرانية الصامدة في آزوفستال على ”تيليغرام“ إنه خلال الساعات الـ24 الماضية حلقت 34 طائرة روسية فوق المصنع، من بينها ثماني طلعات لقاذفات استراتيجية، مضيفة أن المجمع تعرض للقصف من البحرية الروسية ومن الدبابات والمدافع والصواريخ.

وليس بإمكان رويترز التحقق من الوضع في المصنع، ولم تعلق روسيا إلى الآن على تصريحات وحدة آزوف وتقول إنها لا تستهدف المدنيين.

وزارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك أوكرانيا، اليوم الثلاثاء، وتجولت في بوتشا، الضاحية الواقعة شمالي كييف، والتي خلفت فيها روسيا مئات القتلى المدنيين عندما انسحبت في بداية شهر أبريل/نيسان الماضي.

وقالت الوزيرة: لا بد من عقاب القتلة، مضيفة أن ”هذا ما ندين به للضحايا، كان من الممكن أن نكون نحن هؤلاء الضحايا“.

وبيربوك هي العضو الوحيد في الحكومة الألمانية الذي يزور أوكرانيا منذ بدء الحرب، وتأتي زيارتها بعد أيام أو أسابيع من زيارات قام بها مسؤولون كبار من الدول الغربية الأخرى.

وزيارة مسؤول ألماني رفيع موضع جدل؛ لأن كييف عنفت حكومة ألمانيا على الملأ للبطء الذي أبدته في التخلص من العلاقات الاقتصادية الوثيقة التي أقامتها على مدى سنوات مع روسيا.

وإضافة إلى المعارك العنيفة بالقرب من الجبهة، ما زالت روسيا تستخدم الصواريخ في ضرب أهداف في العمق الأوكراني.

وظهرت مبان في أوديسا، اليوم الثلاثاء، وقد تحولت إلى أنقاض بعد يوم من قصف القوات الروسية لميناء أوكرانيا الجنوبي بالصواريخ.

وأعلنت القوات المسلحة الأوكرانية على ”فيسبوك“ مقتل شخص وإصابة خمسة آخرين، عندما سقطت 7 صواريخ على مركز تجاري ومستودع.

وفي لقطات مصورة من مكان الحادث، ظهر رجال إطفاء وإنقاذ وهم يمشطون أكوام أنقاض لا يزال يتصاعد منها الدخان.

وزار رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل أوديسا، يوم أمس الاثنين، وحث بعد ذلك على خطة عالمية لمساعدة أوكرانيا.


وتوقف لقاء بين ميشيل ورئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال في أوديسا بسبب الهجوم الصاروخي، مما دفع الرجلين إلى الاحتماء من القنابل في مخبأ، وذلك بحسب حساب شميهال الرسمي على ”تويتر“.

ويقترب عدد الأوكرانيين الذين فروا من بلادهم منذ بدء الغزو الروسي في الـ24 من شهر فبراير/شباط الماضي، من 6 ملايين، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة، التي وصفت ذلك بأسرع أزمة لاجئين نموا في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية.

وفي واشنطن، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم أمس الاثنين، إنه يشعر بالقلق من أن بوتين ”ليس لديه مخرج في الوقت الحالي، وأحاول معرفة ما سنفعله حيال ذلك“.

الجريدة الرسمية