رئيس التحرير
عصام كامل

بيزنس أطباء العظام.. مرضى الكسور تحت رحمة سماسرة العمليات الجراحية.. والضحايا في ازدياد

مرضى الكسور تحت رحمة
مرضى الكسور تحت رحمة سماسرة العمليات الجراحية

«العظم يلحم».. جملة دارجة بين أطباء جراحة العظام تتردد دائمًا على مسامع المرضى المترددين على المستشفيات وأقسام جراحة العظام ممن تعرضوا إلى حوادث كسر فى عظام الجسم.

 

عدة وقائع مختلفة لمرضى ترددوا على مستشفيات حكومية كانوا يعانون من كسر ويحتاجون إلى جراحة لإصلاح الكسر وتركيب شرائح ومسامير، إلا أن ظروفهم المالية لا تسمح بدفع تكاليف العملية، خاصة أن جراحات العظام تعتبر من الجراحات ذات التكاليف المرتفعة نسبيًّا نظرًا لأنها تحتاج إلى مستلزمات طبية مرتفعة الثمن وأغلبها مستوردة من الخارج.

 

مآسي المرضى

«يوسف» شاب يبلغ من العمر ١٨ عامًا تعرض لكسر في القدم نتيجة اللعب بكرة القدم مع أصدقائه وذهب فور وقوع الكسر إلى مستشفى حكومي متخصص في جراحة العظام، وبعد الكشف عليه في الطوارئ أخبرهم الطبيب بأنه يحتاج إلى عملية جراحية ويجب إجراؤها دون انتظار.

 

أهل يوسف سألوا فى حسابات المستشفى، ووجدوا أن تكلفة العملية تصل إلى ١٠ آلاف جنيه، عاد يوسف إلى الطبيب لإمكانية عمل قرار بالعلاج على نفقة الدولة، إلا أن الطبيب قال لهم قرار العلاج سوف يستغرق وقتا بين أسبوعين أو شهر والعملية يجب إجراؤها وإلا "العظم هيلحم"، وما كان أمام يوسف إلا عمل العملية ودفع التكلفة.


الواقعة حدثت بالفعل، وتحدث يوميًّا مع نماذج كثيرة مثل يوسف، وتتحايل المستشفيات على المرضى الذين لديهم عظام مكسورة تحتاج لعملية بحجة العظم يلتئم على الرغم من وجود قرار وزاري من وزير الصحة بأن المستشفيات لا يجب عليها أن تنتظر انتهاء قرار العلاج على نفقة الدولة، وأنها يجب إجراء الجراحة لأي مريض واستكمال الإجراءات الإدارية بعد ذلك، فضلًا عن أن قرار العلاج على نفقة الدولة - وفقا للمعلن من الجهات الرسمية وفى الإعلام- أنه لا يستغرق أكثر من ٤٨ ساعة ويصدر القرار، ولكن ما يحدث في الواقع عكس ذلك. 

 

فالمستشفى تؤخر إرسال تقارير اللجان الثلاثية إلى المجالس الطبية المتخصصة، فضلًا عن مرور الأوراق بلجان طبية، ويمكن أن يستغرق أسبوعًا أو أكثر، وأحيانًا مع نقص الأوراق اللازمة للمريض يمكن أن يستغرق أسبوعين، فضلًا عن وجود قرار من رئيس الوزراء منذ عام ٢٠١٤ يجبر جميع المستشفيات سواء حكومية أو خاصة بأن تستقبل جميع المرضى في الطوارئ وتجري أي عملية طارئة مجانًا أول ٤٨ ساعة، ولا يتم رفض أي مريض أو نقله إلى مكان آخر لحين علاجه، ولكن ما يحدث على أرض الواقع مخالف للقرارات الوزارية.

 

العظم يلحم

العمليات الجراحية المتخصصة في جراحات العظام لإصلاح الكسور وأنواع الكسور، وما إذا كانت تحتاج إلى جراحات طارئة أو يمكن أن تنتظر، وأى مدة يمكن أن ينتظرها المريض حتى لا يتعرض إلى مضاعفات، وماذا يعنى مصطلح "العظم يلحم" التى تتردد دائما، يوضحها الدكتور مصطفى عشوب الأستاذ المساعد بجراحة العظام بكلية الطب جامعة عين شمس، مشيرا إلى أن حالات الكسور مختلفة ومتعددة، ولها أنواع منها ما هو طوارئ وعاجل يجب أن يتم إصلاحه فى نفس يوم وقوع حادثة الكسر، ومنها ما هو غير طارئ يمكن أن ينتظر ٣ أيام على الأكثر لحين تحضير المريض.

 

وأشار في حديثه لـ«فيتو» إلى أن أي حالة طوارئ، سواء ترددت على مستشفى حكومى أو خاص أو تبع أي جهة، عليها أن تقوم بإجراء العملية فى وقتها، وفقا لقرار رئيس الوزراء بعلاج حالات الطوارئ مجانا دون انتظار أي إجراءات إدارية أو دفع أموال.

 

وأضاف أنه ليس كل الكسور تُعامَل معاملة الطوارئ، أي أنها ليست عاجلة، حيث توجد أنواع كسور إذا لم يتم تثبيتها لن يحدث أذى للمريض، بينما توجد كسور أخرى الطبيب مجبر على إجراء جراحة عاجلة لها، وبعد تثبيت الكسر يخرج المريض ولا يمكن تحويله لمكان آخر، وطالما دخل المستشفى طبقا للقانون يجب العلاج مجانا، ولا يمكن أن يتم إخراجه من المستشفى بحجة أنه ليس معه أموال.

 

وتابع حديثه بأن الكسور تقسم إلى: كسور مفتوحة، أي أن الكسر معه جرح يُرى بالعين المجردة والعظم واضح وظاهر فى الجرح ويكون فيها الجلد مفتوحا إلى العظم ويسمى كسرا مفتوحا، أما النوع الثانى هو الكسر المغلق، أي أن الجلد مغلق عليه والعظم مكسور فى الداخل، وكل منهم له معاملة مختلفة.

 

وأوضح أن الكسر المفتوح يجب تثبيته، ويعتبر من الكسور العاجلة والطارئة، ولا يمكن الانتظار فيها، ولا يمكن تركه فترة كبيرة؛ لأنه يفتح ويكون عرضة للتلوث أكثر من الكسور المغلقة، خاصة إذا كان العظم واضحا من خلال الكسر، ولا يمكن نقل المريض أو تأجيله.

 

وأشار إلى أن تلك الكسور تخضع لإجراءات معينة، حيث يجب تثبيت الكسر ولا ينتظر.

 

طرق التثبيت

وتوجد عدة طرق للتثبيت، منها تركيب شرائح ومسامير، أو مسمار نخاعي حسب مكان الكسر، وأي نوع من العظم وأي جزء، وكذلك عمر المريض وشكل الكسر في الأشعة وبعض أنواع الكسور تحتاج إلى تغيير مفصل، أو يوجد كسر في أي أكثر من عظم في الجسم.

 

وأضاف أنه ليس كل كسر يحتاج إلى عملية، فيمكن الاكتفاء بعمل جبيرة أو جبس حسب الكسر في الجسم، واستكمل حديثه بأن أخطر أنواع الكسور الذى يكون مصحوبًا بمشكلة في الأوعية الدموية وإصابة في الشرايين والأوردة للجسم، ويجب إجراؤه عاجلًا حتى لا يسبب غرغرينا أو بتر، لذا يجب بسرعة إصلاح الكسر والأوعية لكي تعمل وإصلاح الشريان.

 

وأوضح أن من ضمن العمليات العاجلة الكسر في العمود الفقري الذي يكون ضاغطًا على الأعصاب والأطراف السفلية مما يمثل خطرا وإمكانية حدوث شلل دائم، لذا لو تم تثبيت الكسر سريعا وإزالة الجزء من الأعصاب الضاغط على الأطراف وإنقاذ المريض من الشلل.

 

وأشار إلى أن أي جراحة غير ذلك تعتبر غير عاجلة، ومثلا لو كسر فى عظمة واحدة ومغلق والمريض حالته الصحية بشكل عام جيدة يمكن تأجيله ولكن أقصى مدة ٣ أيام، ويجب تقييم المريض عامة وقياس الضغط ومعدل التنفس والنبض والإفاقة، كما أن نقل المريض يجب أن يكون فى سيارة إسعاف مجهزة ومسعف ملم بالأمور حتى لا يتحرك الكسر.

 

وأشار إلى أنه لا يمكن الانتظار مدة أسبوعين على الكسر لأنه يمكن أن يلتئم فى الوضع الخطأ أو«يلحم خطأ» ويسبب اعوجاجا في شكل العظام، وقصرا في القدم، وإعاقة دائمة.

 

وأضاف أنه بسبب إجراء العملية بعد فترة يكون مطلوبا من الطبيب كسر العظم من جديد لكى يتم تعديل الكسر، وتكون عملية أكبر وأصعب، ولا أحد ينتظر أسبوعين أو ١٠ أيام على الكسر، وأقصى مدة فى الانتظار ٣ أيام يتم فيها تحضير المريض من تجهيز دم وتخدير والمستلزمات المستخدمة، بينما الجراحة الطارئة تكون فى نفس اليوم.

 

وأضاف أن مضاعفات الانتظار هى التئام الكسر خطأ أو حدوث ضمور العظام أو جلطات من عدم الحركة.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية