رئيس التحرير
عصام كامل

صورة مرسي العياط في الاختيار

انعكست القيمة الحقيقية، الجلية، لمسلسل الاختيار فى جزئه الثالث، فى ثلاثة عناصر أساسية، أولها رد الفعل الدموى الإجرامي السريع الذي تمثل فى عملية إرهابية بسيناء، واستشهاد أحد عشر بطلا مصريا، وإصابة خمسة آخرين، وثاني عنصر هو كم المعلومات المدققة، التى فضحت مواقف الجماعة الإرهابية المستترة خلف الدين البريء من أفعالها الدموية، أما ثالث العناصر فهو براعة التجسيد..

 

وفى الأسبوع الماضي، تعرضنا لدور ياسر جلال فى تقديم شخصية رئيس البلاد تقديما مقنعا ومؤثرا.. واليوم نعرض لتقديم شخصية رئيس سابق رحل مدانا بتهمة التخابر علي البلاد لصالح دول أجنبية، فضلا عن ضلوعه في جماعة مخالفة للقانون..


وقبل أن نتعرض لبراعة صبرى فواز فى تجسيد هذه الشخصية بأبعادها المتعددة، ولا يحسبن أحد أنها أحادية الوجه، فإننا نلفت إلى أن العنصر الثاني في أهمية المسلسل وهو كم المعلومات، ترك أثرا عنيفا في نفوس الجماعة الإرهابية، ولعله السبب الأكبر في العملية الدموية البغيضة التى استشهد فيها أبناؤنا أمس، وارتقوا إلى جوار النبيين..

براعة التجسيد


صبرى فواز مرسي العياط أو العكس، وقع تداخل بشكل لافت، فقد نجح النجم صبرى فواز ليس فقط في تلبس الشخصية، جسدا وروحا ونطقا، بل حرص بشكل واضح على استخدام عضلات الوجه، وحركة العيون، وإشارات اليدين في التعبير عن باطنه بقدر عجزه عن النطق بالرأى المعارض الذي بداخله في مواجهة سيده الحقيقي خيرت الشاطر. 

 

التواء الشفتين، الذقن وبياضها، حولة العين الخفيفة، الطيبة المدعاة، كلها نسجت ملامح حقيقية لشخص محمد مرسي. كان لمحمد مرسي وجهان، وجه يستعطف من يراه، وهذه تحققت في المشاهدة الأولى للمسلسل، لكن مع التعمق، والتسريبات ستكتشف أنه كان لطيفا مستأنسا إذا كان بحضرة السيسي أو طنطاوى، بحضرة الجيش، لكنه، متآمر، شرير، ديكتاتور إذا استدفأ بمظلة الداهية المخطط خيرت الشاطر. 

 

ويمكن رصد استمالتين متضادتين لكل من السيسي لمرسي، ومن مرسي للسيسى، فقد حاول الفريق السيسي أن يفهمه أنه القائد الأعلي للجيش، وعليه أن يمارس سلطاته كرئيس لكل المصريين، في تلميح ذكي للابتعاد عن مكتب الإرشاد الذي يشاركه، بل ينازعه الحكم، وفاجأنا المسلسل بأن مرسي كان يخافهم وقال: دونها الرقاب. الجماعة دول يؤذوني ويؤذوا أولادي!


على الجانب الأخر حاول محمد مرسي ضم السيسي إلى الجماعة، فكان قوله قاطعا: لا كنت إخواني ولا سلفي ولا حكون!

 لم يكن محمد مرسي إذن طيب الطوية، بل كان في الحقيقة يخشي الجيش ويعمل له ألف حساب، ربما هو وبديع كانا الوحيدين في فهم قوة الجيش المصرى، بخلاف الدمويين البلتاجي والشاطر وعصام الحداد..

 


ويلفت النظر في المسلسل معلومة في غاية الخطورة، تعكس تحولا في موقف إدارة أوباما من حكم الإخوان، كما تعكس قبولا برأي السيسي الداعي إلى إجراء استفتاء علي إجراء انتخابات مبكرة، وكان محمد مرسي يرفض إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، وهي موافقة أوباما علي إجراء الاستفتاء.. لكن العناد دفع الإخوان إلى رفض كل المقترحات وأصروا إصرارا..
المسلسلات الوثائقية هى تاريخ يكتبه الأحياء ممن يشاركون أو يعاصرون.. وننتظر المزيد..

الجريدة الرسمية