رئيس التحرير
عصام كامل

جسمها حرمها من التعليم ومفهومها للحرية وراء طلاقها.. معلومات لا تعرفها عن فتحية العسال

الكاتبة فتحية العسال
الكاتبة فتحية العسال
شخصية ثائرة متمردة مبدعة، عاشت تبحث فى أعمالها عن العدل وتدافع عنه، وُلدت فى عطفة مندور بحي السيدة زينب عام 1933، حرمها والدها من التعليم فقامت بتعليم نفسها عندما كبرت.


وتحكى الكاتبة فتحية العسال - رحلت فى مثل هذا اليوم 15 يونيو 2014 عن تلك الفترة من حياتها فى كتابها "سيرة فى حضن العمر" وقالت: "لم أنل أي شهادة أكاديمية ولا حتى شهادة ابتدائية، ولم يساهم أحد في تعليمي، إنما كل ذلك كان نتيجة ردة فعل علي وضعي، أخرجني والدي من المدرسة وأنا فى سن عشر سنين لأنه خاف علي باعتباري بنت "جسمي فاير ومفتحة حبتين"، فقررت أن أعوض كل شيء حرمت منه، وابتدات أعلِّم نفسي، وأول شيء فعلته محاولة كتابة اسمي، فيما بعد رأى أبي إصراري وعنادي على العلم فبدأ يساعدني في بعض الكتب الدراسية، وعند إتقاني القراءة والكتابة، أصبح والدي يعطيني الصحيفة لأقرأ له أخبار (هتلر) أثناء الحرب.

هى والمستحيل 
وحول اهتمامها بضرورة تعليم الفتاة قالت: أوضحت وجهة نظري فى ذلك خلال المسلسل التليفزيوني "هي والمستحيل" وهو يحث على ضرورة تعلم المرأة التى لم تنل حظها من التعليم مثلي تمامًا بل عليها أيضا أن تثقف نفسها بالقراءة فى جميع المجالات، وقامت بفتح فصول لمحو الأمية للنساء عام 1956.

حب عبد الله الطوخي
وأضافت: بعدها اكتشفت أن القراءة تفتح لى عالمًا واسعًا، كتبت أول قصة ضمن رسالة غرامية لزوجي الأديب الراحل عبد الله الطوخي، 
أول كتاب قرأته كان "عقلي وعقلك" لسلامة موسى، وهذ الكتاب هو الذي وجهني لما أنا فيه، ثم أتى جبران خليل جبران قرأته مع عبد الله الطوخي وابتدأت الحكاية.

مسرحية المرجيحة 
بدأت فتحية العسال مشوارها بالمسرح فى مسرحية "المرجيحة" عام 1969 وتبعتها مسرحية الباسبور، وفى الثمانينيات قدمت مسرحيات "نساء بلا أقنعة" بعد أن حذفت الرقابة كلمة نساء وأبقت الاسم "بلا أقنعة"، ومسرحية البين بين، ليلة الحنة، من غير كلام.

كتبت مسلسلات اجتماعية عرضت بالتليفزيون وصلت 57 مسلسلًا بدأت بـ"هى والمستحيل، شمس منتصف الليل، حبال من حرير، رمانة الميزان، بدر البدور، حتى لا يختنق الحب، لحظة صدق الذى حصل على جائزة أفضل مسلسل عام 1975.

حضن العمر 
أصدرت كتابًا عن سيرتها الذاتية بعنوان "سيرة فى حضن العمر" صدر فى جزئين نالت عنه باحثة جزائرية "قاسمى وهرة " على درجة الماجستير من جامعة وهران، وقد أهدت فتحية الجزء الأول إلى زوجها عبد الله الطوخى وكتبت تقول "إلى عمق النهر وعشرة العمر الطويل عبد الله الطوخى"، وأهدت الجزء الثانى إلى ابنتها صفاء الطوخى تقول فيه "إليك مسرحيتى بلا أقنعة حتى لا ترين قيودى".

سجن النساء
اعتقلت فتحية العسال فى عهد أنور السادات بسبب موقفها الرافض لاتفاقية الصلح مع إسرائيل – كامب ديفيد – وحول تلك الواقعة قالت: عندما تشكلت لجنة الدفاع عن الثقافة القومية لمواجهة التطبيع في المجال الثقافي وأنا كنت جزءا منها وكانت معي لطيفة الزيات وعواطف عبد الرحمن وأمينة رشيد ورضوى عاشور وعبد العظيم أنيس ومحمود أمين العالم ونبيل الهلالي وجمال الغيطاني ويوسف القعيد.. وفي معرض الكتاب عام 1979 تم تخصيص جناح لإسرائيل فخرجنا جميعا وحرقنا العلم الإسرائيلي وتظاهرنا، وأثناء الليل قبضوا علي ووجدوا في بيتي المطبوعات والمنشورات التي تخص اللجنة، وأودعت سجن القناطر وهذه الفترة مهمة جدا في حياتي حيث كتبت أثنائها مسرحية "سجن النساء".. تحولت بعد رحيلها إلى مسلسل تليفزيوني.

بعد اعتقالها صدر قرار بمنع جميع أعمالها من التليفزيون والمسرح والسينما فكتبت إبداعاتها فى هذه الفترة بتوقيع نجيبة العسال وهو اسم شقيقتها الكبرى.

الحرية أفسدت العلاقة بين الكاتب وزوجته 
بعد سنوات قليلة انفصلت عن زوجها وقالت فى مذكراتها: أنا طلبت الطلاق رغم الحب الكبير بسبب كلمة واحدة اسمها الحرية، كنت عاوزة أعرف أنا مين، عروسة بدوبارة واللاعب بيلعبها وبيلعب بيها.. اللاعب ده كان القديم اللى عايش جوايا منذ سنين، كنت عاوزة أعرف أنا حرة بصحيح أم بدَّعى الحرية.

وفى المقابل كتب عبد الله الطوخى يقول فى سيرته "دراما الحب والثورة": الآن أعترف من الأعماق أن القضية بينى وبين فتحية هى قضية الحرية، بالتحدديد حريتها فى مواجهة حريتى، فقد تعاملت معها طوال حياتنا على أننى أنا الراعى المسئول عنها وكان هذا هو اللغم الأكبر.

استمر الطلاق سنوات قليلة ثم عاد الزوجان وبقيا معا أكثر من 25 عاما حتى رحيل الكاتب عبد الله الطوخى.
الجريدة الرسمية