رئيس التحرير
عصام كامل

"الحرم الإبراهيمي" فى قبضة الصهاينة

وسط انشغال العالم بكارثة "كورونا" وحالة التمزق التي تسيطر على العلاقات العربية العربية، والفصائل الفلسطينية بعضها البعض، صدق "أفيخاي مندلبليت" المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية منذ أيام، على قرار يسمح لإسرائيل بمصادرة أراضي "الحرم الإبراهيمي" التابع لإدارة الأوقاف الفلسطينية بمدينة الخليل، بحجة تحديث المكان وتأهيله، لتسهيل وصول أصحاب الإعاقة لمبنى الحرم.

 

للأسف، أن القرار الإسرائيلي يأتي وسط توقعات ببدء الإسرائيليين فور تشكيل حكومتهم الجديدة - أي كان توجهها - بإجراء أحادي لضم نحو 30% من أراضي الضفة الغربية، طبقا لخطة السلام المجنونة التي أقرها "ترامب" وباركها "نتنياهو" والتي  ستمنح  لإسرائيل السيادة على مناطق جديدة يعيش فيها ما يزيد عن 150 ألف فلسطيني.

 

وبعيدا عن ردود الفعل العربية التي من المتوقع ألا تتعدى الشجب والإدانة، فإن الخطوة الإسرائيلية إن حدثت، فستكون بمثابة الكارثة للفلسطينيين، لأنها لن تمكنهم من بناء دولتهم -إن أرادوا- سوى على 70 بالمائة فقط من أراضي الضفة.

 

اقرأ أيضا: إثيوبيا تلعب بالنار

 

للأسف، أن كل التوقعات تشير، أن "نتنياهو" قد أعد العدة لطرح قرار الضم على الكنيست الإسرائيلي في يونيو القادم، وحتى إن تردد في التنفيذ إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية القادمة، فإنه سيطرح المشروع برمته في نوفمبر القادم، حتى وإن عارضة الرئيس الأمريكي الجديد ، في حالة خفاق "ترامب" حيث سيجد المشروع الأغلبية المطلوبة في الكنيست، وينسف كل فرص الوصول لاتفاق للسلام.

 

ويعرف "الحرم الإبراهيمي" عند اليهود باسم "كهف البطارية" أو "مغارة المكفيلة" ويعد رابع الأماكن المُقدّسة عند المسلمين بعد "المسجد الحرام بمكة المكرمة، والحرم النبوي بالمدينة المنورة ، والمسجد الأقصى" كما يعد ثاني الأماكن المقدّسة عند اليهود بعد "جبل الهيكل"، وقد تم تشيده فوق مغارة مدفونٌ فيه كلٌّ من "نبي الله إبراهيم، وزوجته سارة، وولدهما إسحاق وولده يعقوب، وزوجتيهما رفقة وليئة، كما أن هناك روايات تؤكد أن أنبياء الله "آدم، وسام، ونوح، ويوسف" مدفونون أيضا في الحرم المقدس.

 

اقرأ أيضا: التاريخ الأسود لمفاوضات "سد الكارثة"

 

وقد سبق لإسرائيل أن ضربت بقرارات اليونسكو والمجتمع الدولي باعتبار الحرم الإبراهيمي أثرا إسلاميا فلسطينيا عرض الحائط، وقررت ضمه إلى قائمة التراث اليهودي، ضمن خطة شملت ضم نحو 150 أثرا في مناطق مختلفة من فلسطين المحتلة، وادرجت لترميمهم وصهينتهم في ذلك الوقت نحو 400 مليون شيكل، أي ما يعادل 100 مليون دولارا.

 

الغريب أن الإجراءات الإسرائيلية في التعدي على الأراضي الفلسطينية، والتي لم تستفز العرب، أثارت المنسق الخاص لعملية السلام فى الشرق الأوسط "نيقولاى ملادينوف" ودفعته للتقدم بتقرير للمنظمة الدولية، قال فيه صراحة: "رغم أن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2334 ينص صراحة على أن كل المستوطنات التي يتم بناؤها في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدس الشرقية، لا تمتلك شرعية قانونية، وتعد انتهاكا صارخا للقانون الدولي، وعقبة كبيرة أمام تحقيق حل الدولتين، إلا أن إسرائيل لم تتوقف عن أنشتطتها الاستيطانية، التي وصلت منذ عام 2016 إلى أكثر من 22 ألف وحدة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.

 

اقرأ أيضا: "تطبيع" بطعم الفشل

 

الملفت، أن الخطوات الإسرائيلية جاء مواكبة لخطوات تمهيدية للكارثة التي يعتزم "نتنياهو" القيام بها، بعد الكشف عن خطة أعدها وزير الدفاع الإسرائيلي، تتم الموافقة عليها بالفعل، للسيطرة الكاملة على المنطقة "C" التي تشكل نحو 60٪ من الضفة الغربية، بعد القيام بعمليات هدم واسعة لمنازل الفلسطينيين بالمنطقة، ومنعهم من البناء.

 

الخلاصة، أن المشروع الإسرائيلى الجديد، يأتى مكملا لخطة طويلة الأجل للسيطرة على كامل أراضى الضفة الغربية، بعد أن شرعت فى سبتمبر الماضى فى مشروع لشق “شارعين جديدين” لربط مستوطنات معزولة بجنوب الضفة، بالمستوطنات الكبرى فى شمالها، مما سيجعلها تشكل طوقا يعزل القرى والمدن الفلسطينية، ويمكن إسرائيل من الإسراع في مخطط ضم أراضى الضفة الغربية المحددة بخطة "ترامب" ونسف حل الدولتين، والقضاء على حلم قيام الدولة الفلسطينية.

الجريدة الرسمية