رئيس التحرير
عصام كامل

المدافعون عن أمريكا وإسرائيل في زمن كورونا!

خلال الثلاثة أسابيع الماضية وبسبب انتشار فيروس كورونا الذي استحوذ على اهتمام كل وسائل الإعلام التقليدية المسموعة والمرئية والمقروءة، هذا بالطبع بخلاف وسائل الإعلام الجديدة وفي مقدمتها وسائل التواصل الاجتماعي.

حيث اعتبر الجميع أنه الحدث الأهم الذي تتراجع أمامه كل الأحداث الأخرى، ولما لا وهو الفيروس الذي يهدد البشرية جمعاء دون استثناء، ويهدد جزءًا كبيرًا من سكان الكوكب بالفناء إذا لم يتمكن الإنسان من اكتشاف علاج سريع له، لذلك كنت ضيفًا دائمًا لعدد من وسائل الإعلام التقليدية؛ مسموعة ومرئية محلية وإقليمية ودولية.. هذا بخلاف مقالي الأسبوعي الذي ينشر في بعض الوسائل الإعلامية المقروءة.. ويتم تداوله على بعض المواقع الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي والذي تناول الحدث من عدة زوايا.

لكن بعيدا عن الجدل الذي دار، سواء معي أو مع غيري حول الموقف من كورونا ومن المتسبب فيها؟ وما هى السيناريوهات المتوقعة؟ ومن سيكون الأكثر تضرراً الدول الغنية أم الدول الفقيرة؟ وهل فرص الوقاية من الوباء متساوية بين الأغنياء والفقراء أم أنها غير متكافئة من الأصل؟ وهل استطاعت الحكومات في الأنظمة السياسية المختلفة القيام بمسؤوليتها الاجتماعية تجاه مواطنيها؟

 

اقرأ أيضا:

مصر تتعامل مع أمنها القومي بوعي وهدوء!

وهل قام القطاع الخاص ورجال الأعمال بمسؤوليتهم الاجتماعية في الأنظمة الرأسمالية، سواء في دول المركز أو دول المحيطات؟ وهل ستتغير موازين القوى الدولية فيما بعد كورونا؟ وإلى أين تتجه هل ستظل الولايات المتحدة الأمريكية هى القطب الأوحد في العالم؟ أم أن دورها سيتراجع وتتقدم الصين للهيمنة منفردة على العالم؟ أم أن العالم يتجه إلى فكرة التعددية القطبية بين أمريكا والصين وروسيا؟ دون قدرة أى قطب على السيطرة والهيمنة المنفردة؟ بل سوف تتولد خرائط جديدة للصراع بين الأقطاب الثلاثة من أجل السيطرة والهيمنة على العالم؟

كما قلت، وبعيدا عن كل هذه التساؤلات التي تمت مناقشاتها بجدية شديدة عبر وسائل الإعلام المختلفة، لاحظتُ أن كثيرًا من ضيوف البرامج الحوارية يدافعون بشراسة عن أمريكا وإسرائيل ويتهمون وسائل الإعلام أنها منحازة وتروج الشائعات ضدهما، وهو ما جعلني أنفعل في أحد البرامج التليفزيزنية..

حيث أكدتُ أن الإعلام العالمي صناعة أمريكية بالأساس واللوبي الصهيوني هو الممول الأول للميديا العالمية فكيف يكون الإعلام منحازًا ضد أمريكا، وأن الولايات المتحدة التي يصفونها بأنها قمة الديمقراطية والحرية والدفاع عن حقوق الإنسان ليست كذلك بل هى دولة مستغلة تنهب ثروات الشعوب، وتقوم بإثارة الفتن والصراعات والحروب، وهى الراعي الأول للإرهاب في العالم..

اقرأ أيضا:

الحرب الباردة تتحول لنيران ستحرق العالم!

وأن الأزمة العالمية الراهنة بفعل كورونا كشفت عن الوجه القبيح لأمريكا، وأن العدو الصهيوني مغتصب للأرض العربية، ومازال يرتكب جرائم ضد الإنسانية دون أن يُدان أو يُعاقب من قبل المجتمع الدولي ومنظماته التي تكيل بأكثر من مكيال.

 وفي الوقت الذي وصف فيه أحد الضيوف الصين بأنها دولة أنانية وانتهازية لأنها رفضت التخلي عن سلاحها النووي، فكان ردي: قبل أن تقول ذلك عن الصين طالب أمريكا بالتخلي أولا عن سلاحها النووي وكذلك إسرائيل، ففي الوقت الذي أجبرت دولنا العربية على التوقيع على اتفاقية حذر الأسلحة النووية كان العدو الصهيوني يمتلك ترسانة نووية ضخمة ويرفض التنازل عنها ويهدد أمن المنطقة بأكملها.

 

ولسوء الحظ ونظرا لإجراءات حظر التجوال بعد السابعة مساءً في مصر، اضطررنا أن نسجل اللقاء نهاراً على أن يُذاع ليلاً، وخلال اللقاء وبعد مواجهة الضيوف المدافعين عن أمريكا وإسرائيل بالحقيقة قام الجميع باتهامي بكراهيتي لأمريكا وإسرائيل وهى تهمة أعتز وأفخر بها حتما لأنها مبنية على مواقف ثابتة من إجرام أمريكا وإسرائيل في حق شعوبنا العربية..

اقرأ أيضا:

الحصار الاقتصادي.. وسيكولوجية المقاومة!

 

وعندما انتقل الحديث لأحد الضيوف، وهو عضو بالحزب الجمهوري قرر الانسحاب من البرنامج، وقال للمذيع: لم أتفق على الظهور للحديث في مثل هذه الموضوعات والقضايا.. حديثي المتفق عليه هو عن كورونا فقط، ولذلك أنا منسحب من البرنامج وأدعوك على نفقة شركتي لزيارة أمريكا لترى بعينك عظمتها، هنا سارع المذيع ليؤكد حبه واحترامه لأمريكا وشعبها الصديق وأنه زارها ويعلم عظمتها..

 وقام أحد ضيوف الأستوديو بالتأكيد على عظمة أمريكا وبالقفز على كل النتائج المحتملة بعد كورونا ستظل لسنوات طويلة بعدها القوى العظمى الوحيدة المسيطرة على الساحة الدولية.

وانتهي اللقاء وانتظرت بثه في المساء.. وكما توقعتُ قامت القناة بحذف بعض العبارات التي صدرت مني خوفًا من أمريكا وإسرائيل أو إرضاءً لهما، خاصة حديثي عن سيطرة اللوبي الصهيوني على وسائل الإعلام في العالم، وامتلاك العدو الصهيوني للسلاح النووي واغتصابه للأرض العربية، وهو ما يؤكد ما ذهبت إليه بأن المدافعين عن أمريكا وإسرائيل في زمن كورونا يكنون عداء حقيقي لمجتمعاتهم ولا يرون ما تفعله أمريكا وإسرائيل من عدوان فاجر مازال مستمرًّا على كثير من مجتمعاتنا العربية في سورية والعراق واليمن وليبيا وغيرها.

 اقرأ أيضا:

لا تبيعوا لنا الوهم.. الإرهاب لا دين له!

والغريب أنه تم حذف حديثي عن سلبية بعض رجال الأعمال والذين لم يقوموا بمسؤوليتهم الاجتماعية خلال الأزمة، ولم يساعدوا الدولة على القيام بمسؤوليتها الاجتماعية على الوجه الأكمل، حيث هاج وماج الضيوف والمذيع الذي أكد أن هذا الكلام خارج عن موضوع الحلقة..

ومن المعروف أن بعض رجال الأعمال المصريين يعملون في خدمة النظام الرأسمالي العالمي.. لذلك لا عجب من تصريحاتهم وسلوكياتهم وهروبهم من مسؤوليتهم الاجتماعية، وتجنيدهم لكتائبهم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي للدفاع عن مواقفهم المخزية تجاه الوطن..

لذلك نطالب كل الوطنيين والشرفاء في مصر والأمة العربية بالتصدي للمدافعين عن أمريكا وإسرائيل ورجال الأعمال غير الوطنيين، وينتبهوا جيدا لكل ما تبثه الآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التى تزيف وعي الجماهير حول العالم من خلالها..

اللهم بلغت اللهم فاشهد.         

 

الجريدة الرسمية