رئيس التحرير
عصام كامل

نائب وزير التعليم : التعليم الفني يُعانى عجزاً فى المعلمين .. ونظرة المجتمع لخريجيه سوف تتغير عند حدوث هذا الشيء ( حوار )

فيتو

36 منهجاً تم تطويرها في 105 مدارس.. و10 مناهج أخرى جار تطويرها في سبتمبر المقبل 

نعمل على تأهيل الطلاب لسوق العمل لتحقيق النمو الاقتصادي المرغوب

 

التعليم ما بعد الكورونا سيتضمن جرعة لا بأس بها من التعليم عن بعد

 

يعتبر التعليم الفني قاطرة التنمية في المجتمعات لمستقبل أفضل، لذلك تسعى الدول للاهتمام به لتحقيق الأمن القومى وتنمية المجتمع، وتحرص القيادة السياسية في مصر وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، على الاهتمام بالتعليم الفني وتطويره بكافة السبل للاستفادة منه على أعلى مستوى، وتحسين الصورة الذهنية للمجتمع المصرى عن خريج التعليم الفنى الذي أصبح لا يقتصر على ذوي المجاميع الضعيفة فقط.

فقد سعت وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني خلال السنوات القليلة الماضية في تطوير التعليم الفني وجذب طلاب الشهادة الإعدادية للنهوض بالتعليم الفني، وتوفير العمالة الفنية ذي المهارة العالية لخدمة المجتمع بكافة قطاعاته.

وفي ضوء ذلك كشف الدكتور محمد مجاهد، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفني، فى حوار مع "فيتو" عن خطة الوزارة للاهتمام والتوسع في مدارس التعليم الفني وتطويره وتنويعها لتحقيق الهدف المرجو من التعليم الفني في مصر، وآخر تفاصيل مدارس التكنولوجيا التطبيقية الجديدة وغيرها من الأمور المهمة.. وإلى نص الحوار :

*ما الأرقام التى يمكن الإشارة إليها فى ملف التعليم الفنى؟

 عدد طلاب التعليم الفني خلال العام الدراسي الحالي 2019/2020،  بلغ 2 مليون طالب ، 45 % من بينهم في التعليم الصناعى ، 40% في التعليم التجاري، 11% في التعليم الزراعى، 2 % في التعليم الفندقى، و2 % في التعليم المزدوج.

بينما يبلغ إجمالي عدد مدارس التعليم الفني في مصر نحو 1200 مدرسة منفصلة أو مستقلة بالإضافة إلى أكثر من 900 مدرسة ملحقة على مدارس أخرى، ويبلغ عدد الخريجين نحو 600 ألف خريج سنويا، ومتوسط تكلفة الطالب سنويا في مدارس التعليم الفني وفقا لبيانات العام الدراسي 2019/2020 نحو 8000 جنيه سنويا، وقد ارتفع متوسط التكلفة السنوية للطالب خلال السنوات الدراسية الثلاث الماضية من نحو 6000 جنيه إلى المتوسط الحالي الذي يقرب من 8000 جنيه.

ويتم تخصيص ما يقرب من 80 % من هذه التكلفة للرواتب والأجور، والـ20% المتبقية لشراء الخدمات والسلع والأصول غير المالية مثل إنشاء المدارس وصيانتها.

*وما خطة الوزارة للاهتمام بالتعليم الفنى؟

 وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تعمل جاهدة على زيادة الإنفاق الحكومى على التعليم عموما وعلى التعليم الفني خاصة، كما تعمل أيضا على مشاركة القطاع الخاص في دعم التعليم الفني الجيد كما يحدث حاليا في مدارس التكنولوجيا التطبيقية.

كما تعمل الوزارة جاهدة لجذب أصحاب المجاميع المرتفعة إلى التعليم الفني عن طريق إجراء تحسن في جودة هذا التعليم وجعله أكثر ارتباطا باحتياجات سوق العمل، وهذا ما حدث مع مدارس التكنولوجيا التطبيقية، و هناك أيضا عدد لابأس به من المدارس الفنية يضمن إلى حد كبير فرصة عمل للطالب بعد التخرج، وهذه تجذب الطلاب أصحاب المجاميع المرتفعة في الإعدادية.

ومن أمثلة ذلك المدارس المنشأة مع الشركة القابضة لمياه الشرب والصرف الصحى، وكذلك المدارس المنشأة مع وزارة الكهرباء والطاقة وغيرها من تلك النوعية.

*وماذا عن الشركات؟

 يبلغ عدد الشركات التي تتعاون مع الوزارة في مجال التعليم الفني أكثر من 3400 شركة، ويتم هذا التعاون من خلال نظام التعليم المزدوج الذي بدأ في مصر عام 1993 واستمر حتى 2007 بدعم من الحكومة الألمانية.

وقد توقف هذا الدعم المباشر لمدة 6 سنوات بين 2007 وحتى 2013، ولكن النظام يعمل الآن عن طريق الوزارة وجمعيات المستثمرين وقد اقترب عدد طلابه الآن من نحو 60 ألف طالب، كما نتعاون مع العديد من الشركات الأخرى في توفير تدريب مهاري لطلاب التعليم الفني خلال فترة العطلة الصيفية في مختلف التخصصات.

وتعمل الوزارة  على تأهيل الطلاب لسوق العمل من خلال ربط وثيق بين المناهج الدراسية للتعليم الفني واحتياجات سوق العمل، وهو ما يتم حاليا عن طريق تحويل المناهج لتعمل بمنهجية الجدارات التي يتم الاتفاق عليها مع رجال الصناعة.

كما يتحقق تأهيل الخريجين لسوق العمل أيضا من خلال تدريب الطلاب على ممارسات ريادة الأعمال من خلال مقررات متخصصة في ذلك، مما يساعدهم على إجراء دراسات جدوى المشروعات والتعرف على سبل تمويلها وإدارتها، مما يساهم في دعم إنشاء المشروعات الصغيرة والمتناهية في الصغر ويعمل على إحداث النمو الاقتصادي المرغوب.

*برأيك.. ما هو أفضل نماذج التعليم الفنى فى مصر؟

تجربة إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية من نماذج مدارس التعليم الفني التي تشهد نجاحا ملموسا، حيث تنشأ هذه المدارس بناءً على بروتوكول شراكة بين الوزارة وأحد الجهات الدولية أو الاستثمارية المؤمنة بمبدأ الاستثمار في البشر وترغب في المشاركة في تكوين شباب الفنيين الذين يعملون لديها أو لدى غيرها في المستقبل، ونموذج هذه المدارس يهتم بتقديم مناهج قائمة على منهجية الجدارات التي تخاطب احتياجات سوق العمل.

كما يركز على إجراء متابعة وتقييم مستمر للعملية التعليمية وجودتها ولأداء المعلمين، ويحفز الشركاء الصناعيين على اعتماد البرامج التعليمية بالمدرسة وكذا العمل على اعتماد الخريجين أيضا .

*وماذا عن خطط الوزارة للمستقبل؟

تخطط الوزارة  للتوسع وإنشاء مدارس تكنولوجيا على مستوى الجمهورية، حيث تم افتتاح 3 مدارس تكنولوجيا تطبيقية في سبتمبر 2018، كما تم افتتاح 8 مدارس أخرى في سبتمبر 2019، وتتضمن خطة الوزارة إنشاء 10 مدارس من هذا النوع كل عام حتى يصل عدد تلك المدارس إلى 100 مدرسة تكنولوجيا تطبيقية في عام 2030 والعامل الأساسي في إنشاء هذه المدارس هو وجود الشريك الصناعى وحماسه للعمل والشراكة مع الوزارة في هذه المنظومة الجديدة.

كما إن  أغلب مدارس التكنولوجيا التطبيقية تقع في محافظة القاهرة (7 مدارس من إجمالى 11 مدرسة)، و هناك أمل في التوسع الجغرافي في هذه المدارس في المستقبل، لذلك نأمل في تشجيع المستثمرين للانخراط في الشراكة مع الوزارة في مثل هذه المدارس.

وأذكر هنا أن الوزارة وقعت مع بنك التعمير الألمانى (KfW) اتفاقية مشتركة لتطوير وتأهيل عدد من مراكز الكفاءة في مدارس التكنولوجيا التطبيقية ومدارس التعليم الفنى وإنشاء مركزى كفاءة Centers of Competencies متخصصين في مجالات الطاقة المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة في مدارس التكنولوجيا التطبيقية في كل من الغردقة وأسوان وتبلغ قيمة الاتفاقية 41.5 مليون يورو، بالإضافة إلى منحة بقيمة 18 مليون يورو مقدمة من جمهورية ألمانيا الاتحادية.

كما تساهم جمهورية مصر العربية بالحصة المتبقية والبالغة (3.5 مليون يورو) كمساهمة عينية، وهذه الاتفاقية تهدف لتحسين القدرات الفنية والبشرية من أجل توفير التعليم والتدريب المهنى المرتبط بسوق العمل وكذلك الترويج لتعليم فنى ذى جودة عالية من أجل تحسين ظروف النمو الاقتصادى المستدام وخلق فرص عمل في مصر.

كما تم تأسيس وحدة متخصصة لمدارس التكنولوجيا التطبيقية بالوزارة لإدارة وتشغيل تلك المدارس، كما يتم توفير دعم مالى لهذه الوحدة من قبل برنامج مبادلة الديون بين مصر وإيطاليا، سيستمر لمدة 4 أعوام قادمة، وسيبدأ العمل في هذه الوحدة خلال الأسابيع القليلة القادمة .

*وماذا عن تطوير المناهج وتحديثها؟

الوزارة انتهت من تطوير 36 منهجًا بالفعل وتم تطبيقها في سبتمبر 2019 في 105 مدارس وتم تدريب المعلمين على المناهج الجديدة، وكان من المقرر أن يتم تطوير نحو 40 منهجا كل عام، ولكن التحديات الراهنة الناتجة عن جائحة كورونا أجبرتنا على الإبطاء قليلا في برامج تطوير المناهج، ومن المقرر تطوير 10 مناهج فقط بدلا من 40 منهجًا لنبدأ تطبيقها في سبتمبر 2020 .

*وهل لمست تغييرًا فى نظرة أولياء الأمور إلى التعليم الفنى؟

تغيير نظرة المجتمع إلى التعليم الفني سوف تحدث عند إجراء تحسين على جودة برامجها، والمقدرة على إتاحة فرص عمل بأجور مجزية للشباب من خريجيه ، ورفع قدرته على المنافسة في أسواق العمل المحلية والخارجية، وهناك العديد من الآليات التي تعمل عليها الوزارة حاليا لتحقيق الأهداف المذكورة، مثل: إنشاء هيئة مستقلة لضمان الجودة والاعتماد لبرامج التعليم الفني والاعتماد الدولى لخريجي التعليم الفني وتحويل البرامج الدراسية لتعمل بمنهجية الجدارات التي يحتاجها سوق العمل.

*وما آخر تطورات إنشاء هيئة لاعتماد برامج التعليم الفنى؟

- انتهت الوزارة من إعداد مشروع القانون الخاص بإنشاء الهيئة المستقلة لجودة برامج التعليم الفني، والمشروع حاليا على أجندة مجلس الوزراء تمهيدا لمناقشته وإحالته إلى مجلس النواب للإصدار .

*وماذا عن التحديات التى تواجه التعليم الفنى فى مصر؟  

- تكمن التحديات الحالية في ضعف الارتباط بين بعض برامج التعليم الفني واحتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى عدم كفاءة منظومة ضمان الجودة التي تركز على الجودة المؤسسية، وعدم كفاية التدريب المتاح لمعلمى التعليم الفنى، ويتم التغلب على ضعف الارتباط باحتياجات سوق العمل عن طريق إنشاء مدارس التكنولوجيا التطبيقية وتحويل المناهج لتعمل بأسلوب الجدارات التي يتم التفاهم بشأنها مع رجال الصناعة، كما يتم العمل على إنشاء هيئة مستقلة لضمان جودة واعتماد برامج التعليم الفني وأكاديمية مستقلة لتدريب معلمى التعليم الفنى ".  وأذكر هنا أن الوزارة انتهت من إعداد مشروع قرار رئيس الوزراء بإنشاء أكاديمية معلمى التعليم الفنى، وتم تقديمه إلى مجلس الوزراء للإصدار، وستكون هذه الاكاديمية تابعة لوزارة التربية والتعليم بعكس هيئة الجودة المستقلة لبرامج التعليم الفني، وسيكون لهذه الاكاديمية فروع في المحافظات ستعمل من خلال مراكز التميز التي ستنشأ في مدارس التعليم الفني في كل محافظة.  التعليم الفني يعانى أيضًا من عجز المعلمين في بعض التخصصات؛  نتيجة التوقف عن تعيين معلمين جدد وخروج عدد كبير من المعلمين إلى التقاعد عند بلوغهم السن القانونية .

*وهل فكرت الوزارة فى مجابهة هذا العجز؟

- سيكون ذلك عن طريق التعاقد مع خريجى الجامعات وذوى الخبرة، ويشتد الاحتياج بدءا من العام الدراسى القادم إلى المعلمين ممن لهم خبرة في استخدام تكنولوجيات المعلومات، وسيكون للأكاديمية التي ستنشأ قريبا لمعلمى التعليم الفنى دور كبير في تدريب خريجي الجامعات للعمل في مجال التعليم الفني، كما أن الوزارة  تعلمت كثيرا من جائحة كورونا وتمكنت من إتاحة العديد من وسائل التعلم عن بعد لطلاب التعليم الفني منذ توقف الدراسة بالمدارس في منتصف مارس الماضى، ولا شك أن التعليم ما بعد الكورونا سيتضمن جرعة لا بأس بها من التعليم عن بعد، مما يستلزم استخدام الفصول الافتراضية، وربما المعامل الافتراضية أيضا في بعض الأحيان، بالإضافة إلى الحضور بالمدرسة لعدد من أيام الأسبوع لإجراء التدريبات العملية الضرورية، ويستلزم ذلك توفر أجهزة مناسبة لدى الطلاب تمكنهم من الاستفادة من برامج التعليم عن بعد، والوزارة ستستفيد من خبراتها السابقة في توفير أجهزة تابلت لطلاب الثانوي العام في تطوير منظومة التعليم المقدم جزئيا عن قرب وجزئيا عن بعد لطلاب التعليم الفني. 

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"  

الجريدة الرسمية