رئيس التحرير
عصام كامل

تبدأ باتخاذ القرار والإصرار.. مفاتيح وصول محمد الصغير إلى العالمية

محمد الصغير
محمد الصغير
عقب مسيرة ثرية رحل عن عالمنا منذ أيام المصفف المصري العالمي محمد الصغير متأثراً بفيروس كورونا الوبائي، تاركاً حزن كبير في نفوس المصريين، فهو لم يكن يوماً خبير تجميل فقط أو صاحب سلسلة مراكز للنساء، وإنما كان تجربة إنسانية مصرية من نوع خاص ومميز.


ومن حسن الحظ أن وثق محمد الصغير سيرته الذاتية في كتاب مذكراته الذي حقق نسب مبيعات عالية حينها، وهو كتاب "أيام من عمري"، ليصور للجميع وبخاصة كما كان يوجه حديثه دائماً لأـ"الشباب"، رجاءً منه أن تنفعهم سيرته في دفعهم للمزيد من الطموح والكفاح وليتشبثوا بحلمهم حتى وإن كان كبيراً.

واستعان المصفف محمد الصغير بالكاتب يسري الفخراني لصياغة أحداث الكتاب، الذي يبدأ من رحلته في عمر 10 سنوات، عندما بدأ العمل في كوافير خاله الذي كان صاحب أول كوافير مصري في الستينات في حي مصر الجديدة، ومن خلال اختلاطه بالزبائن بدأ يقابل أهم الشخصيات النسائية في مصر من بنات الطبقة الراقية ، ومن هنا بدأ الصغير يرتبط بهذا المجال ويحبه.

مع مرور الوقت قرر الصغير التحدي لإثبات ذاته وتغيير شكل مهنة الكوافير، وبدأ من عمر 14 عاما يطور من نفسه، ويجرب تسريحات شعر على البنات الصغيرات ، كما سمحت له الكاتبة الصحفية المصرية منى سراج بأن يقوم بتجاربه على شعرها يوم الإجازة أثناء قراءة الكتب وتصفح المجلات والجرائد.


كما ذكر الصغير في كتابه "أيام من عمري" علامة من علامات النجاح عندما قابل لأول مرة الأميرة فوزية زوجة الأمير فواز لتصفيف شعرها في الستينات عندما تواجدت في مصر لحضور حفل أم كلثوم، وتم ترشيحه من قبل ابنه اختها ، لكن عندما رأت الأميرة هذا الشاب الصغير ، قرأ في عيونها تساؤلات لم تروق له وكأنها تقول "من هذا الولد الصغير ليصفف شعري!" لكن في النهاية حازت التسريحة على إعجابها، وكانت أول تحدي من تحديات النجاح بالنسبة له.

وعن طريق الأميرة فوزية ، تعرف محمد الصغير على ألكسندر أشهر مصفف شعر في العالم في السبعينات، وسافر له باريس رغم ظروفه الصعبة وإمكانياته المادية البسيطة التي لاتوفر له إلا إيجار المسكن فقط ، وكان يكتفي بتناول رغيف خبز مقسم على وجبتين يومياً ، ومع حبه للتعلم ومهارته في ممارسة المهنة أصبح يطلق عليه "حقيبة الكسندر" بعد أن أصبح اليد اليمنى له ،ولا يتحرك إلا معه ، وكان طوال هذه الفترة يعمل بدون أجر شهري، لأنه لايحمل أوراقاً رسمية وتصاريح بممارسة المهنة.

لم يكتفِ الصغير بقربه من ألكسندر لاكتساب المهارات والحصول على التصاريح ، لكنه اجتهد واجتاز دورات تدريبية ، بل حافظ على ترتيبه الأول لثلاث مرات ، زار خلالها فرنسا وألمانيا وبلجيكا خلال دورات متخصصة، إلى أن حصل على تصريحات للعمل في باريس، لكنه قرر أن يعود بعد 40 يوم إلى بلده ، ولم يعطِ لنفسه فرصة لتحقيق مكاسب مادية بعد الحصول على التصاريح وبداية لمعان اسمه بل طلب من عائلته ارسال ثمن تذكرة الطائرة لأنه لم يتحمل العنصرية الممارسة عليه وحنينه للوطن كان يزداد يوماً بعد يوم.


قرر الصغير تولي أمر محل خاله ، ومع الوقت تزايدت معارفه بين أبناء الطبقة الراقية والمشاهير وزوجات السياسيين في مصر وخارجها ، ليصبح أشهر مصفف مشاهير في مصر ، والآن بعد 50 عاماً ، أصبح لديه 27 محل في كل أحياء مصر الراقية ويعمل لديه أكثر من 800 موظف و700 مصفف للشعر ، محتفظاً بنجاحه المبهر ليظل هو الاختيار الأفضل لنجمات مصر والوطن العربي.

وعن مفاتيح "محمد الصغير" الحقيقية للنجاح يوجه هذة الرسالة  :" طوال عمري ولد شقي أحب المغامرة والتحدي ، لذلك أردت من خلال هذا الكتاب أن أقول للشباب أنه لا يوجد شيئ صعب أو مستحيل، لكن أهم وأول خطوة هي اتخاذ القرار، ثم يأتي الإصرار والعمل بجد وضمير وثقة بالنفس.. استطعت أن أحقق ذاتي في حرفة اخترتها لأصل بها إلى مستوى عالمي، بالرغم من عدم إكمال دراستي في المدرسة.. تذكروا هذا دائماً".
الجريدة الرسمية