رئيس التحرير
عصام كامل

موسم الزحف إلى «التعليم الأزهري».. 69 ألف طلب تحويل من «التعليم» إلى «الأزهر».. والمشيخة تتلقى 300 ألف طلب

طلاب الأزهر
طلاب الأزهر

لسنوات طوال ظل التعليم الأزهري واحدًا من القطاعات التي تعاني عزوفًا واضحًا من جانب غالبية الأسر، في ظل ما تردد حول «صعوبة المواد» والفرص الضئيلة التي يوفرها مقابل الدرجات التي تتخطى حاجز الـ100% التي تحملها شهادات «التعليم العام»، غير أن السنوات القليلة الماضية، جاءت لتكشف ما يستحق أن يوصف بـ«الانقلاب التعليمي»، وهو ما تكشفه معدلات الطلبات المتزايدة التي يتلقاها «التعليم الأزهري»، من أولياء أمور يرغبون في تحويل أبنائهم من مدارس التربية والتعليم للالتحاق بالمعاهد الأزهرية.


«خطط التجريب التي ينفذها طارق شوقي» سبب واحد من ضمن قائمة طويلة وضعها البعض لتبرير تزايد معدلات طلبات التحويل من «التعليم العام» إلى «الأزهري»، لا سيما أن «التربية والتعليم» شهدت خلال الفترة الماضية، وتحديدًا منذ تولي الدكتور طارق شوقي، منصبه وزيرًا للتربية والتعليم، العديد من التعديلات سواء فيما يتعلق بـ«المناهج الدراسية»، أو شكل الامتحانات، والتي كان نتيجتها نهاية زمن «مجاميع الـ 100%» الذي عاشته الثانوية العامة لسنوات طويلة. 

 

موسم الزحف


الإقبال غير المسبوق على «التعليم الأزهري» ظهر بشكل واضح منذ العام الماضي، واستمرت المعدلات في التزايد لتصل إلى أرقام قياسية هذا العام، سواء فيما يتعلق بطلبات الالتحاق بصفوف رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، أو على صعيد طلبات التحويل من التربية والتعليم إلى التعليم الأزهري، والتي سجلت قفزة تاريخية في مشوار مؤسسة الأزهر التعليمية، وذلك بعدما كان يعاني التعليم الأزهري لسنوات طويلة من حالة العزوف بل والهجوم والتجني عليه في بعض الأحيان.


ما شهدته عمليات التحويل بين التعليم العام إلى التعليم الأزهري هذا العام، عكس مدى ثقة الأسر المصرية في مؤسسة الأزهر الشريف ونظامها التعليمي الذي يتسم بالاستقرار وبعيدًا عن حالة التشتت التي باتت السمة المميزة لطبيعة الدراسة في مدارس التربية والتعليم، خاصة مع تكرار إصدار القرارات والتراجع فيها، مما أصاب أولياء الأمور بحالة من التشتت.


وبحسب ما يرى المهتمون بالشأن التعليمي فإن «زيادة الإقبال على التعليم الأزهري وكثرة عدد طلبات التحويل من التربية والتعليم إلى التعليم الأزهري، كان مصدرها الأساسي، عدم استقرار السياسة التعليمية داخل المدارس على مدار السنوات الماضية، خاصة وأن حالة التذبذب باتت تسيطر على مجريات الأمور في العملية التعليمية، وهو ما أصاب أولياء الأمور والطلاب أنفسهم بحالة من انعدام الثقة وبث حالة من الخوف لدى الجميع على مستقبل باتت ملامحه غير واضحة، في مقابل حالة الاستقرار التي تشهدها العملية التعليمية داخل المعاهد الأزهرية، سواء فيما يتعلق بطبيعة المناهج والتي يطرأ على تعديلات من حين لآخر أو على مستوى نظام التقويم الخاص بالطلاب، وهو ما يرسخ مبدأ اطمئنان لدى أولياء الأمور والطلاب».

أعداد التحويلات 
وفي هذا السياق كشف الدكتور سلامة داود جمعة، رئيس قطاع المعاهد الأزهري، أن باب التحويلات بين المعاهد الأزهرية، والتربية والتعليم، أغلق خلال الأيام الماضية، وما يجري حاليا إجراء عملية الاختبارات والتقويم للطلاب المحولين من التربية والتعليم للأزهر، ولأول مرة يجري استقبال ما يقرب من 69 ألفا و200 طلب تحويل من التربية والتعليم للأزهر الشريف، في حين بلغ عدد الطلاب الذي حولوا من الأزهر للتربية والتعليم ما يقرب من 15 طالبا وطالبة، كما استقبل أكثر من 300 ألف طلب للالتحاق بالصف الأول الابتدائي ومرحلة رياض الأطفال في الأزهر الشريف، بزيادة تقدر بـ100 ألف طلب عن العام الماضي والذي بلغ عدد طلبات الإلتحاق بالأزهر الشريف 200 ألف طالب وطالبة.


«داود» أرجع حالة الإقبال الشديدة على التعليم الأزهري هذا وكثرة عدد الطلاب المحولين من التربية والتربية والتعليم إلى الأزهر الشريف، إلى عدة أسباب أبرزها -بحسب قوله- الصورة المشرفة التي يقدمها الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، هذا إلى جانب استقرار النظام الدراسي داخل المعاهد الأزهرية، سواء فيما يتعلق بعملية المناهج الدراسية أو نظام الامتحانات، وهو يوفر عنصر الاستقرار الذهني للطلاب وأولياء الأمور، ما يجعل ولي الأمر لديه حالة من الاطمئنان على مسيرة نجله التعليمية.


وأضاف: رغبة أولياء الأمور في التحاق أبنائهم في الأزهر مثلت عنصرا أساسيا في زيادة طلبات الالتحاق بالتعليم الأزهري هذا العام، خاصة أن رغبة ولي الأمر والأسرة هي من تحسم المسار أو النظام التعليمي للطالب في بدايتها سواء الالتحاق بالتربية والتعليم الأزهري، والذي يعد كلاهما تعليما مصريًا متكاملًا يسعى لإخراج طالب مؤهل ولديه من المعرفة الكافية، وكما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- «وفي كل خير»، و«الأزهر» يقدم جرعة مكثفة للعلوم الشرعية من خلال دراسة مواد مثل الفقه والتفسير والحديث والتوحيد والسيرة النبوية، وهو ما يتوافق مع رغبة الكثير من أولياء الأمور الذين يرغبون في دراسة أبنائهم تلك العلوم الشرعية.


رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، أشار إلى أنه أصدر توجيها لكافة المناطق الأزهرية على مستوى الجمهورية مؤخرًا بقبول واستيعاب كافة الطلبات المقدمة، سواء فيما يتعلق بطلبات الالتحاق بمرحلة رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، أو طلبات التحويل من التربية والتعليم، مع مراعاة الكثافات الخاصة بالفصول والطاقة الاستيعابية، وغيرها من الأمور التي تضمن تقديم خدمة تعليمية مميزة وبما يضمن توافر عنصر الاطمئنان لدى أولياء الأمور بأن أبنائهم سيحصلون على جرعة تعليمية وثقافية وعلمية مميزة.

تجهيزات خاصة 
« داود» أوضح أن «قطاع المعاهد الأزهرية عمل على تجهيز المعاهد الخاصة به في كافة محافظات الجمهورية، مع بداية الإجازة الصيفية، لاستيعاب الأعداد المحولة من خلال عمليات الصيانة الدورية والتجهيزات الخاصة بالمعاهد، وقد يتم اللجوء إلى تطبيق العمل من خلال فترتين صباحية ومسائية في بعض المعاهد الأزهرية التي يكون فيها كثافة عالية من أجل استيعاب الطلاب، كما سيجري افتتاح 20 معهد جديد هذا العام، بجانب وجود للتوسع في إنشاء المعاهد على مستوى الجمهورية، وهناك بعض المعلمين في الأزهر الشريف عرضوا على قيادات القطاع العمل لساعات إضافية بدون مقابل حبًا في عملهم».


ورفض رئيس قطاع المعاهد الأزهرية تصدير صورة تدافع أولياء الأمور والطلاب على التعليم الأزهري بسبب تذبذب السياسات التعليمية في التربية والتعليم للتحول نحو التعليم الأزهري، مؤكدًا أن كل مؤسسة لها رؤيتها التطويرية الخاصة بها، وأن العلاقة بين التعليم الأزهري والتعليم العام، علاقة تعاون وتكامل وليس في منافسة، خاصة في ظل وجود بروتوكول تعاون بين وزارة التربية والتعليم ومؤسسة الأزهر الشريف للتعاون في جميع المجالات العملية التعليمية، بحيث يتم الاستعانة ببعض الكتب الدراسية المتعلقة بمناهج المواد الثقافية من التربية والتعليم، وكذلك الأمر تطلب «التربية والتعليم» الاستعانة ببعض مدرسي الأزهر في المواد الشرعية التي تدرس لطلاب المدارس، وهدف المؤسستين إخراج طالب لديه من الوعي الكافي لاستكمال مسيرة ما بعد تخرجه ويكون مؤهلًا لإيجاد فرصة في سوق العمل.

تعليمات شيخ الأزهر
«داود» في سياق حديثه شدد على أن فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، يولى عناية خاصة بطلاب التعليم الأزهري بما في ذلك الطلاب الوافدين، الذي يدرسون في الأزهر، كما أن أعطى تعليمات بضرورة العناية بالطلبة الملتحقين بالصفوف الأولى في التعليم الأزهري، وكذلك الطلاب المحولين من التربية والتعليم للتعليم الأزهري، وشكل الدراسة في العام الجديد في المعاهد الأزهرية سيستمر كما هو بما يضمن عملية الاستقرار الذي تميز التعليم الأزهري، والتي ينعكس أثرها على مستوى الطلاب، وفي خط متوازى مع عملية التطوير التي تتم في شكل المناهج وعمليات التقييم، على ألا يكون هناك أي قراءات صادمة أو مفاجاة للطلاب وأولياء الأمور.

رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، رد على الاتهامات التي تطال مناهج الأزهر وتصفها بالتطرف، مشددًا على أن أصحاب هذه الرؤية لا يعرفون شيئٍا عن مناهج التعليم الأزهري ولم يدرسونها، في حين يتسم التعليم الأزهري بالتعددية والشمولية، كما يعمل الأزهر على تطوير مناهجه أولا بأول كل عام من خلال لجنة تطوير التعليم الأزهري والمناهج والتي تعمل على إضافة تعديلات وتطويرات على المناهج التعليمية بشكل مستمر، مؤكدًا أن خروج نموذج عن المنهج الأزهري المعتدل هو في النهاية لا يمثل إلا نفسه ولا يمثل مؤسسة الأزهر الشريف ومنهجه الوسطى المستنير.

سياسات خاطئة 
بدوره.. قال الدكتور محمد الإمام، الخبير التربوى: اتجاه أولياء الأمور هذا العام للتعليم الأزهري على حساب التعليم العام، له عدة أسباب، أبرزها اختلال ميزان الثقة لدى أولياء الأمور في سياسات التربية والتعليم، والدليل على ذلك أنه في حال توافر عنصر الاستقرار لدى التعليم العام منذ عشر سنوات كانت نسبة التحويلات من الأزهر إلى التعليم العام هي الطاغية، كما أن زيادة أعداد طلبات التحويل للتعليم الأزهري يعد مؤشرا على أن القيم المصرية لا يمكن أبدًا أن تتزعزع ودائما ثابتة لا تتغير، بمعنى أن وزارة التربية والتعليم أصابها حالة من الاضطرابات العشوائية في القرارات حيث أصبحت بيئة اللا نظام لتهيئة عقل الطالب المصري، مما أصاب فكر الأسر المصرية بحالة من التشتت في التفكير، وقررت الاتجاه نحو البيئة المستقرة ذات النظام السائد والمعروف والذي يمثلها هنا التعليم الأزهري.


«الإمام» أكد أن المدارس المصرية أصبحت تربية متعددة الجهات فنجد نظام المدارس الخاصة وجشع أصحابها، والشهادات الدولية، والمدارس التجريبية بما فيها من علمية استغلال وفرض تبرعات غير قانونية ملزمة للطلاب، بجانب بيئة المدارس العادية بما فيها أوجه قصور، وهذه الفئات أوجدت حالة من الاختلافات نحو نظام التقييم والتقويم، مما أدى إلى ظهور تشوهات في نتيجة الطلاب وهى علمية تدعو إلى الأسى.
وتابع: طبيعة التعليم الأزهري، أنه يحافظ على العادات والأخلاق والتقاليد والتي تراجعت في صفوف المجتمع في الفترة الأخيرة، نظرًا لانتشار أمثال (محمد رمضان، وحمو بيكا) وغيرها من الأمثلة التي أدت إلى وجود تشوهات عملية التفكير، لذلك اختار أولياء الأمور العودة إلى البيئة المحافظة والممثلة في التعليم الأزهري، على الرغم من أنه كان قديمًا يتم الهروب من نظام التعليم الأزهري على اعتبار أنه أكثر صعوبة وتعقيدًا عن التعليم العام، وهو ما يعطي مؤشرا للجميع بأن «مصر ما زالت بخير».


الخبير التربوي، أشار أيضا إلى أن وجود شخصية مثل الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، على رأس مؤسسة الأزهر الشريف، استطاع تقديم المشيخة في شكل نموذج متحضر حاز على ثقة الجميع، خاصة أن الرجل يقود المشيخة بعلم قبل التطرق إلى تطبيق النصوص الدينية، لافتا إلى أن العامل الوجداني للشعب المصري عنصر مهم يميزه عن بقية شعوب العالم، وأن التجارب العشوائية التي تتم في التربية والتعليم تجعل أولياء الأمور يفضلون التعليم الأزهري، ويمكن تلخيص ذلك في أن أولياء الأمور على استعداد لتحمل الصعاب الواضحة، ولا يتحملون الصعاب التي بها تشوهات.

 

نقلًا عن العدد الورقي…

الجريدة الرسمية