رئيس التحرير
عصام كامل

الفرعون لا يتعظ


ما أشبه الليله بالبارحة.. نفس منطق كل فرعون يجلس على كرسي العرش في مصر تجده معزولا عن شعبه ويتكلم في أمور خيالية وطبعا الفضل يعود إلى الحاشية التي تجعل كل همها وشغلها الشاغل هو عزل الفرعون عن الشعب حتى يحقق طموحاتها.. وللأسف لا تجد من يقول له كده عيب أو غلط.. السادات رغم إنجازاته الكثيرة عندما خرج عن النص في خطابه الشهير عام 81 ووجه انتقادات لاذعة لمعارضيه كانت نهايته المأساوية..وجاء بعده حسني مبارك الذي قال في خطاب احتفالات الشرطة جملته الشهيرة (خليهم يتسلوا ) قاصدا المعارضة التي شكت من تزوير انتخابات 2010..


ويأتي الفرعون الجديد ليبدأ في السخرية من المعارضين والتأكيد على أنهم جميعا فلول وأن حربه مع هؤلاء، وعلى ما يبدو أن الرجل بات معزولا هو وجماعته عن الشعب وأغرتهم العزة بالإثم على أن قوتهم ستخمد كل الأصوات وأنهم لن يرحلوا عن الحلم الذين ظلوا يخططون له 80 عاما..

لم يسمع هؤلاء للشعب ولا يعرفون أن غضبته ستطيح بالأخضر واليابس..الرئيس يتحدث عن إنجازات لا يراها إلا في مخيلته وأصبح الشعب في واد والرئيس وجماعته في وادٍ آخر..الرئيس يتحدث عن زيادة المرتبات ولم يكلف نفسه مرارة عناء النزول إلى السوق ليعرف ماذا حدث للأسعار..أي نهضة يتحدث عنها الرئيس وأي سياحة يتكلم عن زيادتها..ميادين مصر كلها ستمتلئ عن آخرها بالشعب وليس المأجورين كما يدعي لأن أحدا مهما كانت إمكاناته لا يستطيع أن يؤجر شعبا للتظاهر..

ميادين مصر ستقول كلمتها وانسَ حكاية الصندوق والخزعبلات التي يرددها حواريوك وانسَ أيضا أن الشرطة أو الجيش سيقفان بجوارك..كان مبارك أشطر ياريس..فالذين تخطب ودهم حصلوا على أفضل الامتيازات في عهد سابقك بل وجعلهم مواطنين بشرطة وأنت تعلم أن تسعيرة دخول الشرطة أو الحربية في العهد البائد وصلت فاتورتها لأكثر من 100 ألف جنيه، ورغم ذلك لم يتحركوا ولم يفرضوه على الشعب...

ويبدو أن لغة الاختصارات ونظرية المؤامرة اأصبحت تسيطر على جنابه فأزمة البنزين اختزلها في الناس بتوع الجراكن وأزمة السولار اختصرها في بنزينة البحيرة الموجودة على الورق فقط، وهجوم الإعلام اختصره في تار بايت مع الأمين وأحمد بهجت وأزمة الإعلام في هجوم الأستاذ مكرم محمد أحمد عليه، وهكذا يكون معالجة القضايا داخل مؤسسة الرئاسة التي أصبحت مثل المنتخب الوطني أيام زمان عندما تكون له مباراة مهمة يقوم اتحاد الكرة باستئجار متفرجين من قوات الأمن المركزي للتشجيع طوال المباراة وعدم التوقف حتى لو كان أداؤنا زفت مقابل وجبة غداء رديئة وفي خطاب الرئيس الأخير وجدنا مجموعة كبيرة تحضر من أجل الهتاف فقط وربما لا تعرف ماذا يقول جنابه.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
الجريدة الرسمية