رئيس التحرير
عصام كامل

الرشوة بالإيمان


فى سوق الإخوان المسلمين السياسى، كل شيء معروض للبيع والشراء، القيم، المبادئ الأيديولوجية.. كله يقف فى صف واحد إلى جوار الزيت والسكر، حيث يمتلك مكتب الإرشاد قدرة رهيبة على التلون والتحول ويفوز بجدارة على أحسن حرباء متلونة، وينتصر على أشرس أفعى فى فن تغيير الجلد، لذلك لا داعى أن تتعجب أو تعلق على قرار مرسى بمنح الأقباط ترخيص لبناء كنيسة النوبارية بالبحيرة قبل أيام من اليوم الموعود 30 يونيو.

وعلى الرغم من رفضنا لطريقة منح الترخيص، حيث نطالب بوجود قانون ينظم بناء الكنائس، ويا ليتها تكون مجرد مادة فى قانون المبانى، لتنتهى أزمة مقيتة تعد عارا على بلد الحضارة التى بنت المعابد لعبادة الله الواحد منذ 5000 سنة، إلا أننا نسأل ماذا لو جاءت هذه الرخصة كهدية للأقباط فى عيد القيامة المجيد؟

ولكن فى عيد القيامة خرج مفتى الإخوان ليعلن تحريم تهانى المسلمين للأقباط فى العيد، الأمر الذى يفضح وبقوة رخصة الكنيسة التى طالب بها الأقباط من أهالى النوبارية منذ 17 عاما، ليأتى مرسى رائد الوحدة الوطنية ويتقرب بها للأقباط فى الوقت الذى لم ينف فيه ما ذكره الأستاذ هيكل بعد الهجوم البشع على الكاتدرائية، حيث قال إنه اقترح على مرسى زيارة الكنيسة فصرخ مستشاره (أنت عايزه يروح الكنيسة يا نهار أسود)..

لذلك فالأعمى قبل البصير يرى فى رخصة الكنيسة، رشوة علنية حتى لو اصطبغت بصبغة الإيمان، فلا يوجد عند الإخوان حرمة أو قدسية لشيء.. وهم كتجار زيت وسكر ودقون ودين يرفعون شعار: (اللى تكسب به العب به)، حتى لو كان مخالفا للفتاوى التى تربى عليها الإخوان من جيل إلى جيل، ولا أقصد هنا فتوى تحريم تهانى الأعياد، بل أيضا فتاوى شيخهم محمد عبد الله الخطيب التى تحرم بناء الكنائس (منشورة بالعدد رقم 56 بمجلة الدعوة الصادر فى ديسمبر 1980)، والآن ما رأى أعضاء الجماعة فى رئيسهم الذى خالف مفتيهم؟.. أم أنهم لا يفكرون إلا فى الكرسى والكرسى فقط هو سيدهم، لذلك فالتهديد بالمظاهرات تبيح المحظورات، وأن الرخصة هنا مثل أكل الميتة؟ أم يدركون حقيقة أنه لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة، لأنهم يضحون بما يروجونه للعامة على أنه الدين من أجل الحفاظ على مقاعدهم، من ذلك علاقتهم الحميمة بإسرائيل (العدو الصهيونى فى كتبهم وفتاويهم)، وقبولهم ربا صندوق القرض، وموافقتهم على منح الكباريهات رخصا لثلاث سنوات بدلا من سنتين، وأخيرا رخصة الكنيسة، التى لم يفرح بها الأقباط الذين يعانون الإقصاء والتمييز، وتطاردهم قضايا الازدراء كلعنة طائر يبحث عن من يحط على كتفه ويُلقى به خلف القضبان، بل وإهانة عقائدهم فى قنوات حلفاء الإخوان يوميا وعلى الهواء مباشرة، وتخطف بناتهم وتغتصب ممتلكاتهم فى عز الظهر بالصعيد.

هولاء لا يحتاجون لمنحة من رئيس طائفى يريد شق الصف الوطنى بهم، فالأقباط يرفضون الرشوة ويطالبون بالمواطنة الكاملة، وسوف يشاركون فى 30 يونيو فى الصفوف الأولى حاملين أرواحهم على أيديهم فداء لمصر محبوبتهم، فهم لا يملكون وجوه الإخوان المتعددة ولن ينزلوا أسواقهم للتجارة فى الإيمان، فالكنائس كما قال المسيح بيوت للصلاة، ولن تكون مغارات للصوص، أو رشاوى ثمنها خيانة الوطن.
-أمثال لهذا الزمان.. أنا ضد الباليه.. أنا مع الكبارية
الجريدة الرسمية