رئيس التحرير
عصام كامل

ما هذا التبجح؟!

إنه أمر مضحك أن يتبجح صناع القبح والرذيلة دفاعًا عن أعمالهم الهابط  السافلة بحجة بالية عفا عليها الزمن مفادها أن الفن والدراما انعكاس لواقع المجتمع.. أليس ذلك عذرًا أقبح من ذنب.. فمن قال إن كشف العورات فنٌ وترويج السفالات إبداع.. أين مصلحة الناس في تجسيد القبح وإشاعة الرذائل وتصويرها وكأنها أمر عادي لا غضاضة في القبول به والتعايش معه.. أي فائدة يرجوها هؤلاء غير جرجرة المجتمع لقاع الانحطاط والسفالة وإلهاء الجيل الجديد بالرذيلة وتشويه عقله ووجدانه..

 

أين رسالة التنوير فيما يقدمون.. أين إيقاظ الوعي وشحذ الهمة ومناصرة الوطن في هذا الإسفاف.. كيف يتحصن العقل وهو محاط بكل هذا الاستهداف المنظم الناعم الذي يتسلل في غفلة من ضمير أصحاب هذا الفن الرديء إلى صغارنا فتتفتح أعينهم على سفاهة وسفالة وانحطاط.. ماذا نتوقع من أجيال هذا وجدانها وعقلها وثقافتها وسلوكها.

 

الحروب الجديدة 

 

الفن الهادف يقدم قدوة ملهمة في العلم والعمل النافع.. الفن الراقي يحصن الفكر والوعي والإرادة.. أما الرديء الهابط فهو يسلب من أبنائنا عقولهم وضميرهم ويجعلهم أداة طيعة ومعاول هدم بيد أعدائنا وبذلك يشاركون بقصد أو دون قصد في إسقاط دولهم من الداخل دون أن يطلق أعداؤها رصاصة أو قنبلة.. فكيف يجهد الأعداء أنفسهم للتآمر علينا وقد نجحوا نجاحًا باهرًا في جعل شبابنا المحتل عقليًا وفكريًا عدوًا حتى لنفسه؟!

 

الحروب الجديدة على مصر والعرب تتخذ أشكالًا عديدة، أخطرها حرب الدراما والسينما؛ فمن بعد العري والانحطاط اللفظي تسلل الترويج للشذوذ وتبرير الخيانة بحسبانهما سلوكًا بشريًا يمكن التسامح معه والتعاطف مع مرتكبيه دون ملامة ولا وخزة ضمير.. الأمر الذي يدق ناقوس خطر ينبه المسئولين أن عليهم التنبه لخطورة الرسالة الإعلامية الهابطة والمفخخة التي تقتل ببطء وتتسلل في نعومة وخبث لوجدان وعقول الشباب والصغار لتسلبهم الإرادة والضمير.. كفانا ما نرى من أفلام ومسلسلات تعلى جرائم القتل والحرق والتآمر والتفكك الأسري والسرقة والرشوة والإساءة لرموز الدولة ومؤسساتها.. ثم يأتي أطفالنا وشبابنا بعد مشاهدتها ليقلدوها في حياتهم مرتكبين جرائم يندى لها الجبين.

 

 

ولا يظن ظانٌ أنني أدعو لتقييد أو منع الأعمال الفنية الهابطة؛ فذلك أدعى لزيادة انتشارها؛ فالممنوع مرغوب.. لكن لا أقل من التصدي لها بقوة القانون والقلم والتوعية وتفنيد محتواها.. وليعلم صناعها أنهم بتلك الأعمال يتماهون مع مخططات إسقاط مصر والدول العربية عبر نشر الفتن والجدل والانقسام والتفاهة والإلهاء وتوهين العزائم وتشويش العقل.

الجريدة الرسمية