رئيس التحرير
عصام كامل

«دروب الجبال».. ممرات آمنة لعصابات تهريب الصخور في قنا.. «الفوسفات» ينضم لقائمة «الأكثر مبيعًا».. وانتعاش في أسواق الذهب

تهريب الصخور
تهريب الصخور


حالة الفوضى التي انتشرت لفترة من الزمن في أعقاب ثورة 25 يناير 2011، ساهمت في انتعاش العديد من قطاعات «التجارة المحرمة»، بدءًا من المخدرات، مرورًا بتهريب الآثار وتجارة الأعضاء البشرية وما إلى ذلك، وصولًا إلى تجارة «تهريب الصخور».

 

 

تهريب الصخور

 

والأخيرة شهدت حالة رواج كبير في الأشهر الأولى التي تلت ثورة يناير، وشهدت محافظة قنا زيادة ملحوظة في عمليات التنقيب واستخراج الذهب والفوسفات وغيرهما من المعادن المختلفة المنتشرة في جبال المحافظة الجنوبية، وذلك عن طريق طواحن معدة في الجبل بعيدا عن أعين الرقابة والأجهزة الأمنية، ويتم تهريب تلك الصخور عن طريق دروب معدة لهذا الأمر من قبل مهربيها وغالبا تكون تكل الطرق بين محافظتي قنا والبحر الأحمر وتدخل إلى الطواحين عبر سيارات مجهزة.


وفى هذا السياق كشف صالح محمود على، سائق سيارة نقل ثقيل، أنه يشاهد عددا من السيارات الكبيرة المحملة بالصخور وفي البداية كنا نستغرب هذا الأمر، وبعد ذلك علمنا أنه يتم استخراج العديد من المعادن ومنها الذهب والفوسفات.

 

البداية

 

وبدأت القصة بأدوات بسيطة إلى أن وصل العمل بمتخصصين عن طريق جلب رجال من السودان لاستخراج المعادن بطرق متعددة، وتم إحضار طواحين لاستخراجها ويتم تهريبها من ميناء سفاجا عن طريق الدروب الجبلية.

 

وقال «صبري م.م.ص»، أحد العاملين بطواحين استخراج الذهب والمعادن في أحد جبال قنا: يتم إحضار الصخور الجبلية الكبيرة عن طريق تحميلها على سيارات نقل معدة للسير في الجبال بدروبها الوعرة، وبعدها يتم طحنها عن طريق الطواحين المعدة لذلك.

 

وفي البداية كنا نستخرج الكثير من المعادن التي بالنسبة لنا غير معروفة، بعد ذلك تم معرفتنا بها وفيما تستخدم وأين ؟ وأكثر المعادن طلبا ؟ والأسعار وغيرها من الآليات التي يتم التعامل بها، «كنا نستخرج معادن كثيرة ذهب وفضة وفوسفات ومنجنيز وغيرها من المعادن ومحدش فينا كان يعرفها وبعدين فهمنا وعرفنا وكانت في طلبيات على معادن معينة من قبل بعض المتخصصين».

 

تفاصيل التجارة المشبوهة


وقال يحي مطاوع محمود، أحد قاطني الجبل في محافظة قنا: عمليات التهريب كان معروفا أنها تتم في أوقات يكون الضوء فيها قد اختفي بعيدا عن الأمن، ولكن بعد ثورة يناير بدأت التهريب تتم بصورة مختلفة حيث يتم تهريب تلك الصخور في اوقات الظهيرة أو الفجر لعدة أسباب.

 

أهمها انشغال الأمن، وحتى يتمكن السائقين من الدخول في الدروب الصعبة والوعرة خاصة أن هناك دروب وسط كتل جبلية يصعب السير فيها ليلًا، ومهاجمة وحوش الصحراء من ذئاب وافاعي وعقارب وغيرها فأحيانا السائقين يقفون في أماكن متفرقه للراحة وهذا يمثل عاق بالنسبة لهم، ولكن صباحا يكون سهلا.


وفي نفس السياق أكد رابح راشد، أحد قاطني المنطقة الجبلية بحدود قنا، أن التريلات تتخذ طريقا واحدا ورغم الحملات الأمنية التي قادتها الشرطة في عدد من تلك المناطق، إلا أنها بالنسبة لهم لاتزال لغزا محيرا ولا يستطيع معرفتها إلا السائقين والمهربين الذين يمرون بهذا الطرق وحتى أنهم لا يقومون بإبلاغ الأشخاص الذي يسلمون لهم حمولات الصخور أو أدوات الطحن.

 

والأجهزة التي تكشف عن تلك المعادن واصبحت هنا في الجبال بقري متعددة تجارة ولها أسواق وتجار متخصصون وأصحاب طواحين حتى أن الرمال التي تستخرج بعد الطحن يتم طنحها مرات وبعد ذلك يتم بيعها لاستخدامها في أغراض متعددة وخاصة رمال الذهب والفضة، وفى البداية كان يشغلهم أكثر الحصول على الذهب والفوسفات، ولكن بعد ذلك أصبح كل معدن مستخرج له سعر بما فيهم الفضة التي أصبح لها سوقا خاصا مثل الذهب.

 

أنواع المعادن 

 

ومن جهته قال «يحى.ت.م»، أحد العاملين بالطواحين في جبل مدينة قنا: الفضة ليست من المعادن التي كان لها أهمية، لكن في الفترة الأخيرة أصبحت كل المعادن المستخرجة مثل الفضة والمنجنيز والنحاس.

 

وبالطبع الذهب والفوسفات هما الأكبر والاهم ولكن المعادن الاخري ظهرت وأصبح عليها الطلب هي الأخرى، وقال صالح محمود على، أحد قاطني الجبل: هذه التجارة فتحت أبواب رزق لكثير من الأهالي والشباب.

 

ولكن في نفس الوقت عادت على العامة بالضرر فمن حق الجميع أن يتمتع بثمار هذه المعادن الثمنية، كما أن البعض لا يدرك قيمة هذه المعادن واستخداماتها فهو يتعامل معها بشكل بدائي وتجارة لربح المال عكس ما هو مفروض، كما أنها فتحت علينا أبواب جهنم، فهناك الكثير من الحوادث التي تقع وحالات الاستيلاء على الأراضي الجبلية.

 

إضافة لاستخدام البعض أدوات صعبة لتفتيت تلك الصخور، وللأسف يموت الكثيرون ولا يعلم عنهم أحد شيئا بسبب مهاجمة الحيوانات الشرسة لهم أثناء العمل بالجبل أو التهريب وبالطبع لا يتم الإبلاغ عن تلك الوقائع إلا نادرا.

 

الحملات الأمنية

 

على الجانب الآخر تشن الأجهزة الأمنية في محافظة قنا العديد من الحملات التي من شأنها وقف تلك العمليات وخاصة بعد ثورة الثلاثين من يونيو وعودة هيبة الدولة، وأكد مصدر أمني بمحافظة قنا تم اعداد الكثير من الحملات الأمنية والأكمنة على الطرق الرئيسية والصحراوية والحدودية لوقف تلك العمليات وأعمال التهريب وتم توجيه عدة ضربات لهم.

 

وأضاف: إننا سوف نستمر في تلك الحملات حتى نتمكن من وقف أعمال التهريب بشكل كامل ومنعها، كما أن هناك حملات داخل المناطق الجبلية المعروفة كبؤر للمهربين والسائقين المعروفين للعمل بتلك الأعمال. 

 

نقلًا عن العدد الورقي...،

الجريدة الرسمية