رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مدبولي: إني لا أكذب ولكني أتجمل ( 3 )

استكمالا للتعليق على حوار الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وتصريحاته خلال الحوار الذي أجرته معه قناة BBC  "عربي" على هامش إنعقاد الدورة الرابعة من منتدى شباب العالم، ضمن برنامج بلا قيود، وقد تفضل سيادته بذكر محاسن صندوق النقد الدولي، وأنه المرجع لمصر في سبيل تطوير وتحسين اقتصادها، لكن في حقيقة الأمر هذا الصندوق لا يعمل كما تحدث رئيس الوزراء بل بالعكس تماما، فهو صندوق مسيس يعمل لصالح أمريكا وإسرائيل فيضر بمصالح الدول لصالح ما تريده إسرائيل..

 

فحسب الخبير الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد السابق بجامعة عمان أحمد عبدالجواد، وهو موظف سابق لدى صندوق النقد الدولي، يضع صندوق النقد شروطًا مقيدة لمسألة دعم الدول للسلع الأساسية، في الدول التي تعاني معدلات كبيرة من البطالة والفقر، وبالتالي تتخلى الدولة عن مسؤولياتها تجاه المواطنين، وتستبدل مسؤوليتها عن المواطن بمسؤوليتها عن سداد القروض، ما يخلق حالة من تردي الحالة الصحية والغذائية، وتردي جودة التعليم والقدرة على تكفل المواطنين بمصروفاته.. 

 

قتل الطبقة الفقيرة

 

وهذا الأمر الذي ذكره عبد الجواد منذ سنوات هو بالفعل ما حدث في مصر من تخلي الدولة عن مسؤولياتها تجاه فقراء المواطنين، ونجد الحكومة تتحدث عن أنه لا يوجد في العالم دولة تقدم سلعة بأقل من ثمنها أو خدمة بأقل من قيمتها، وهذا الذي قالته الحكومة غير صحيح، فكم من دول بالعالم لا تتخلى عن مسؤوليتها مطلقا تجاه حالات المواطنين الحرجة، فنجد تلك الدول، ومنها الإفريقية والعربية، تقدم مرتبا للبطالة وتقدم رعاية صحية مجانية على أعلى مستوى، وتقدم دعما للأطفال المحتاجين الخ.. فليس صحيحا ما قالته الحكومة إذا، وإنما الحكومة كل ما تريده أن تطبق خطوات صندوق النقد حرفيا والذي يستهدف قتل الطبقة الفقيرة وزيادة ثراء الأغنياء لتتفكك الدولة.

 

وكما يقول الخبير الاقتصادي أن صندوق النقد الدولي في الأساس هو وكالة متخصصة من وكالات منظومة الأمم المتحدة، أنشئ بموجب معاهدة دولية عام 1945 للعمل على تعزيز سلامة الاقتصاد العالمي، ويتمثل دوره في: منع وقوع الأزمات الاقتصادية والمالية، وليحقق ذلك يقوم بمتابعة الاقتصادات الخاصة بكل دولة، والاقتصاد العالمي، وإقراض البلدان الأعضاء التي تمر بمشكلة لتيسير قيامها بالتصحيح، ومساعدتها في علاج المشكلات الاقتصادية الطويلة الأجل، من خلال الإصلاحات. 

 

ولكن صندوق النقد خرج كثيرًا عن هذا النهج، من خلال المتابعة بشكل خاطئ، أو فرض شروط تؤدي بضرورة الحال إلى أزمات أكبر، وليس أدل على ذلك من القرض الذي منحه الصندوق لكل من مصر والعراق في منتصف تسعينيات القرن الماضي، حينما فرض "روشتة" للإصلاح الاقتصادي تتضمن خصخصة القطاع العام، وكانت النتيجة -بخلاف الفساد- هي تزايد البطالة والفقر، بعد خسارة أعداد كبيرة من المواطنين لوظائفهم في كلا البلدين. 

 

لعنة صندوق النقد

 

فالصندوق، الذي تسهم الولايات المتحدة الأمريكية، بالنصيب الأكبر فيه، حيث تبلغ حصتها نحو 17.6% من إجمالي الحصص، ربما اعتبرته بعض الدول وسيلة لتجاوز عثرات مؤقتة، ولكنه بالتأكيد كان لعنة على دول أخرى، ولعل أبرز هذه الدول كانت اليونان والبرازيل وغانا وزامبيا وتركيا، على الرغم من أن بعض هذه الدول أصبحت كيانات اقتصادية محترمة في الوقت الراهن، لكنها عندما اقترضت من الصندوق، تسببت في كوارث كبرى.

 

والبرازيل على سبيل المثال، مع بداية الثمانينيات، حصلت على قرض من صندوق النقد، وبالفعل نفذت شروطه، اعتقادًا في الوصول إلى حل لأزمتها الاقتصادية، ولكن ما لم يكن بالحسبان هو أن هذه الشروط أدت إلى تسريح ملايين العمال، وخفض أجور باقي العاملين، بخلاف إلغاء دعم طلاب المدارس. ووصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي على الدولة أن تضيف إلى دستورها مجموعة من المواد، تسببت في اشتعال الأوضاع السياسية الداخلية. 

 

وعلى الرغم من أن الأزمة استمرت 12 عامًا، لحين تمكن البرازيل من سداد القروض بالكامل، إلا أن أثارها امتدت، وأصبح 20% فقط من البرازيليين يمتلكون نحو 80% من أصول الممتلكات، و1% فقط يحصلون على نصف الدخل القومي، وهو ما أدى إلى هبوط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، نتيجة أن نصف الشعب أصبح يتقاضى أقل من نحو 80 دولارًا شهريًا، الأمر الذي دفع البرازيل إلى الاقتراض من الصندوق مرة أخرى بواقع 5 مليارات دولار، للخروج من الأزمة.

 

تقشف اليونان

 

الأزمة نفسها تكررت مع اليونان، التي بدأت مؤسسات التمويل الدولية -عقب انضمامها لمنطقة اليورو- إقراضها لدفع عجلة التنمية فيها، وكانت القروض بمعدلات فائدة منخفضة، ولكن لم يكن الوضع قابلا للاستدامة، حيث واصلت نسبة الدين للناتج المحلي الإجمالي الارتفاع حتى تفاقمت الأزمة الاقتصادية عام 2009، ما دفع صندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، لتقديم قرض لليونان بلغ 110 مليار يورو لإنقاذها من الإفلاس. 

 

واشترط الصندوق على اليونان اتخاذ مجموعة من الإجراءات التقشفية، مثل تحقيق فائض الإيرادات عن النفقات، مخصوم منها الفوائد المستحقة على الديون، ما أدى إلى فشل اليونان في سداد ديونها، وتزامن ذلك مع وصول نسبة ديون الناتج المحلي إلى 175% عام 2015، وارتفعت معدلات بطالة لأكثر من 25%، الأمر الذي تسبب في اضطرابات سياسية كبيرة، وبعدها اعترف المسؤولون في صندوق النقد، بأن اليونان وضعت نهاية لنظرية التقشف كوسيلة لسداد الديون. وبعدها أعلن صندوق النقد، أن اليونان عجزت عن سداد ديونها للصندوق، ولم تتمكن من دفع نحو 1.5 مليار يورو كانت مستحقة عليها في ذلك الوقت، لتصبح أول دولة متطورة تراكم مبالغ متأخرة ولم تعد قادرة على الاستفادة من الموارد المالية لهذه المؤسسة الدولية. 

 

 

وفي غانا، اتخذت الشروط شكلًا مختلفًا، حيث اشترط الصندوق على الدولة رفع التعريفة الجمركية عن السلع الغذائية المستوردة، وفور تلبية غانا لهذا المطلب، أغرقت المنتجات الأوروبية الأسواق الغانية، ما تسبب في كارثة للفلاحين هناك، الذين جاءت الأغذية الأوروبية بأسعار أقل من ثلث السعر المحلي، وفي الوقت نفسه لم يستطع البنك الدولي وصندوق النقد أن يفرضا على المجموعة الأوروبية تقليل الدعم لمنتجاتها الزراعية التي تصدرها للعالم الخارجي بأسعار منخفضة. وللحديث بقية إن شاء الله

Advertisements
الجريدة الرسمية