رئيس التحرير
عصام كامل

نار الأسمدة.. بعد توجيهات الرئيس.. تحركات لتأمين الاحتياجات للفلاحين.. وتوسعات زراعية جديدة

أسمدة
أسمدة

يعاني العالم من أزمة طاحنة بسبب ندرة الأسمدة نتيجة الارتفاع الكبير فى أسعار الغاز وتوقف مصانع كبرى فى العالم عن الإنتاج، وهو ما يهدد بظهور أزمات غذاء فى عدد من دول العالم التى قد تتأثر الإنتاجية الزراعية فيها بسبب قلة الأسمدة المطروحة فى الأسواق.

ويعاني الفلاح المصرى من انعكاسات تلك الأزمة خلال الشهور الأخيرة الماضية، خاصة مع انطلاق موسم زراعة القمح خلال الأيام الماضية، إلى جانب الاحتياجات السمادية الملحة لمحصول بنجر السكر، وهما محصولان يمثلان أهمية إستراتيجية كبيرة، وفاقم توغل السوق السوداء فى سوق الأسمدة إلى رفع الأسعار لمعدلات قياسية لم تحدث من قبل.

 

توجيه رئاسي

الأزمة استدعت تدخلا من الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي عقد اجتماعًا موسعًا مؤخرًا مع الأطراف المعنية فى الدولة بصناعة الأسمدة ومنظومة توزيعها للنظر فى كيفية تحقيق الاستدامة الكاملة والوفرة من الأسمدة الضرورية لزيادة الإنتاجية الزراعية، ووجه رئيس الجمهورية بتأمين الاحتياجات الحالية والمستقبلية من الأسمدة، وسرعة الصرف للفلاحين، والعمل على عدم وجود أية مشكلات فى توفير الأسمدة بمصر.

وكشفت الأزمة عن تراجع الرقابة على سوق الأسمدة إلى جانب تراجع دور وزارة الزراعة فى عملية فرض توريد حصتها المدعمة لصالح الفلاحين من الشركات الـ7 الكبرى المصنعة للأسمدة الأزوتية فى مصر.

وقالت مصادر رفيعة المستوى بوزارة الزراعة: إن الوزارة سعت بكل قوة إلى إيجاد حل توافقى لتوفير الأسمدة فى الأسواق المصرية بشكل يسير لصالح الفلاح المصرى ومقتضيات الأمن الغذائى، وأن أول الحلول كانت فى رفع سعر طن الأسمدة الأزوتية المدعمة من 3300 إلى 4500 جنيه بما يخدم منظومة الإنتاج الزراعى بالكامل، حيث يأتى ضمن إجراءات توفير الأسمدة فى السوق بأسعار عادلة بالنسبة للمزارعين وللشركات المصنعة التى توقفت عن توريد حصتها إلى الوزارة بسبب خسائرها المستمرة بعد ارتفاع تكلفة الإنتاج إلى أكثر من 4 آلاف جنيه للطن الواحد، فى حين أن السعر السائد فى السوق العالمى يصل إلى 14 ألف جنيه للطن، وبالتالى لا يمكن إجبار الشركات على التوريد بأقل من سعر التكلفة الذى ارتفع نتيجة ارتفاع أسعار الغاز عالميًا.

 

المصانع المحلية

وأكد المصدر أن المصانع المحلية وجدت فرصة جيدة لتحقيق أرباح كبيرة من التصدير فى ظل تراجع الإنتاج العالمى، حيث سجلت بعض المناقصات الموجهة من الشركات المصرية إلى دولة الهند قرابة 800 دولار للطن، وهو سعر يزيد على السعر المحلى المدعم بأكثر من 7 آلاف جنيه، وبالتالى لا يمكن إجبار المصانع المصدرة على توجيه إنتاجها بالكامل للسوق المحلية وترك الربح الجاهز والكبير فى الأسواق الخارجية، كما يجعل هذا السعر إمكانية تحرير سعر الأسمدة أمرًا مستحيلًا فى الفترة الراهنة نظرًا لعدم جدوى سعر السماد المحلى بعد تحريره أيضا مع الأرباح المنتظرة من التصدير.

وتوصلت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى مع مصانع الأسمدة إلى اتفاق يشبه المقايضة، يشمل أن تمنح وزارة الزراعة خطابات الموافقة على التصدير فى حدود 35% من إنتاج المصانع مقابل ضخها لـ55% من إنتاجها بالأسعار المدعمة إلى السوق المصرية، لإحداث حالة من الوفرة فى السوق وحل الأزمة.

ومن جانبه أعلن الاتحاد التعاونى الزراعى المركزى، أن أزمة الأسمدة الحالية لا تتعلق بتراجع إنتاج المصانع المصرية التى تعمل بكامل طاقتها، وأرجع الاتحاد الأزمة إلى ضعف التنسيق بين الجهات المعنية بوزارة الزراعة مع الجمعيات الزراعية وبطء عملية تفعيل منظومة كارت الفلاح.

وقال خالد حماد، مدير عام الاتحاد التعاونى الزراعى: إن الاتحاد تقدم بمذكرة إلى مجلس النواب يكشف فيها الأسباب الحقيقة التى تعوق وصول الأسمدة إلى المزارعين بشكل كامل، خاصة أن المخازن الخاصة بالجمعيات يوجد بها المقررات السمادية المطلوبة لكن ما يعوق تسليمها هو قواعد الصرف التى وضعتها وزارة الزراعة بتسليم المزارعين 50% من المقررات إلى جانب غياب التنسيق بين الإدارات الزراعية والإدارة المركزية للتعاون فى الوزارة، وهو ما يؤدى إلى تفعيل 20% فقط من الكروت المسلمة من كارت الفلاح ويعطل عملية الصرف للمزارعين، فى وقت هم فى أمس الحاجة إلى الأسمدة لإنقاذ مزروعاتهم من تراجع الإنتاجية فى ظل انخفاض أسعار المحاصيل الزراعية فى الأصل، وهو الأمر الذى اصطدم أيضًا برفع أسعار الأسمدة مؤخرًا ليزيد التكلفة على المزارعين.

 

البدائل

وفى السياق ذاته، طالب الدكتور محمد يوسف أستاذ المكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق بضرورة إيجاد بدائل للأسمدة الأزوتية فى ظل الأزمة التى تشهدها الزراعة فى الوقت الحالى واختفاء هذه الأسمدة من الأسواق، ولفت إلى أن العودة للمكونات الطبيعية دون الكيمائية فى الزراعة يعمل على زيادة الإنتاجية وحماية صحة المواطنين من الآثار السلبية للتسميد الخاطئ بالأسمدة الكميائية.

ولفت إلى أن أقسام ومعاهد البحوث الزراعية فى وزارة الزراعة والجامعات المصرية لديها الكثير لتقدمه فى هذا المجال، إذ إن الأسمدة البلدية والعضوية بشكل عام بعد إضافة مكونات طبيعية أخرى قادرة على زيادة الإنتاجية 25% عن غيرها من الأسمدة العضوية، مؤكدًا أنه يجب التوجه الآن إلى الخلطات الطبيعية التى توفر العناصر الأساسية من الغذاء اللازم للنبات من النيتروجين والفوسفور والبوتاسيوم.

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية