رئيس التحرير
عصام كامل

مافيا أصحاب البالطو الأبيض.. ضعف في الرقابة وغياب تام للمتابعة وفرض الغرامات.. والصحة ترفع شعار لسنا جلادين للقطاع الخاص

فيتو

وفقا لإحصائيات الإدارة المركزية للعلاج الحر بوزارة الصحة، وهي الجهة المنوط بها الرقابة على منظومة القطاع الخاص  في مصر يوجد ٢٠٠٠ مستشفى خاص و380 ألف عيادة تقدم ٧٠% من خدمات القطاع الصحي في مصر.

 

منظومة عشوائية

وعلي مدار السنوات الماضية اتسمت تلك المنظومة بالعشوائية والاستغلال والربح وعدم وجود رقابة قوية عليها، نظرا لوجود عدة تحديات منها ضعف أعداد المفتشين في إدارة العلاج الحر، بجانب سلطة ونفوذ كبري المستشفيات الخاصة، فضلا عن أن القطاع الخاص يقدم خدمات طبية لآلاف المواطنين.

ضعف الرقابة والتفتيش ساهم في عدم التزام المستشفيات الخاصة بأسعار تقديم الخدمة الطبية، ومنذ عامين اعتزمت وزارة الصحة  وضع لائحة استرشادية لأسعار الخدمات الطبية بجميع المستشفيات، تكون معلنة لجميع المواطنين نتيجة مئات الشكاوى التي يقدمها المرضي من فواتير مجحفة تطالبهم المستشفيات الخاصة بدفعها في نهاية الإقامة بالمستشفي.

ورغبت وزارة الصحة في وضع تلك اللائحة لعدم استغلال المستشفيات للمرضى الا انها لم تخرج للنور ولم تطبق حتى الآن  وتم اقتصار التطبيق على منظومة التأمين الصحي الشامل فقط وتحديد أسعار جبرية للاشتراك في المنظومة لشراء الخدمة.

فيروس كورونا

ومع انتشار فيروس كورونا، ظهر بوضوح مدي المغالاة التي تطبقها المستشفيات الخاصة في العلاج، ووضع أسعار باهظة الثمن للخدمة الطبية، وهو ما لا يقدر عليه المواطن الذي لن يجد له مكانا في مستشفى حكومي، مما دفع وزارة الصحة لوضع قائمة أسعار استرشادية للمستشفيات عليها أن تلتزم بها.

بدوره قال الدكتور محمد حسن خليل منسق لجنة الدفاع عن الحق في الصحة إن المستشفيات الخاصة لا تتخلي عن هدف التربح وتسعي لأقصى مكسب بصرف النظر عن الظروف الاجتماعية، موضحا أن دولة مثل إسبانيا وضعت يدها على المستشفيات الخاصة ويمكن أن تديرها وتنفق عليها وتضع عليها نسبة ربح معقولة وتعطيها لصاحب المستشفي.

وأوضح أن مستشفيات القطاع الخاص في مصر لا تشبع، والدولة ليست حازمة في مواجهة مخالفاتها، مشيرا إلى أن المطالب بتأميم المستسفيات الخاصة في زمن الكورونا وإدارة الدولة لها أمر ضروري مع احتفاظ القطاع الخاص بنسبة ربح لا يسبب خسارة للدولة ويحد من استغلال الناس.

الرقابة

وأكد أن إدارة العلاج الحر غير قادرة على كل المستشفيات متسائلا : لماذا لا نسمع عن عقوبات فرضت على المستشفيات الخاصة؟

فيما قال الدكتور إيهاب الطاهر أمين عام النقابة العامة للأطباء إن نقابة الأطباء ليس لها الحق في وضع لائحة أسعار للقطاع الخاص أو الرقابة عليه، ودورها ينحصر فقط في بداية تسجيل المنشأة، حيث يتم مراجعة الاشتراطات الخاصة بها ومجرد ترخيص المنشأة وبدء عملها لا يعطي القانون النقابة حق التفتيش.

وإدارة العلاج الحر فقط هي المنوط بها الرقابة على عمل المستشفيات الخاصة، وقال إنه توجد لجان تضع لوائح الأسعار الخاصة بالمنشآت الطبية الخاصة، طبقا لإمكانيات المستشفي ومستوي الخدمة التي تقدمها،  مشيرا إلى أن عددا كبيرا منها يبالغ  في الأسعار والبعض الآخر يقدم أسعارا معقولة.

وأوضح أن من يرغب في العلاج المجاني مكانه مستشفيات الحكومة وحقه يكون لدى الدولة، بينما المستثمر يستثمر أمواله إلا أن من حق المواطن مراجعة الأسعار وأن تكون معلنة للجميع.

أسعار كورونا

وأكد أن أسعار المستشفيات الخاصة لعلاج المصابين بفيروس كورونا مرتفعة للغاية، وتدخلت الصحة ووضعت حدا أقصى للأسعار إلا أن تلك الأسعار مبالغ فيها أيضا.

وأوضح أن الحديث عن تأميم المستشفيات الخاصة وقت الأزمات لا يجوز وهو بمثابة اعتداء على ملكية خاصة وأمر مخالف للدستور، موضحا أن العلاج مسئولية الدولة في الأزمات ويمكن أن تأخذ إجراءات تلزم الخاص بتقديم العلاج بهامش ربح بسيط بجانب سعر التكلفة، مشيرا إلى أن الدولة عليها منع الاستغلال للموقف، ويمكن وضع  ضريبة خاصة بالأزمة طبقا لأرباح لكل منشأة خاصة.

من جانبه قال محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء إن البنك الدولي  في ٢٠١٩ أصدر بيانا أعلن فيه إنفاق ١٢٠ مليار جنيه جملة الإنفاق الصحي منهم ٦٨% للقطاع الخاص من جيوب المواطنين، أي إنه يساهم في ثلثي إنفاق الصحة مما شجع الاستثمار العربي السعودي والإماراتي على الاستحواذ على جزء من الإنفاق الصحي، من خلال إنشاء المستشفيات الخاصة الكبري وشراء مستشفيات من اصحابها نظرا لأنها تحقق ارباحا كبيرة نتيجة وجود  ١٠٠ مليون نسمة  ومعاناة النظام الصحي.

دور عربي 

وكشف استحواذ شركة إماراتية براس مال أجنبي على ١١ مستشفى، موضحا أن تعاظم دور مستشفيات القطاع الخاص أعطي فرصة للإجحاف بحق المواطن في  الصحة، وأنه مع بداية أزمة زيادة الإصابات بفيروس كورونا عرضت المستشفيات الخاصة تقديم الخدمة بمقابل مادي.

وأشار إلى أنه وفقا للدستور المصري يجرم كل من لا يقوم بتقديم الخدمة الصحية في حالات الطوارئ، موضحا أن الأوبئة تعتبر حالات طوارئ ووفقا لقوانين حماية الملكية الفكرية استثنت الدول التي لديها أوبئة، ويمكن لها تصنيع الأدوية التي تنقذها من الوباء  بدون الرجوع للشركات.

وتابع حديثه قائلا:" تقديم الخدمة الصحية حسب المواثيق والقوانين الدولية حق مكتسب، وليس منة من أي جهة كما أنها ليست سلعة، لكن المستشفيات الخاصة استغلت الأزمة وفرضت تسعيرة على المرضي، وأصدرت فواتير لمرضي منها الليلة بـ٥٠ ألف جنيه وفواتير بـ ٣٧٠ ألف جنيه إجمالي رعاية صحية لمدة أسبوع.، كما طلبت بعض المستشفيات دفع مقدم عال يصل إلى ٧٠ ألف جنيه".

وأكد أنه ليس مطلوبا من القطاع الخاص تقديم العلاج مجانا، ومعروف أنه قطاع يستهدف الربح، ولكن في ظل الأزمات لا تحقق مكاسب مرتفعة لأن المواطن غير قادر على دفع كل تلك المبالغ.

وأشار إلى أن المنظمات الحقوقية طالبت بتأميم المستشفيات الخاصة، ووضعها تحت إشراف الدولة مثلما فعلت عدد من الدول منها إيطاليا في بداية الأزمة، التي رأت أن  النظام الصحي لا يقدر على المواجهة، وقال إنه يجب وضع القطاع الخاص تحت إدارة حكومية مؤقتا بالاشتراك مع إدارة تلك المستشفيات في أوقات الطوارئ قائلا :" المستشفيات الخاصة لو بتكسب كل يوم مش لازم في ظروف الأزمات تكسب مبالغ ضخمة لأنها تعيش في مجتمع تتربح منه ".

المراكز الطبية 

وكشف عن قيام عدد من المراكز الطبية الخاصة في المناطق الشعبية، ضمن زيادة الفوضى في القطاع الخاص ونتيجة عدم وجود أسرة سواء في الخاص أو الحكومي بوضع برنامج للعزل المنزلي للمصابين بمبالغ تصل إلى ٢٥٠٠ أو ٣٠٠٠ جنيه نظير ذهاب طبيب يوميا إلى منزل المريض لقياس الصغط والإشراف على الحالة على مدار ١٤ يوما مما يعد تلاعبا والتفافا من لأماكن  الخاصة  لضمان الربحية.

قانون الطوارئ

ووفقا لتعديلات قانون الطوارئ يتم إلزام المستشفيات الخاصة والمراكز الطبية  والمعامل، في حالات الطوارئ الصحية بالعمل بكامل طاقتها لتقديم خدمات الرعاية الصحية، تحت الإشراف الكامل للجهة الإدارية التي يحددها رئيس الجمهورية، وتحدد هذه الجهة أحكام التشغيل والإدارة، والاشتراطات والإجراءات التي يجب الالتزام بها.

من جانبه قال الدكتور ممدوح الهادي وكيل وزارة الصحة سابقا للعلاج الحر إن القانون الذي ينظم عمل العلاج الحر للرقابة على المستشفيات الخاصة قانون ٥١ لسنة ١٩٨١  وقانون ٢٥٣ لسنة ٢٠٠٤.

فرض تسعيرة

وأوضح أن من صلاحيات العلاج الحر إجبار المنشأة الخاصة على قائمة أسعار معينة، لافتا إلى أنه في أزمة الكورونا وضعت المستشفيات الخاصة قائمة أسعار مرتقعة، نظرا لأن تقديم الخدمة مكلف لها، ولديها فرق طبية تحصل على أجور مرتفعة، وعلي سبيل المثال الممرض يعمل ١٥ يوما ثم يتم عزله ١٥ يوما اللتاكد من عدم إصابته ثم يحصل على إجازة ١٥ يوما أي ٤٥ يوما تتحملها المنشأة الخاصة في دفع أجره.

كما أن تكلفة الاشتراطات الصحية والوقائية مكلفة على المستشفي، بجانب غلق دور كامل لعزل المرضى وتوقف العمليات مما يسبب خسارة للمستشفي، إلا أنها لا تصل للأسعار التي أعلنت عنها المنشآت الخاصة.

وأوضح أن المنشأة الخاصة عند الحصول على الترخيص تقدم لائحة أسعار للوزارة للموافقة عليها قبل الترخيص ضمن الاشتراطات المطلوبة.

نقلًا عن العدد الورقي...

الجريدة الرسمية