رئيس التحرير
عصام كامل

نائب وزيرة التخطيط: الدول العربية واجهت العديد من التحديات التنموية

افتتح الدكتور أحمد كمالي نائب وزيرة التخطيط احتفالية إطلاق الإصدار الخامس لتقرير التنمية العربية بعنوان " مديونية الدول العربية: الواقع والمخاطر وسبل المواجهة"، بالتعاون بين معهد التخطيط القومي والمعهد العربي للتخطيط بالكويت، بحضور د.علاء الدين زهران رئيس معهد التخطيط القومي، د.بدر عثمان مال الله مدير عام المعهد العربي للتخطيط  بالكويت، د.أشرف العربي وزير التخطيط الأسبق، مستشار هيئة التحرير ورئيس الجلسة.


قال الدكتور أحمد كمالي نائب وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في الكلمة التي ألقاها نيابة عن د.هالة السعيد وزيرة التخطيط إن الإصدار الخامس لتقرير التنمية العربية يناقش قضية تنموية محورية وهي: مديونية الدول العربية: الواقع والمخاطر وسبل المواجهة، موضحًا أن قضية المديونية ترتبط بالقضية الأشمل والأعم وهي قضية التنمية بأبعادها المختلفة خصوصًا فيما يتعلق بتوفير التمويل اللازم لمشروعات وبرامج التنمية، متابعًا أنه كما هو معلوم عادة ما تلجأ الدول المتقدمة والنامية على حد سواء للاستدانة كأحد المصادر لتمويل عملية التنمية لعدم كفاية المدخرات المحلية في مقابل الاحتياجات المتزايدة من متطلبات الاستثمار والانفاق العام.

وأضاف كمالي أن الإطار الدولي للمديونية يشير إلى تطورها على المستوى العالمي في أعقاب الأزمة المالية العالمية وحتى عام 2019، حيث تزايد حجم المديونية العالمية على مستوى القطاعات الاقتصادية كافة خلال العقد الأخير لتسجل 255 تريليون دولار بما يعادل ثلاثة أضعاف الناتج المحلي الإجمالي العالمي للعام ذاته. 

إحصاءات الدين 


وتابع كمالي أنه وفقًا للتقرير العالمي لإحصاءات الدين 2022 الصادر عن البنك الدولي فقد بلغ إجمالي حجم الدين الخارجي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 370 بليون دولار في 2020 مقارنة بحوالي 350 بليون دولار في 2019، وهو الأمر الذي نتج بلا شك عن اضطرار الدول للاقتراض للتعامل مع الآثار الناتجة عن جائحة كورونا، موضحًا أنه بالنسبة للدول العربية، فمن المؤشرات المهمة التي تضمنها التقرير أنه على الرغم من الزيادة في القيمة المطلقة لمديونية الدول العربية بمتوسط معدل نمو قدره 6% سنويًا، فإن نسبة هذه المديونية للناتج المحلي الإجمالي انخفضت من 47.5% في عام 2005 إلى 43.5% فقط في عام 2018، بمتوسط معدل سالب قدره 0.6% سنويا خلال نفس الفترة وهو ما يرجع بالأساس إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي للدول العربية بمعدل أكبر من معدل الزيادة في الدين.


وفيما يتعلق بالهيكل النسبي للدين أشار كمالي إلى أن يتضح أن الجانب الأكبر من قيمة الدين العام في الدول العربية على مدار الفترة من 2005 وحتى 2018 يتركز في الدين المحلي، الذي أخذت نسبته لإجمالي الدين في الارتفاع لترتفع من 60.8% عام 2005 إلى 79.5% عام 2015 إلى أن تراجعت نسبيًًا إلى نحو 73.6% عام 2018.  

الدول العربية

وأردف كمالي أن الدول العربية واجهت العديد من التحديات التنموية التي أدت إلى أعباء إضافية في مستويات المديونية نتيجة تداعيات جائحة كورونا، حيث حدثت زيادة كبيرة في حجم الاقتراض، وقد لجأت معظم الدول إلى تبني حزم واسعة للتحفيز المالي، الأمر الذي أدى إلى توسع العديد منها في الاقتراض، لتعويض النقص الحاد في موارد النقد الأجنبي لدى الغالبية العظمى من الدول، مضيفًا أن  هناك كذلك عوامل أخرى أدت إلى زيادة المديونية تتضمن التراجع الحاد في أسعار وعوائد البترول وتوقف حركة السياحة والطيران والنقل البحري وتراجع تحويلات العاملين إضافة إلى تدهور الأداء الاقتصادي والانخفاض الكبير في حجم الصادرات في العديد من تلك الدول.

الإصلاحات الهيكلية

 

وأضاف كمالي أن من المعالجات المقترحة للتعامل الفاعل مع قضية المديونية وفقًا لما أشار اليه التقرير في حالة الوطن العربي هي الحاجة لمزيد من الإصلاحات الهيكلية وبشكل خاص في مجالات زيادة الإيرادات وقيمة الصادرات خاصة في القطاعات الإنتاجية كالصناعات التحويلية والزراعة وأية قطاعات أخرى تتميز بها دول عن غيرها، موضحًا أنه لن تتأتى إلا من خلال تقوية دعائم النمو الاقتصادي، والذي يتطلب توجيه أغلب موارد الدين العام نحو تمويل الاستثمار بصفة أساسية، مع تأسيس آليات لدعم التحول الهيكلي، لاستحداث هياكل وأنشطة جديدة ذات قيم مضافة مرتفعة بما يدعم تحسين الإنتاجية والنمو المستدام.

 

وأوضح كمالي أن هناك حاجة إلى تحقيق الانضباط المالي إلى جانب الحاجة إلى تنفيذ الإصلاح الهيكلي الداعم للنمو، وذلك من خلال التحكم في مستويات عجز الموازنة والدين العام وتعبئة وتحصيل الموارد العامة من ناحية، وتخصيص تلك الموارد فيما بين المجالات المختلفة لتحقيق الأولويات التنموية وحوكمة إدارة الدين، وتطوير البدائل غير التقليدية لتمويل التنمية، فهي بالفعل مقترحات جديرة بالاهتمام والتنفيذ.

 

وأشار د.أحمد كمالي إلى تجربة مصر التي بدأت تؤتي ثمارها في تنفيذ مقترحات معالجة مشكلة المديونية وانعكاساتها الإيجابية على مؤشرات الاقتصاد المصري، مستعرضًا أهم ملامح التجربة من خلال تنفيذ برنامج الإصلاحات الهيكلية ضمن البرنامج الوطني للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي، موضحًا مراعاة مصر في تجربتها التنموية في الأعوام السبعة الأخيرة ضرورة أن يتضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي إلى جانب عملية التثبيت عملية إصلاح هيكلي، متابعًا أن مصر لديها تاريخ كبير فيما يخص التثبيت الاقتصادي.


واستطرد كمالي أن الدولة تستكمل هذه الإصلاحات من خلال تنفيذ البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية  والذي يستهدف تحويل مسار الاقتصاد المصري ليصبح اقتصادًا إنتاجيًا يرتكز على المعرفة ويتمتّع بقدرات تنافسية في الاقتصاد العالمي.

وزارة التخطيط


وتابع كمالي أنه بالتوازي لجهود الإصلاح الهيكلي فإن الدولة تعمل من خلال وزارة التخطيط على تحسين إدارة الاستثمار العام بما يعظم الاستفادة من الموارد المتاحة، وتوجيه الخطة الاستثمارية تجاه أولويّات عمل الدولة المصرية لتحسين جودة حياة المواطنين والارتقاء بمستوى الخدمات، وتقليل الفجوات التنموية بين الأقاليم والمحافظات المصرية، موضحًا أنه تحقيقًا لذلك حرصت الوزارة من خلال خطة عام 21/2022 على استمرار الطفرة المُحققة في الاستثمارات العامة، حيث قُدِّرَ حجم الاستثمارات العامة في هذا العام بنحو 933 مليار جنيه بنسبة 75% من الاستثمارات الكلية وبنسبة زيادة 535% مقارنة بعام 14/2015، كما شَهد عام 21/2022 ولأول مرّة تجاوز الاستثمارات الكلية حاجز التريليون جنيه  تأكيدًا لعزم الحكومة على ضَخ استثمارات ضخمة لتحريك الاقتصاد بخُطى مُتسارعة.

الجريدة الرسمية