رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لماذا لا تعلن الإخوان عن أنشطتها في أمريكا؟ .. ثقافة التآمر ‏والتخفي .. إيمانها بالعمل السري .. اختراقها من أجهزة الاستخبارات

ثقافة التخفي عند
ثقافة التخفي عند الإخوان

رغم وجود مؤلفات كثيرة تبرز تفاصيل الفكر الإخواني وأساليب عمل التنظيم، بجانب مساهمة المنشقين الذين تمردوا على ‏صفوف الجماعة طوال تاريخها في كشف الكثير من الكواليس عن آليات عمل الإخوان، إلا أن ما يظهر للعلن لا يمثل شيئا ‏بالنسبة لتيار نشأ على الانحياز للعمل السري.



لكن إن كان هذا يمكن قبوله في المنطقة العربية بحكم توتر العلاقة بينها وبين الأنظمة والشعوب على حد سواء، وزعمها أن هناك تشويه متعمد لها، ما الذي يجعلها ترفض الإعلان عن أنشطتها في جميع البلدان الغربية ولاسيما أمريكا، وهي بلدان ساحة للعمل المؤسسي، والديمقراطية هو مشروعها الأكبر للعالم كله بما يمكنها من العمل الشرعي بكل أريحية إن أرادت، وبالتالي السؤال بطريقة آخرى: 

لماذا تفضل الجماعة العمل في الظلام ولا تفصح عن تحركاتها إلا نادرًا وبعد أن تكون أنشطتها جرى الإعلان عن تفاصيلها السرية بجميع وسائل الإعلام الغربية ! 

ثقافة التخفي ‏

جزء من ذلك يعود للعقلية التآمرية وثقافة التخفي التي يفضلها الإسلاميين ‏عموما للعمل بعيدًا عن المتربصين بالمشروع، وجزء آخر يعود لاختراق الإخوان على وجه التحديد من كل ‏أجهزة الاستتخبارات العالمية ما يفرض عليها الالتزام بالسرية في كل أنشتطها. ‏

فرض الإخوان طريقتهم في التسلل إلى الساحة الأمريكية بعد لقاء بين الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور عام ‏‏1953 وسعيد رمضان زوج ابنة حسن البنا مؤسس الإخوان، ووالد طارق رمضان، الداعية الإخواني الذي أثار جدلا عالميا ‏مؤخرًا بعد اتهامه بالتحرش من عدة فتيات ولازالت القضية تثير الكثير والكثير من الجدل. ‏

بناء على المقابلة استطاع الإخوان بناء الكثير من الشبكات العنقودية في المؤسسات الأمريكية، بحسب كتاب لمحقق الاستقصائي آيان ‏جونسون، وأحد الباحثين الذين تصدوا لكشف التحركات السرية للجماعة.

نجح جونسون الحائز على جائزة بوليتزر للصحافة عام 2001 في فك رموز العلاقة السرية، ليس فقط بين الإخوان وأيزنهاور، بل ومسيرتهم حتى مع زعيم النازية في العالم أولف هتلر، وهو الخيط الذي لفت ‏أنظار الكثير من الدول إلى إمكانية بناء أجندة سرية مع الجماعة لتحقيق مصالحهم. ‏

في المقابل كان يتم السماح بتمرير بعض من أهداف الإخوان، على رأسها إفساح الطريق للاستمرار والتوغل في المنطقة وبناء ‏قواعد شعبية تمكن التنظيم متى اكتمل بناءه من الاستحواذ على البلدان العربية والإسلامية، وإقامة تحالفات أكثر قوة مع ‏الغرب.‏

على أساس هذا التحالف، وظفت الإخوان والجماعات الإسلامية آلاف المقاتلين على جبهات القتال المختلفة ونجحوا في إزاحة ‏الاتحاد السوفيتي وترك الساحة منفردة للولايات المتحدة الأمريكية، التي استغلتها في بناء نظام عالمي جديد يخدم ‏أهدافها وفق الطريقة التي تراها أفضل لعالم أصبحت تتربع على عرشه. ‏

الإخوان وترامب 

تعطلت الإخوان قليلا خلال السنوات الماضية، بعد الموقف المتشدد للرئيس السابق دونالد ترامب، الذي وضع إعلان ‏التنظيم جماعة إرهابية ضمن بنود برنامجه الانتخابي.

لكن توغل الإخوان داخل جهات صنع القرار، وتشكيلها تحالفات عدة ‏مع مؤسسات المجتمع المدني ومراكز البحوث ومكاتب العلاقات العامة بجانب إقامة علاقات شخصية مع الكثير من رموز ‏الحزب الديمقراطي في البرلمان بغرفتيه الشيوخ والكونجرس، أدى إلى إعاقة ترامب عن تحقيق أهدافه. ‏

تجمدت الإخوان وتعطلت ولكنها بدأت نشاطا ـ لم تعلن عنه ـ بعد ترجيح كفة الرئيس الحالي جو بايدن، وأسست عدة مراكز بحثية ‏وعادت للنشاط مرة آخرى، لكن أيضا دون إعلان ولم تصدر بيانًا واحدًا يكشف ماذا تفعل ولماذا تفضل السرية حتى في أكثر ‏المجتمعات المفتوحة بالعالم وأكثرها إيمانا بالديمقراطية والمؤسسية والشفافية !  ‏

محل تساؤل ‏

إيميل أمين، الكاتب والباحث، يرى العلاقة القادمة بين إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، وتيار الإسلام ‏السياسي، ‏بمختلف أطيافه وأطرافه محل تساؤل في عقول النخبة والعوام في الشرق الأوسط.

لايسقط الباحث أهمية النظر إلى أن ‏الرئيس الجديد كان نائبا لأوباما الذي فتح الأبواب على مصراعيها أمام جماعات أصولية لطالما ‏حلمت بحكم العالم العربي، ‏وذهب بعضها في طريق السعي إلى إقامة دولة الخلافة بطريق أو بآخر.‏

يكشف أمين أن التساؤل يمضي في مسارين لا ثالث لهما: هل سيكون بايدن نسخة مكررة من أوباما، أم أنه سيعيد سيرة ‏ترامب ‏ومواقفه من جماعات تملك تاريخ يمتلئ بالتربيطات مع الإدارات الأمريكية المختلفة منذ منتصف القرن ‏العشرين ولاسيما الإخوان التي عرفت كيف تتسلل إلى الولايات المتحدة منذ  زمن الرئيس ‏إيزنهاور. ‏

يوضح الباحث أنه من الثابت تلاعب واشنطن بالجماعة مرتين، الأولى حين اعتبرتهم وقودا لمواجهة الشيوعية في الشرق ‏الأوسط ‏منذ خمسينات القرن العشرين.

والثانية  حين جرى اللعب على أوتار المجاهدين العرب وتقديمهم كوقود ‏لمواجهة ‏السوفييت على الأراضي الأفغانية، واستقبل الرئيس الأمريكي الجمهوري رونالد ريجان في البيت الأبيض طائفة ‏من الذين ‏جرى اعتبارهم لاحقا إرهابيين، وظهروا على شاشات التلفاز الأمريكية تحت عنوان المقاتلين الأحرار.

ما سبق يؤكد أن كيانات الإخوان لاتزال قائمة في أروقة واشنطن، ولهذا لم تعمد إلى التصادم مع إدارة ترامب، ولكنها استمرت بنفس ‏عقلية ‏الاختباء إلى أن تحين لحظة التمكين.

لكن الآن هناك تغير في الأوضاع السياسية بالشرق الأوسط، يقول "أمين" ويختتم: علاقة ‏الولايات المتحدة بجماعات الإسلام ‏السياسي تختلف بحسب مصالحها وأهدافها الاستراتيجية والأممية وراء ‏البحار، وهو ما سيتضح خلال الفترة المقبلة، على حد قوله. ‏

Advertisements
الجريدة الرسمية