رئيس التحرير
عصام كامل

المحكمة التأديبية:

فصل أمين مخزن مدينة الحوامدية.. وأقصى عقوبة تأديبية لرئيس المدينة

المحكمة التأديبية
المحكمة التأديبية بمجلس الدولة

 

أصدرت المحكمة التأديبية بمجلس الدولة حكمها في القضية رقم 74 لسنة 63 قضائية عليا بفصل أمين مخزن قطع الغيار برئاسة مدينة الحوامدية بمحافظة الجيزة بعد ثبوت ارتكابه جريمة اختلاس أصناف في عهدته، ومجازاة رئيس مدينة الحوامدية بغرامة تعادل عشرة أضعاف الأجر الوظيفي الذي كان يتقاضاه في الشهر عند انتهاء خدمته، لما نُسب إليهما وثبت في حقهما.  


أكدت المحكمة عبر أسباب حكمها أن سيد أحمد خلف، المنتدب بإدارة تموين الحوامدية اختلس خلال فترة عمله أمين مخزن قطع الغيار برئاسة مدينة الحوامدية بعض الأصناف الموجودة في عهدته والواردة تفصيلًا بتقرير اللجنة المشكلة بالقرار رقم 11138 لسنة 2017، وأخذ أصناف من مخزن قطع الغيار بمركز الصيانة عدد 14 صنفا عهدته بدون وجه حق، ولم يتخذ الشريف حسن محمد، رئيس مدينة الحوامدية قبل إحالته للمعاش الإجراءات اللازمة قانونًا حيال سرقة مخزن قطع غيار السيارات التابع لمدينة الحوامدية بعدم تحرير محضر شرطة بقسم الشرطة.


وتبين من الأوراق وبشهادة فضل دسوقي محمد، حارس المخزن عهدة المحال الأول، والمدعومة بشهادة حنا عزيز حنا، حارس ذات المخزن أنه حضر المحال الأول بعربة صغيرة لنقل الأفراد (توك توك) ووجَّه حنا عزيز حنا حارس المخزن القائم بالعمل في هذا التوقيت إلى مغادرة موقعه لقضاء الأعياد المسيحية المتزامنة مع يوم شم النسيم، وافتعل كسرا بحائط المخزن أمانته، ودلف إلى المخزن من خلال بابه، إذ إن الكسر لا يتسع لمرور أشخاص أو قطع غيار السيارات وسرق بعض الأصناف عهدته ناقلا إياها لبيعها إلى تجار قطع غيار السيارات مستحوذا على المقابل المادي لها.


تجار المنطقة

كما أفاد هذا الشاهد بأن أهالي المنطقة شاهدوا تلك الواقعة وأبلغوا بها موظفي مجلس المدينة، وهو ما تأكد بعد استرداد تلك المسروقات التي بيعت إلى تجار المنطقة المحيطة بالمخزن بعد إقرار المتهم الأول بسرقته إياها وبيعها إليهم حسب الثابت بشهادات الشهود ومنهم جمعة خليل إبراهيم مدير الشئون الإدارية بمجلس مدينة الحوامدية، وعاطف رمضان علي رئيس حسابات المخازن ومدير المخازن بمجلس المدينة، وجمال محمود حسنين معاون مجلس المدينة وهو ما يقطع يقينا بأن المحال الأول قد ارتكب سرقة الأصناف عهدته بغية بيعها والاحتفاظ بثمنها في ذمته المالية.
 

وقالت المحكمة عبر أسباب حكمها أنه لم يكن ما تردى فيه المتهم محض إهمال أو تغافل، وإنما اقترف فعلا آثما في كل أحواله بسرقة الأصناف عهدته ناسجا حول تلك الواقعة ما يوحي بأنها سرقة لم يكن له يد فيها أو تدخل، تفلتا من المسئولية بإلصاقها بغيره، مصطنعا كسرا بجدار المخزن أمانته، نطقت أبعاده بعدم معقولية مرور الأشخاص أو قطع غيار سيارات من خلاله، واستولى على بعض عناصر عهدته وباعها إلى تجار، فخان الأمانة الموكلة إليه، وارتكب ما يعصف بالمال العام أو الخاص على السواء من حرمة، وبلغ بجرمه حدا لا يؤتمن معه على وظيفته العامة وكرامتها والثقة المفترضة في شاغلها، دون محاجة بأن جهة عمله قد استردت بعض ما اختلسه من أصناف.
 

وبشأن ما نُسب إلى المحال الثاني، فإن الثابت بالأوراق قطعا أنه قد أُخطر بما وقع من هذا الأخير فورا فأصدر قراره بتشكيل لجنة تختص بجرد المخزن المذكور بعد انتهاء الشرطة والنيابة العامة من أعمالها بمعاينة الكسر المشار إليه بحائط المخزن المنوه عنه، وإذ علَّق بقراره عمل اللجنة على ما تنتهي إليه الجهات المعنية المذكورة فلم تنعقد تلك اللجنة إلا بعد الواقعة بـ 30 يوم، وطالبته اللجنة بموجب محضر اجتماعها بتقديم ما يفيد إبلاغ الشرطة.


لم يُبلغ الشرطة

إلا أنه تبين قطعا أن المحال لم يُبلغ الشرطة أو يتخذ من الإجراءات ما يضمن جرد محتويات المخزن عهدة المحال الأول لإثبات أو تدارك الأمر، فثبت بما لا يدع مجالا لشك أن المحال قد استخدم سلطته الإدارية استخداما يقمع ويعطل عمل اللجنة التي شكلها بقرار صادر منه، فأورد به شرطا واهيا تمثل في انتهاء الشرطة والنيابة العامة من معاينة المخزن المذكور، في حين لم يقم من الأساس بإبلاغ تلك الجهات وأوهم مرؤوسيه جميعهم بأنه قد اضطلع بالإبلاغ على النحو الثابت بشهادات الشهود كافة بالتحقيقات.


فلم تكن قيادته للجهة محل عمله محض قيادة متراخية، وإنما تردى في تعطيل اتخاذ الإجراءات القانونية في مواجهة اختلاس وقع من أحد مرؤوسيه نمت ملابساته إلى علمه فورا، وأورد بقرار رسمي شرطا لم يكن له محل من صحة أو وجود، مما ترتب عليه عدم إجراء الجرد إلا بمناسبة قرار لاحق سلف بيانه صدر عن رئيس مجلس المدينة الذي حل محله بعد نقله للعمل رئيسا لإدارة متابعة المشروعات القومية بمحافظة الجيزة، فتغافل والحال كذلك عن كونه يشغل منصبا قياديا مسئول عن إدارة العمل الذي يتولى قيادته بدقة وأمانة.


ولم يقتصر أمره على إهمال أو عدم اكتراث لحرمة المال العام، وإنما تردى في تعطيل إجراءات قانونية واجبة مستخدما في هذا السبيل سلطته الإدارية، ممتنعا عن إبلاغ الجهات المعنية بالواقعة التي نسبت وثبتت في حق مرؤوسه المحال الأول، فاستغرق في ستر اختلاس أموال الجهة قيادته، فشارك المحال الأول جرمه بتستره عليه، فأضحى دون ريب مخالفا على نحو جسيم مقتضيات وظيفته العامة على شمول مفهومها ووظيفته القيادية على وجه الخصوص، فاستحق الجزاء، وأصدرت المحكمة حكمها المتقدم.

الجريدة الرسمية