رئيس التحرير
عصام كامل

"فتحى نوفل".. و"رشدى الخيال"!

في عام 1995 قدم لنا الكاتب الكبير "وحيد حامد" فيلمه المبدع "طيور الظلام"، وهو الذي صنفه النقاد كواحد من أهم الأفلام السياسية التي كشفت حجم الفساد الحقيقى في الواقع المجتمعى، حين صاغ لنا بمنتهى الحرفية والمهارة قصة مراحل الصعود غير الشريف للشخصية المتسلقة "فتحي نوفل"..


وكيف استطاع باستخدام العديد من أساليبه الدنيئة الملتوية، أن يصبح "الذراع اليمنى" للسياسي الفاسد "رشدي الخيال" حتى سيطر عليه سيطرة تامة، لدرجة أن زين له أن يصنع له حياة زوجية في الظلام، حين أقنعه مستغلًا سذاجته وجهله أن يزوجه عرفيًا من إحدى بنات الليل التي راقت له، وبرر له ذلك قائلًا: "القانون زي ما بيخدم الحق بيخدم الباطل، وإحنا ناس الباطل بتاعهم لازم يكون قانون"، ويستغل هذه الواقعة في النهاية لتكون هي المقصلة التي يقضي بها على مصيره كوزير.
الهدف النهائى!
ثم يرصد لنا كاتبنا المبدع بمنتهى الرشاقة القصصية الجزء "السادي" في شخصية "فتحي نوفل"، حين تدخل لكي يفصل "محسن" أعز أصدقائه من الشركة التي يعمل بها نظير أجر متوسط، ويتركه تحت ضغوط الحياة لفترة ثم يقدم له بعد ذلك فرصة العمل نظير أجر لا يحلم به، في الوقت الذي اختاره هو لمجرد أن يثبت لنفسه مدى تحكمه في حياة الآخرين.

وفي مشهد دال للغاية على مدى السادية التي أصبحت تغلف جميع معاملاته، يعترف لصديقه أنه لا يعرف لماذا يفعل كل ذلك فيمن حوله، فكان ذلك أمرًا محيرًا حقًا حتى بالنسبة له، ولكنها بالطبع شخصيته السادية التي تكونت مع سلطة المنصب، فجعلته ينتشي بأن يؤذى كل من حوله، ليثبت لنفسه فقط أنه يستطيع ذلك، وهنا يبرز العديد من الأسئلة المهمة:

1- هل تنبأت صناعة الدراما بحقيقة "فتحي نوفل"، وهل ما زال موجودًا بيننا في العديد من المجالات حتى اليوم؟
اكسر غصنك!
2- هل من البديهي أن نلوم على "فتحي نوفل"، أم نلوم على من ترك له الحبل على الغارب، ليبسط به شروره على الناس؟

3- هل قابلت "فتحي نوفل" في محيط عملك من قبل؟، وكيف سيكتب الله جل وعلا نهايته من وجهة نظرك؟

أدعو كاتبنا المتالق دائمًا "وحيد حامد" أن يشرع فورًا في كتابة الجزء الثانى من رائعته الخالدة "طيور الظلام"، لأنه سيجد في الأحداث العبثية التي عشناها طوال العقد الأخير (وما زلنا نعيشها حتى اليوم) ما يستحق الرصد الموضوعى الذي عودنا عليه، خاصة مع استمرار وجود "فتحى نوفل" و"رشدى الخيال" بيننا في العديد من المجالات حتى الآن.
الجريدة الرسمية