رئيس التحرير
عصام كامل

حكم الشرع في خصام الأقارب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

حدث خصام بينى وبين بعض أقاربي وذهبت لمصالحتهم في يوم العيد فتجهموا في وجهي، فهل أقاطعهم أم أحاول مصالحتهم مرة أخرى؟

ورد هذا السؤال فى الجزء السادس - متفرقات- من موسوعة "أحسن الكلام فى الفتاوى والأحكام" للشيخ عطية صقر الرئيس الأسبق للجنة الفتوى بالأزهر الشريف، فيقول فضيلته:

الخصام بين الناس منهي عنه فوق ثلاث ليال كما صح في الحديث، وخير المتخاصمين من يبدأ بالصلح، والنهي شديد عن رفض الاعتذار عن الخصام، فقد روي عنه - صلي الله عليه وسلم - أنه قال: "من اعتذر إلي أخيه المسلم فلم يقبل عذره، لم يرد علي الحوض" رواه الطبراني في الأوسط .

 

اقرأ ايضا: حكم الشرع في ظهور الشعر تحت الطرحة

 

وأشد ما يكون الخصام سوءا إذا كان بين الأقارب لأن فيه معصية أخري، هي قطيعة الرحم، وقطيعة الرحم من الذنوب الكبيرة، والنصوص فيها كثيرة، ومن أجل هذا ينبغي أن يتحمل المسلم أكثر ما يتحمل إذا كانت المضايقات من أقاربه، وينبغي ألا يقابلهم بمثل إساءتهم خصاما وقطيعة، فالحديث في هذه الحالة يؤكد عدم القطيعة.

 

ومما ورد في النص على ذلك ما رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه عن أبى ذر رضى الله عنه قال: أوصانى خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال، وذكر منها: أوصاني أن أصل رحمي وإن أدبرت . وما رواه البخاري وغيره "ليس الوصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها".

 

ومن الحوادث التي تشبه ما جاء في السؤال ما ذكره أبو هريرة - رضي الله عنه - أن رجلا قال: يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عليهم ويجهلون علي، فقال: «إن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت علي ذلك» رواه مسلم. والمل هو الرماد الحار، وهو تشبيه ما يلحقهم من الإثم بما يلحق آكل الرماد الحار من الألم، ولا شيء علي هذا المحسن إليهم لكن ينالهم إثم عظيم بتقصيرهم في حقه وإلحاقهم الأذي به.

 

اقرأ ايضا: حكم الشرع فى شفط عدد من الأجنة لاستمرار الحمل

 

هكذا شرح النووي معني الحديث، وأقول لصاحب السؤال: استمر على صلة رحمك علي الرغم من موقفهم منك، وادع اللّه لهم بالهداية كما دعا الرسول لأهل مكة ، ولا تقصر في حقهم ، بل اجعل حبل الصلة ممدودا ولو بأقل ما يمكن. واقرأ قول الله تعالى: {وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ۚ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} (فصلت: 34،35)

 

الجريدة الرسمية