رئيس التحرير
عصام كامل

من بينهم درويش ونزار والسياب.. محمد الماغوط متحدثا عن رفاق الشعر

محمد الماغوط
محمد الماغوط
«أنت أصدقنا».. اعتراف قاله الشاعر الراحل نزار قباني واصفًا «شعر محمد الماغوط»، غير إن الشاعر السوري لم يكن يدرك أن ابن موطنه، اتخذ من الصراحة منهج حياة، رافعًا شعار «لا رأس يعلو فوق رأسي»، ولهذا لم يخجل عندما لم يبادل «نزار» الإطراء الدبلوماسي ذاته، بل اتخذ طريقًا ثاني، عندما وصف «شاعر المرأة» بأنه «شاعر كبير بقضايا صغيرة»، وزاده من الشعر بيتًا عندما أضاف «وأعتقد أن مأساة نزار قباني تتمثل في أنه لا يحب ولا يكره».


نزار قباني
«نزار» لم يكن الشاعر العربي الوحيد الذي طالته «نيران صراحة الماغوط»، فالقائمة تضم «أدونيس»، الذي أكد «الماغوط» أن «أدونيس يتخيل الحرب من دون أن يعيش في وحل الخندق»، مضيفًا «تعرفت على أدونيس في سجن المزة، وكان شاعرًا معروفًا، بعدها التقيته في بيروت وقدمني لجماعة «شعر» لكني أعتقد أنه لا يمانع اليوم في تقديمي لمحكمة نورمبرج. 

أدونيس
وتابع: مشكلة أدونيس، أنه يتخيل الحرب من دون أن يعيش في وحل الخندق، لا أنكر أنه شاعر مهم، وأعتقد أن قصيدته «قبر من أجل نيويورك» إحدى أهم القصائد في الشعر العربي الحديث، لكنه ما إن غادر إلى الغرب حتى فقد أصالته، إنه معلم في الشرق وتلميذ في الغرب، ثم لماذا كل هذا التنظير للقصيدة، وماذا يعني القارئ إن وضعت كلمة أو حرفًا على يسار حرف، أو نقطة على خصر نقطة، إذا كانت السجون والمستشفيات والأرصفة تغص بروادها؟، ليس الشعر العربي وحده، بل الحياة العربية بأسرها، تكمن في الازدواجية على حساب التفرد، والمكر على حساب البراءة، أنا لا أحب القصيدة الفكرية، وأدونيس كل شهرته فلسفة، وهو منذ البداية يعرف إلى أن يذهب وكيف يسير، منظم ومرتب. لا أفهم شعره. 

يوسف الخال
أما رفيقه الأقرب إلى قلبه يوسف الخال، فأمسك محمد الماغوط، عند الحديث عنه بـ«خيط المحبة»، حيث قال: تعرفت على يوسف الخال وكان عمري 23 سنة، وقد احتضنني في مجلة شعر، مرة طلب مني قصيدة. قلت له: «غدًا سأحضرها»؟. في الليلة ذاتها كتبت «حزن في ضوء القمر» ثم أحضرتها له في اليوم التالي، ولم يقتنع بالأمر. كانت طموحاته بتطوير الشعر العربي أكبر من طاقته. وهو كإنسان أهم من شعره بكثير. حتى وهو ينطفئ كان يضيء الآخرين. حين جئت بيروت كنت عاطلًا عن العمل، وكان يوسف يحاول أن يجد لنا عملًا (فؤاد رفقة وأنا) في الصحف، ويرسلنا، حيث يبدأ علمنا بالتعرف إلى السكرتيرة، ونعرض عليها الزواج، فيتصل أصحاب العمل بيوسف ليقولوا: «هؤلاء شغيلة أم خطيبة؟». 

أنسي الحاج
«من أعز أصدقائي».. الإجابة الأولى التي استخدمها «الماغوط» عند سؤاله عن موقه من أنسي الحاج، وأضاف «ولا أنسي أيامنا سوية في بيروت، هو طاقة إنسانية جبارة، أكثر ما أحب في الإنسان الموقف، وأنسي رجل موقف لا مواقف.. شعره ساقية صافية، وليس نهرًا مسمومًا، أحبه شاعرًا وإنسانًا وصامتًا». 

إسهابه في وصف محبته لـ«الخال» أو نقده لـ«نزار» لم يكن لهما محل عند ذكر الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، حيث اكتفى «الماغوط» بالقول: «شاعر موهوب جدًا، لكنه غير صادق»، والأمر ذاته التزم به عند حديثه عن كمال خير بك، حيث قال عنه «بطل قتلته الشعارات»، وأنطوان سعادة، برأي «الماغوط» هو «شاعر أخطأ الطريق».

بدر شاكر السياب
«صديقي الحميم وشبيهي».. وصف استخدمه «الماغوط» عند سؤاله عن الشاعر بدر شاكر السياب، وأضاف: هو يشبهني في جانب من سيرته، لأنه كان بسيطًا وصادقًا مثلي، كان يبيع الصدق ولا يشتري إلا الأكاذيب، لم أنس كيف كنا نتسكع في بيروت ، وكان أشبه بحطام بشري، يغني بحزن نادر، وأعتقد أن أكبر خطأ ارتكبته هو أنني تقدمت في العمر، ولم أمت باكرًا كما فعل «السياب»، وقد رثيته بقصيدة: «أيها التعس في حياته وفي موته| قبرك البطيء كالسلحفاة | لن يبلغ الجنة أبدًا |الجنة للعدائين وراكبي الدراجات». 

عبد الوهاب البياتي
السخرية المعروفة عن «الماغوط» وجدت طريقا للظهور عندما سئل «الماغوط» عن رأيه في عبد الوهاب البياتي، حيث قال:  «البياتي بنى كل أمجاده الأدبية والسياسية على أساس أن جميع أنظمة الأمن في العالم تطارده، وهو في الحقيقة لم يدخل مخفرًا في حياته، ولم يعترض طريقه ولو شرطي مرور».
الجريدة الرسمية