رئيس التحرير
عصام كامل

الشيخ زكريا أحمد يتذكر ليالى رمضان الجميلة

فيتو

فى مجلة الكواكب عام 1949 كتب الموسيقار زكريا أحمد مقالا قال فيه: هذه من مذكراتى عن أهل الفن أكتبها للذكرى والتاريخ وقد ترددت فى نشرها لأننى أخشى ألا يتسع صدر فنانينا لبعض ماجاء بها من ذكريات الماضى مع مجموعة كبيرة من مطربى وملحنى جيلى الفنى ولكنى مع ذلك اقدم على نشرها وابدأ بأم كلثوم.

عندما أعود بذاكرتى أجد أننى لم أسمع اسم أم كلثوم قبل عام 1920 ..ففى ذلك العام دعيت لإحياء شهر رمضان صدفة عند أحد تجار السنبلاوين وكان يدعى على أبوالعينين وقد عرفنى به الشيخ أبو العلا محمد الملحن المعروف الذى تبنى ام كلثوم فى بداية حياتها الفنية وقد اتفق معى التاجر على أجر معين بشرط أن أغنى بعد انتهائى من تلاوة القرآن .

وذهبت للسنبلاوين وبدأت سهرات رمضان فى الغناء ومعى محمد عمر القانونجى وفى إحدى الليالى أخبرونى أنهم أعدوا لى مفاجأة وهى أنهم اكتشفوا فى بلدة مجاورة أجمل صوت سمعوه .

انتظرت فحضرت فتاة صغيرة تلبس العقال العربى والكوفية وتتعثر فى خطواتها الخجلة ومعهاأخوها يرتدى الجبة والقفطان والعمامة وأبوها يرافقها فى تنقلاتها ولا أدرى السر الذى جذبنى نحو هذه الفتاة .بدأت أحادثها فراعنى ذكاؤها الخارق وأعجبنى أيضا خفة دمها وروحها وهى ابنة الخامسة عشرة وطلبت منها أن تغنى فغنت وأبدعت وروت وأشبعت .

ومنذ ليلتها وأنا أصم لا أسمع إلا صوتها أبكم لا أتحدث إلا باسمها فقد أصبحت مفتونا بها وأحببتها حب الفنان للحن خالد تمنى العثور عليه دهرا طويلا  وتشجعت وطلبت منها أن تزورنى دائما طيلة شهر رمضان ..ولم تكن استجابتها حبا فى العبد لله بل كان شغفا لسماع القصائد التى أغنيها فى السهرات الرمضانية كل ليلة .وهكذا توثقت علاقتى بأم كلثوم وأخيها الشيخ خالد ..لكن انتهى رمضان وافترقنا وعدت إلى القاهرة الصاخبة التى تغمر كل شئ حتى الذكريات السعيدة لكن أم كلثوم ظلت تراسلنى بخطابات ساذجة مكتوبة بحبر أخضر يذكرنى بالخضرة والصوت الحسن وليالى رمضان الجميلة .

امتد التعاون بين أم كلثوم والشيخ زكريا أحمد بعد ذلك فبدأ يلحن لها عام 1931 بتسعة أدوار بدأت بـ هوه ده يخلص مين وفى عام 1939 لحن لها دور عادت ليالى الهنا ,بعدها جاء تلحين أغانى الأفلام فلحن أغانى الورد جميل غنى لى شوى شوى ساجعات الطيور .

نجيب محفوظ يحكي ذكرياته مع الشيخ زكريا أحمد

وفى الأربعينات لحن الشيخ زكريا لأم كلثوم أغنيات جبيبى يسعد أوقاته أهل الهوى انا فى انتظارك الحلم ثم حدثت الوقيعة بين الملحن والمطربة لمدة 13 عاما لينتهى الخصام عام 1960 بتلحين آخر ألحانه هوه صحيح الهوى غلاب ..معرفش أنا .

الجريدة الرسمية