رئيس التحرير
عصام كامل

أبعد من قرداحي.. الأزمة الحقيقية في العلاقات بين السعودية ولبنان

السعودية ولبنان
السعودية ولبنان

تعد أزمة تصريحات وزير الإعلام اللبناني والإعلامي الشهير جورج قرداحي بمنزلة القشة التي قسمت ظهر البعير بعدما أعلنت السعودية ومن ورائها دول مجلس التعاون الخليجي سحب سفرائها من لبنان في تصعيد غير مسبوق بين المملكة وبيروت. 

جورج قرداحي

فيما أكد خبراء أن ما يجري بين لبنان والسعودية لا يعود فقط لتصريحات جورج قرداحي ولا لموقف الرياض منذ مدة بوقف استيراد الخضر والفواكه من لبنان بسبب "تهريب المخدرات"، بل كذلك بسبب محاولات سعودية “قديمة - جديدة” للتصدي للنفوز الإيراني في لبنان.

 

وتشهد العلاقة السياسية بين لبنان والسعودية فتورًا منذ سنوات، على خلفية تعاظم دور حزب الله، الذي تعتبره الرياض منظمة "إرهابية" تنفذ سياسة إيران خصمها الإقليمي الأبرز.

 

وفي بيانها، اعتبرت الخارجية السعودية أن "سيطرة حزب الله الإرهابي على قرار الدولة اللبنانية جعل من لبنان ساحة ومنطلقًا لتنفيذ مشاريع دول لا تضمر الخير للبنان وشعبه".

 

 إيران

ويأتي تصعيد السعودية تجاه لبنان، على وقع مباحثات منذ أشهر مع إيران، تهدف إلى تطبيع علاقتهما المقطوعة منذ أكثر من خمس سنوات وتخفيف حدة المواجهة بينهما في الشرق الأوسط.

 

والقوتان الإقليميتان على طرفي نقيض في معظم الملفّات الاقليمية خصوصا النزاع في اليمن حيث تقود الرياض تحالفًا عسكريًا داعمًا للحكومة، وتدعم طهران المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على مناطق واسعة في شمال البلاد.

 

وصعَّد الحوثيون هجماتهم مؤخرًا للسيطرة على مدينة مآرب الإستراتيجية القريبة من الحدود السعودية في تهديد خطير للمملكة الحجازية.

 

وطالبت قوى سياسية لبنانية وزير الاعلام جورج قرداحي بتقديم استقالته في محاولة لرأب الصدع مع المملكة العربية السعودية بينما يهدّد اصطفاف قوى سياسية الى جانب قرداحي، خصوصًا حزب الله لناحية عدم استقالته، مصير الحكومة التي دعا رئيسها الجمعة وزير الإعلام إلى "تقدير المصلحة الوطنية واتخاذ القرار المناسب لإعادة إصلاح علاقات لبنان العربية".

 

البنك الدولي 

ومن شأن التصعيد أن ينعكس وفق محللين سلبًا على لبنان في هذه المرحلة الحرجة، وفي وقت كانت الحكومة تتطلع فيه إلى اعادة ترتيب علاقاتها مع دول الخليج خصوصًا السعودية وتعوّل على دعمها المالي في المرحلة المقبلة، فيما تغرق البلاد في أزمة اقتصادية صنّفها البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850.

 

ويفاقم التصعيد السعودي، ما لم ينجح لبنان في احتوائه، التحديات الشاخصة أمام الحكومة التي أبصرت النور بعد عام من فراغ نجم عن انقسامات سياسية حادة، والمعطلة جلساتها أساسًا منذ أسابيع جراء اعتراض حزب الله على مسار التحقيق في انفجار مرفأ بيروت المروع ومطالبته بتنحي المحقق العدلي.

 

وكتب الباحث مايكل يونج مدير تحرير في مركز مالكوم كير- كارنيجي للشرق الأوسط، تعليقًا على مطالبات باستقالة حكومة ميقاتي على تويتر "يحتاج لبنان إلى حكومة، ولا يكسب شيئًا بإطلاق النار على قدمه، بينما يجد نفسه في خضم صدام إقليمي". 

 

وليد جنبلاط

وطالب رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان وليد جنبلاط بإقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، قائلا: "كفانا كوارث.. أقيلوا هذا الوزير الذي سيدمر علاقاتنا مع الخليج العربي قبل فوات الأوان".

 

وتساءل جنبلاط "إلى متى سوف يستفحل الغباء والتآمر والعملاء بالسياسة الداخلية والخارجية اللبنانية؟".

 

ومن جهته أعرب وزير الاتصالات اللبناني السابق رئيس الهيئات الاقتصادية الحالي محمد شقير، عن استيائه من الطبقة السياسية في بلاده، قائلًا عبر تويتر: "لقد وقع لبنان في المحظور، فبعد سنوات من الإساءات المستمرة من مسؤولين لبنانيين تجاه السعودية ودول الخليج، طفح الكيل مع تصريحات القرداحي وعنجهيته"، وأَضاف: "يتهورون ويضربون بعرض الحائط كل الأعراف وكل ركائز العلاقات الأخوية، والشعب اللبناني يدفع الثمن".

 

استدعاء سفير السعودية في بيروت

وكانت أعلنت المملكة العربية السعودية عن استدعاء سفيرها لدى لبنان مع إمهال السفير اللبناني لدى المملكة 48 ساعة للمغادرة، مؤكدة حرصها على المواطنين اللبنانيين المقيمين في المملكة الذين تعتبرهم جزءا من النسيج واللحمة التي تجمع بين الشعب السعودي وأشقائه العرب المقيمين في المملكة، وانضم للقرار السعودي الإمارات والكويت والبحرين ليمثل القرار السعودي عزله وضغط حقيقي على الاقتصاد اللبناني.

الجريدة الرسمية