رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

القضاء ملاذ طلاب الثانوية العامة الأخير!

تعددت الميادين والكلمة واحدة.. من الكتابة الصحفية المطبوعة إلى الجهر بها  في أجهزة الإعلام والإنترنت إلى الأنين بها والصراخ بحروفها من جور الواقع في ساحة العدالة.. فى محراب مجلس الدولة وقفت الثلاثاء الماضى منضما ومتداخلا في قضية ضد الدكتور طارق شوقى وزير التربية والتعليم بعد أن صُمت الآذان عن الاستماع الى كلماتي وكلمات العديد من الزملاء وصراخ مئات الآلاف من أولياء الأمور الذين يبكون دما على مستقبل أولادهم من تخبط وتغير وتبدل تصريحات الوزير بين يوم وآخر..


القضاء هو الملاذ الأخير لنا ولأولادنا فى الثانوية العامة.. ولا مفر من قضاء الله.. المهم أن نقول كلمتنا بكافة الطرق ونسعى ونصرخ فى كافة الساحات لعلها تصل قبل فوات الأوان.. وإن لم تصل فلن نخجل وقتئذ من أنفسنا إذا نظرنا إلى المرآة أو نظر إلينا أولادنا!

سألنى القاضي الجليل إلى أى الفريقين تتداخل للإدراة أي للوزير أم لأولياء الأمور؟! قلت بسرعة ومستغربا وكأنني أعرف أن القاضي يعرف وجعي: مع أولياء الأمور طبعا.. وبعيدا عن القضية التي تأجلت لجلسة الأحد ليقدم محامو الدولة ما يثبت كلام الوزير تبقى الأسئلة مشروعة وأهدافنا نبيلة منها مثلا: استغرابي الشديد من عدم استماع  الوزير إلى الآراء المعارضة من المختصين  خاصة بعد رفض مشروع قانونه في مجلش الشيوخ واضطرار الحكومة إلى سحبه في مايو الماضى من مجلس النواب..

نحن معه نؤمن بأهمية التطوير لأنه لا تقدم بدون تعليم جيد وبحث علمى متميز لكن بشرط توفير عوامل النجاح.. قد تكون  فكرة التابلت تجربة جيدة لكن  لم نستكمل عناصر نجاحها  بعد حتى فى الأسس البسيطة من إتاحة شبكة إنترنت قوية و"سيرفرات" تتيح الدخول إليها دون سقوطها وفرق متخصصة فى البرمجيات لوضع الحلول العاجلة  لمعالجة أى خلل طارئ فضلا عن وضع "سيستم" يستحيل وليس يصعب اختراقه على الأقل فى وقت الامتحان.

 توفير البنية التحتية
ومحاولات التهكير المستمرة والحيل التكنولوجية.. إلخ  تجعلنا نقول أوقفوا هذه المهزلة فورا لإنقاذ أولادنا من جو الفزع والهلع الذى لا يوصف إلا في أفلام هوليود ولا ننتظر تحقيق النكتة الشهيرة على أرض الواقع إضطررنا لإنجاح العملية قتل الأم والمولود! فلا يعقل أن ندخل عالم التكنولوجيا دون أن نوفر بنيتها التحتية على الأقل ولن أقول في تدريب المدرسين جيدا ورفع مهاراتهم العلمية والتكنولوجية ليتواكبوا مع هذا التكنولوجيا.. والنتيجة فشل التجربة في أكثر من إختبار فى الإمتحانات التجريبية للثانوية العامة والصفين الأول والثانى الثانوى لدرجة إلغاء بعض الامتحانات بعد اجراءها بسبب عمليات الغش وتسريب الامتحانات ألخ، وفضلا عن وقوع السيرفر وفشل الالاف من الدخول إلى منصة الامتحانات من الأساس.

وإذا ناقشنا بعض الأمور الجوهرية في شكل ومضمون إمتحان الثانوية العامة المقترح نكتشف العجب العجاب ولا أعرف كيف فات على المخططين هذه الأمور البديهية على سبيل المثال: بداية تقسيم موعد عقد امتحانات طلاب الشعبة العلمية (العلوم والرياضيات) في أيام مستقلة عن أيام إمتحانات طلاب الشعبة الأدبية في المواد المشتركة المضافة إلى المجموع وهي (اللغة العربية – اللغة الأجنبية الاولي واللغة الأجنبية الثانية)

تكافؤ الفرص
وطبعا سيتبع ذلك إمتحانات مختلفة مما يخل بالتكافؤ والمساواة لاختلاف الامتحانات والتقييم وسيظهر هذا واضحا عند التنسيق الجامعى بوجود كليات مشتركة مثل الآداب والحقوق والعلوم السياسية والإعلام والتجارة.. إلخ تأخذ  طلابها من كل الشعب من جهة ومن جهة ثانية تشترط  بعضها تقديرات معينة فى هذه اللغات للالتحاق في بعض اقسامها مثل أقسام اللغات في الآداب أو الحقوق والتجارة التي تدرس باللغات.. إلخ، والسؤال كيف يتم ذلك وأسس التقييم أى الاختبارات لم تكن واحدة وبالتالي ستكون الدرجات مختلفة وبالتالي سيختل المعيار لطلاب من المفترض أن يكون مركزهم القانوني واحدا.

ثانيا: استبدال نظام التتقييم من النظام الورقي التقليدي –البوكليت- بالنظام الجديد  بالتابلت أو -البابل شيت- كبديل احتياطي دون تدريب طلابنا عليه بشكل جيد مشكلة أخرى خاصة فى طرق إختيار الإجابات وتظهر المشاكل والأسئلة مثلا:  كيف سيتم الإمتحان بنظام البابل شيت في شعبة الرياضيات والمسائل فيها تعتمد على خطوات الحل، ومن المفترض أن يأخذ الطالب درجات على كل خطوة في كل مسألة حتى إذا ما وصل للحل الأخير أخذ الدرجة النهائية، فقد يصل الطالب للخطوة قبل الأخيرة ويخطئ في الحسابات فيكون الناتج الأخير خطأ.. في النظام القديم  سيحصل على درجات بقدر تقدمه في خطوات الحل، في نظام البابل شيت يخسر الدرجة كلها إذا لم يصل للحل النهائي!!

مشكلة الماسح الضوئي
بالإضافة أن نظام البابل شيت بهذا الشكل قد يساعد على الغش بسهولة أو على الأقل للصدفة في بعض الأحيان لمن يطبق نظرية "حادى بادى كرنب زبادى" قد يحصل على الدرجة أكثر من الذى إجتهد ولم يصل للخطوة الأخيرة.

والغريب أيضا أن التعليمات حتى الآن أن يؤشر الطالب داخل الدائرة التي تشير للحل الصح بالقلم الجاف واذا أراد تغير إجابته عليه أن يشطب على هذا الإختيار ويحدد دائرة جديدة واذا أراد تغيير إجابته عليه ان يشطب ويختار دائرة أخرى وكله بالقلم الجاف ولم يقل لنا مستشارو الوزير هل سيقرأ الكومبيوتر مثل هذا التشطيب في الدوائر أم يحتسب السؤال كله خطأ أم ينفجر في وجوهنا من الألم والحسرة..

طبعا الحل في التأشير بالقلم الرصاص ونوعيه معينة منه من نوعيه 2hb  حيث درجة سواد معينة يستطيع أن يقرأها الماسح الضوئى بالإضافة لسهولة تغيير الطالب للإجابة بالمسح بالأستيكة التي لا تفيد طبعا في حالة إستخدام القلم الجاف، طبعا قد لا ينفع القلم الرصاص لخشية التلاعب بعد ذلك وهى معضلة لكن أفضل من القلم الجاف الذى قد يضيع بسببه الطالب.

تصريحات الوزير
طبعا البعض يتندر ويقول وماذا سيفعل الكومبيوتر لو إختار طالب علامة الصح أو الخطأ في كل الورقة وبالتالى ستحصد الإجابات بالحظ العديد من الدرجات.. نعم قد ينفع البابل شيت في المواد النظرية لكن أشك أن يحدث ذلك في مسائل الرياضيات والفيزياء والكيمياء وحتى البيولوجى.

ثالثا: أن يخرج علينا الوزير بتصريحات يقول فيها إنتهى عصر الدرجات النهائية فهذا معناه أنه سيأتى بأسئلة غير مقررة أو من كوكب المريخ، وهذا ما وضح في الامتحانات التجريبية التي كانت مبارة بين واضعى الامتحان والمدرسين ذاتهم ولا عزاء للطلاب الذين خرجوا من دائرة الحل والمشاركة إلى الفرجة والبكاء.. وكلام الوزير  يحمل معنى التحدى أكثر من التعليم  لطلابه بل و يبشرهم بالعجز والإحباط..

أنا قد أفهم أنه يأتي الامتحان مثلا بـ 100 سؤال ليعطي للطالب فرصة كبيرة للإختيار والحل، وتكون الدرجة النهائية لمن حل 80 سؤالا مثلا، ويتم الإعلان عن  ذلك، أما أن يترك الأمر غير محدد فأعتقد أن هذا أمر غير علمى وغير تربوي في آن واحد..

رابعا: نجد تباينا كبيرا داخل لجان الإمتحان هذا العام.. لدينا أكثر من  100 الف طالب منازل بدون تابلت وأكثر من 500 ألف معهم تابلت، كل منهم له نظام في لجنة الامتحان.. فالغالبية الذين تسلموا التابلت ستكون محملة عليه كتب الوزارة إلكترونيا وال 100 ألف الآخرين سيكون معهم كتب ورقية.. يعنى إختلاف حتى على مستوى التقنية مما يخل بالتكافؤ والمساوة فى إمتحان من المفترض أن يكون إمتحان قومى واحد له تنسيق واحد بعد إعلان نتيجته وقواعد قبول واحدة للجامعات  تطبق على الجميع فكيف يتم ذلك والمقدمات غير متكافئة؟!

الغريب أن الوزير لا يريد أن يعترف بفشل تجربة التابلت ويقول الطالب سيسجل حضوره عليه والسؤال طب والـ 100 ألف الآخرين هل تسجيلهم ورقيا سيضرهم أم سيجعلهم درجة ثانية؟

 نعم.. أنا من المؤمنين بشدة بأنه لن يحدث أى تقدم دون اللحاق بركب التكنولوجيا خاصة فى التعليم والبحث العلمى، وقد يكون التعليم "الاون لاين" مفيدا للدول التى لاتملك الإمكانيات المادية الباهظة لإنشاء المدارس وتأثيثها بأحدث الوسائل التكنولوجية للتربية والتعليم.. لكن هناك فارق بين ذلك وبين وضع اولادنا فى الثانوية العامة وهم فى مفترق طرق بين أهمية التعليم وتطويره وبين ضياعهم فى تجربة لم تسكتمل عناصر نجاحها بل وتخالف قواعد الدستور نفسه من مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص.. حتى نقول نجحت العملية ومات المولود والأم!
YOUSRIELSAID@YAHOO.COM
Advertisements
الجريدة الرسمية