رئيس التحرير
عصام كامل

غضب كسينجر ودهاء السادات.. أسرار بريطانية تنشر لأول مرة عن حرب أكتوبر

السادات وكسينجر
السادات وكسينجر
رفعت الحكومة البريطانية السرية عن وثائق، تكشف التوتر فى العلاقات بين المملكة المتحدة وأمريكا، على خلفية حرب 1973.

وبحسب الوثائق، فإن حكومة بريطانيا فى ذلك الوقت حاولت ترميم علاقتها المتصدعة مع الولايات المتحدة الأمريكية، بعد توترها في عام 1973 وسط تقارير عن قيام واشنطن بالتحذير من سقوط أنظمة الحكم فى الشرق الأوسط بعد حرب أكتوبر.


ووفق موقع "ميدل إيست آي"، كانت العلاقة في أدنى درجاتها عندما غضب هنري كيسنجر، مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكى أنذاك ريتشارد نيكسون، من رئيس الوزراء البريطاني إدوارد هيث، الذي فضل التشاور في قضايا الأمن مع المجموعة الاقتصادية الأوروبية وليس الولايات المتحدة.

وأمر كسينجر على خلفية هذا التوتر، بوقف التعاون الاستخباراتي بين بلاده وبريطانيا، وهو أمر تجاهلته وكالة الاستخبارات الأمريكية " سي آي إيه "، ووكالة الأمن القومي، وذلك بعد انضمام بريطانيا للمجموعة الاقتصادية الأوروبية التي مهدت الطريق أمام ولادة الاتحاد الأوروبي.

لكن العلاقات شهدت المزيد من التوتر عندما قررت حكومة إدوارد هيث، تبني موقف محايد من الحرب العربية- الإسرائيلية بل واتهمت الولايات المتحدة باستخدام القاعدة العسكرية البريطانية في قبرص لينطلق منها طائرات التجسس الأمريكية فوق سماء الشرق الأوسط.

وبينت الوثائق، أن الهجوم المفاجئ الذي شنته كل من مصر و سوريا من أكثر الهجمات المفاجئة في كل الأوقات كما وصفه المؤرخ ريتشارد ألدريتش وقارنه بهجوم اليابان على بيل هاربر في الولايات المتحدة والاجتياح النازي للاتحاد السوفييتي في 1941.

ورغم المواقف المتناقضة في الغرب من الحرب إلا أن الدول المنتجة للنفط استخدمته كسلاح وحثت الدول المنتجة والمصدرة له (أوبك) على وقف تصديره للغرب ما قاد إلى أزمة طاقة.

الوثائق التي أفرج عنها بريطانيا الأربعاء، كشفت عن الطريقة التي كان يتحاور فيها كيسنجر والمسئولون البريطانيون وبشكل دائم قبل الحرب، وحذرهم كيسنجر قائلا: "هناك مخاطر من أية تسوية للنزاع العربي- الإسرائيلي والتي قد تقود للإطاحة بالحكومات العربية القائمة واستبدالها بأنظمة راديكالية".

و كتب أنطوني بارسون الدبلوماسي البريطاني، فى مايو من العام 1973، أن "ما يقلق كيسنجر هو أن الرئيس المصري أنور السادات، يبدو يعيش وهم شن حرب صغيرة ومحدودة ويفلت من العقاب. والحقيقة هي أن السقف سينهار على رأسه لو أطلق طلقة واحدة على الإسرائيليين".

وبعد انتهاء الحرب في 25 أكتوبر 1973 رفعت بريطانيا الحظر وسمحت لطائرات التجسس الأمريكي "يوتو" بالتحليق من قاعدتها في قبرص لمراقبة وقف إطلاق النار، ولكنها فعلت هذا بعد استشارة السادات ورئيس قبرص البطريرك ماكاريوس.

ولكن العلاقات الأمريكية البريطانية، لم تتعاف بشكل كامل ولهذا أرسل رئيس وزراء بريطانيا، وزيرا في حكومته وهو سير "جون هانت" في مهمة سرية لمقابلة كيسنجر في يناير 1974.

وسجل هانت ما جرى بينهما في مذكرة طويلة، وقال إن مستشار الأمن القومي يعتقد أن "أي تسوية في نزاع الشرق الأوسط يجب عدم ربطها بموضوع النفط، وستتابع الولايات المتحدة التسوية هذه بعيدا عن مشاكل النفط وإلا زادت المخاطر بزيادة العرب من مطالبهم".

وبحسب هانت فقد اقترح كيسنجر أن تشكيل "كارتل للدول المستهلكة للنفط وأنه سيعطي زخما لكارتل الدول المنتجة".

لكن مذكرة مندوب رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، تشير لتأكيد كيسنجر على "أهمية الضغط، على السعوديين والإيرانيين مثلا، أنهم لا يستطيعون التعامل مع أسعار النفط كموضوع اقتصادي منفصل عن العلاقات السياسية، ولو قامت الولايات المتحدة بالتأكيد على أن دعمهما لكلا النظامين فسيجبران على التفكير مليا في سياساتهما النفطية، ومن الناحية الفكرية، لا يمكن استبعاد استخدام القوة، وليس لدى الولايات المتحدة خطة وليس لديها نية لاستخدام القوة".

وأضاف هانت ما يشعر به وهو أن حديث، وزير الدفاع جيمس شليزنجر، عن إجراءات مضادة كانت مثمرة.

وفي مذكرة أخرى أخبر هانت، السكرتير الخاص لهيث، روبرت أرمسترونج في  يناير 1974 أن "السعودية هي مثال "كلاسيكي" عن وضع السيطرة وأن الملك فيصل كان أكثر تشددا في موضوع استخدام النفط كسلاح.

وأضاف: لقد وجهت نظر رئيس الوزراء إلى تقارير أمنية تشير إلى أن الأمريكيين وضعوا خططا طارئة لاستخدام القوة في الشرق الأوسط إما مباشرة أو من خلال الإطاحة بالأنظمة القائمة، ولا يظهر أنهم سيضعون هذه الخطط موضع التنفيذ إلا في حالة فشل الدبلوماسية.
الجريدة الرسمية