رئيس التحرير
عصام كامل

"كنا بنكلم بعض من البلكونة" .. رب الأسرة المتعافية من كورونا يروي تفاصيل 11 يوما في العزل | صور

الأسرة المتعافية
الأسرة المتعافية من كورونا

في صباح الثاني والعشرين من مارس الماضي، كانت أسرة ضابط الطيران بمطار أبو سمبل في محافظة أسوان محمد عبد الفتاح، على موعد مع ظرف استثنائي، حدث لا يمكن أن يتكرر في عمر العائلة الصغيرة تلك إلا مرة واحدة في العمر، خبر نزل كالصاعقة على رأس الأب حينما أعلمه أطباء التحاليل في مستشفى الصدر بأسوان عن إصابته بفيروس كورونا، ضربت برأسه تعاملاته اليومية مع الزوجة والأبناء، استرجع في ذاكرته كيف ينتقل فيروس كورونا المستجد كوفيد – 19 إلى الشخص عن طريق التعامل المباشر، "أول ما عرفت إني عندي كورونا صعقت، قلت الفيروس بينتقل من الهوا وأنا بقالي 15 يوما من لحظة عودتي من السفر وأنا بختلط بأسرتي، أكيد هيتضروا بسببي!" وقد كان. فعلى أسرّة مستشفى الصداقة للعزل الصحي في أسوان رقدت الأسرة كلها مدة 11 يوما.

البداية كانت في نهاية فبراير الماضي حينما استعد محمد عبد الفتاح لطبيعة عمله في المطار للسفر في رحلة قصيرة إلى تايلاند وهونج كونج، والتي كان من المفترض أن تقلع في الثاني من مارس، أثناء الرحلة كان الخوف يسيطر على محمد يكاد لا يتوقف لحظة عن التفكير فيما ستؤول إليه الأمور بعد عودته من تلك المناطق الموبوءة بالفيروس الذي ضرب الصين لأول مرة في نهاية ديسمبر الماضي، "على مدار الرحلة مكنش فيه حد عنده حاجة لكن المنطقة كانت موبوءة، فقلت أكيد هختلط بحد مصاب وأنا مش حاسس"، وبالفعل اكتملت الرحلة على خير أو ربما ظن محمد هكذا!، حتى جاء يوم السادس عشر من الشهر ذاته، وبعد عودته للمنزل بحوالي 13 يوما، "بدأت 16 أو 17 مارس أحس بآلام شديدة الخاصة بالإنفلوانزا العادية وصداع شديد وصدر مشروخ وباخد حقن كل يوم لمدة أسبوع، لحد ما بعد أسبوع لقيت نفسي بيضيق في كل الفترة دي طبعا كنت في البيت وبختلط بالأولاد".

 

 

لم يكن هناك مفر من زيارة الطبيب وقوع البلاء كان أحب على محمد من انتظاره وانتظار الهلاك له ولأسرته كاملة في وقت قريب، فالعرض الأخطر للمرض بدأ في الظهور، الفيروس يفتك برئتيه وجهازه التنفسي كاملا، حتى شل قدرته على التنفس، لكن كانت الأسرة ماتزال بخير، " رحت للدكتورة يوم 21 مارس  قلت لها حوليني لمستشفى الصدر وعملوا لي أشعة وقالوا لي عندم التهابات في نفس اليوم 2 الظهر يومها 12 بالليل كانت عندي النتيجة إيجابية، من 22 مارس رحت مستشفى العزل في أسوان، وتاني يوم الأسرة كانت بتحلل ولقيت المدام بتقولي كلنا إيجابي وجايين لك المستشفى".

 
 

 

لا يمكن لعشرات بل آلاف الكلمات أن تعبر ما جال بخاطر محمد في تلك اللحظة، لا يعلم ماذا يفعل فهو حبيس غرفة في المستشفى راقد تحت رحمة أجهزة التنفس الاصطناعي يهاجم الفيروس كلما استطاع إلى ذلك سبيلا، لكن أن تأتي الأسرة كلها حاملة الفيروس ويكون هو السبب وراء ذلك فهذا ما لم يحتمل بالنسبة له، "لقيت كريم ابني 9 سنوات وهو الابن الأكبر داخل عليّ الغرفة، وأبلغوني إنه هيكون نزيل معايا، حسيت إنها طبطبة من القدر وربنا بيلطف في ابتلائه لينا"، أما الزوجة وسليم وفريدة فكانوا في الغرفة المجاورة، "قلت الحمد لله إننا مع بعض وبدأنا نتواصل بالتليفون حوالي 7 مرات في اليوم نطمأن على بعض".

 

 

ربما قد رأى أحدنا هذا المشهد في فيلم سينمائي أو مر على ذهنه في إحدى الروايات، جدار سميك وبضعة أمتار هو الحد الفاصل بينك وبين من تحب، على مقربة منك ولكن لا تستطيع لمسه، ضمه إلى صدرك أو الجلوس معه كما كنت تفعل في السابق، هذا بالضبط ما حدث مع الأب وأسرته، "كانت حيطة اللي بتفصل بينا لكن مكنتش عارف أخدهم في حضني وأطمن عليهم، كنا بنقف في البلكونة بعد ما حالتي اتحسنت ونتكلم بالساعات كأننا في بيتنا وعلى كدة لمدة 11 يوما".

 

 

اللطف طال بقية أفراد الأسرة، فلم تعان الزوجة أو الأبناء الثلاثة من أية أعراض لفيروس كورونا المستجد كوفيد – 19، "هما مكنوش حاسين بأي حاجة زيي خالص لأنهم اكتشفوا الفيروس معاهم في أوله ومعملش أي مضاعفات، هما جم لأنه عندهم بس، وقضينا 11 يوما في المستشفى" ومنذ حوالي 5 أيام أجريت لهم مسحة وكانت النتيجة سلبية وللمزيد من الطمأنة أجريت مسحة أخرى أول أمس الأحد وكانت أيضا سلبية، على إثر ذلك أعد الطاقم الطبي بمستشفى الصداقة لأسرة محمد عبد الفتاح حفل وداع صغير وبهذا كانت صفحة الأسرة الصغيرة في حربها ضد كورونا قد طويت آملين ألا تُفتح مرة أخرى.

 

الجريدة الرسمية