رئيس التحرير
عصام كامل

الفن للفن..أم للمجتمع؟!.. الزهيري: مرآة لخبايا الأنفس..وصبري: تجسيد لتفاصيل الحياة

فيلما أصحاب ولا أعز
فيلما أصحاب ولا أعز وريش

أثارت بعض الأعمال السينمائية الأخيرة، مثل فيلمي: “أصحاب ولا أعز" و"ريش" وغيرهما حالة من الجدل والصخب بسبب طبيعة محتواها. الاختلاف حول هذه الأعمال لم يكن طبيعيا أو كلاسيكيا، بل تجاوز الحد من الشطط والغضب، ما طرح حزمة الأسئلة الضاغطة والمهمة، بعضها قد يبدو تقليديًا ولكن يبقى مهمًا: هل الفن للفن، أيًا كان محتواه ومضمونه..أم أنه يجب أن يكون خادمًا للمجتمع وليس عبئَا ثقيلًا عليه؟

لكي لا تبدو الصورة تشاؤمية.. التقت “فيتو” نخبة من صُناع الفن المصرى لتضع إجابة حقيقية عن كيف سيُصبح الفن العربى وبالأخص المصرى خلال السنوات المقبلة.. ما هو المستقبل؟ هل سيحمل فارغا بفارغ أم أن دفة الفن المصرى الأصيل ستعود مجددًا لتنهض بالنشء والمجتمع.. وهل سيرجع فن التمثيل إلى رشده المعهود بأن يكون من أقوم الفنون الأدبية وأرقاها وأبلغها أثرًا فى إمتاع النفوس وتصفية الأذواق.. أم سيستمر فى الغرق إلى مستنقعات أبدية؟

تجسيد لتفاصيل الحياة 

في البداية.يقول الفنان القدير “سمير صبري:”  الفنون لا بد لها أن تكون قصصا متنوعة ومختلفة فليس هناك شيء أبيض أو أسود.. بل إن هناك صنوفا كثيرة للغاية فى الحياة وألوانا لا يمكن حصرها.. ما دور الفن إذن سوى أن يلقى الضوء على حالات الشجن الإنسانى من فقدان ومن المرض والوهن أو ضياع الأنس والونس، أو تجسيد مراحل الحب وتصوير الحواس.. بل تجسيد الحياة نفسها، فليس بالوعظ أو التسلية يُقاس الفن وإنما بالحكمة والتأثير.


المخرج المصرى العالمى الشاب “عمر الزهيري” صانع فيلم “ريش”، وهو الفيلم الحاصل على جائزتين بمهرجان «كان» السينمائى وجائزة أفضل فيلم روائى طويل بمهرجان الجونة يرى أن صناعة السينما بمصر أو خارجها هى صناعة مكلفة جدًّا أكثر مما يتخيل الكثيرون، فجميع مخرجي العالم يشتكون من هذا الأمر، ورغم ذلك ما زالت مصر تحاول وتتنج، وما زالت مصر هى البلد الرائدة فنيًّا وسينمائيًّا بالوطن العربى لا خلاف على ذلك أو تشكيك فيه، ولكن لا نستطيع أن نخدع أنفسنا ونقارن بينها وبين الصناعة العالمية، فمصر إلى الآن تعتمد فى تقديمها الفن على المشاعر الصادقة والنابعة من عقول أبنائها ولكن ينقصنا بالتأكيد الصناعة الحسابية للفن.


وأردف الزهيري: إذا تحدثنا عن مصر فإننا لا نستطيع أن ننكر أنها على رأس الدول العربية مع احترامى الكامل لتجارب دول الخليج ولبنان وتونس وغيرها، لكن السينما المصرية لها تواجد واحترام بكل العالم، وبحكم تعاملاتى الفنية بالخارج فإننى أفاجأ بأن جميع صُناع الفن من كل أجناس العالم يعرفون تمامًا أفلامنا بأسمائها وبسنوات طرحها بالسينمات بل وبالإيرادات أيضًا، فالهدف من الفنون سواء بمصر أو خارجها هو تصوير حقيقى للشارع دون ادعاءات أو كذب أو تزيف.. فلا بد أن يكون الفن مرآة تعكس خبايا مجتمعاتنا وأنفسنا لكى نعالج ما يمكن معالجته.


التسلية أيضًا رسالة قوية
فيما تحدث الممثل والسينارست أحمد فهمى لـ “فيتو” قائلًا: كتابة القصص وتجسيدها عبر شاشات التليفزيون أو السينما تحتاج أكثر شيء إلى المرونة،  فالمرونة ضرورية لكى تقدم محتوى فنيا ناجحا ولا يجب أن يكون لكل فيلم أو مسلسل أو مسرحية أو حتى غنوة رسالة عميقة ذات محتوى عظيم.. لا الفن أيضًا تسلية جميلة.. فمثلًا فيلم “سمير وشهير وبهير” ناجح جدًا وحقق إيرادات ضخمة بحسب البيانات الإنتاجية، فهل احتوى هذا الفيلم على أي رسالة؟


وأجاب “فهمي”: بالطبع لا، فإذا أقحمت على فيلم كهذا رسالة قوية سوف يصبح العمل الفنى بلا معنى حقيقي لأن إقحام شيء دون جدوى يفسد كل شيء.. فأنا أرى أن يكون هناك فيلم أسرى كوميدى تستطيع الأسرة المصرية بأكملها أن تُشاهده بالمنزل أو بمختلف دور العرض السينمائى، وقضاء يوم جميل هو فى حد ذاته رسالة قوية للغاية.. وتأكيدا لكلامى فالفن يمكن أن تكون رسالته الأساسية هى اجتماع الأسرة فى يوم عطلة وتسليتهم، وهى رسالة أحترمها بشدة.

وهو الرأى ذاته الذى يشترك به الكاتب الروائى أحمد مراد الذى أجاب عن مجموعة أسئلتنا بأن الفنون تسير فى خطين؛ خط التسلية والترفيه عن النفس وتجسيد الصور الجميلة والبيوت الفخمة والملابس الثمينة، وخط الكدح والعناء والقلق، كذلك خط الحياة السوية وخط الأمراض والعقد النفسية والاجتماعية، بل الجرائم بمختلف صورها وأشكالها.. فتلك هى الحياة فوق وتحت.. هل نصور فوق فقط هل نجسد فى كتابتنا وأفلامنا الصح فقط والعدل فقط والمثالية الكاملة فقط.. هل هكذا نرتقى.. هل هناك حقًا من يؤمن بأن التجميل والنفاق الفنى يرشدنا إلى الواجهة التى نرجوها؟! فمن يصدق ذلك فإنه أحمق بصدق!

الفن للفن
وأخيرًا ترى الفنانة إلهام شاهين أن الفن فن، وللسينما سحر خاص لا واسطة ولا وسيط ولا رقيب على الفنون، يؤسفنى أننا ما زلنا نبحث فى ماهية الفن.. يؤسفنى أن أصبح المتلقى العربى هشا لا يعى ولا يفهم بصدق ما يُصور له من خلال الأعمال الفنية، وعن نفسى أرى كل يوم أن مستقبل الفن المصرى بخير بشبابه وبالصُناع القدامى والجدد.. فمصر بلد فنى متأصل كانت وما زالت وستبقى أم الدنيا بفنها الجميل.

 

نقلًا عن العدد الورقي…،

الجريدة الرسمية