رئيس التحرير
عصام كامل

منقول!

"منقول".. كلمة متداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعى، يتناقل بها المتابعون معلومات، قد تكون صحيحة، إلا أن الأغلب أنها مغلوطة، بها نوع من المبالغة والافتراء والتدليس وتضخيم الأمور.

 

 منشور "فيسبوكى" يزعم أن الحكومة الصينية بدأت فى عملية "فرم" أجساد المتوفين بفيروس كورونا، وتعبئتها كـ"لحم مفروم"، تمهيدا لتوزيعها داخل الدول العربية والأفريقية، وكان هذا "التخريف" يحمل عنوان "تحذير هام وعاجل جدا".

اقرأ أيضا: الأوصال الممزقة

منشور آخر يتحدث عن فضل الوضوء للصلاة، وهذا له بلا شك العديد من الفوائد الصحية للإنسان، بتكرار عملية النظافة الشخصية خمس مرات يوميا، وتناقل المتابعون هذا المنشور بنوايا حسنة، لحث الناس على الإقبال على الصلاة، وهى دعوة حميدة ومن محاسن الأخلاق، إلا أن محاولة "تجميل الدين" بإضافة بعض التوابل، هى محاولة فاشلة لأن الدين ليس بحاجة إلى هذا، فبه من السلاسة والوضوح ما يكفى كى يدخل القلوب وتأنسه العقول.

 

يقول المنشور المتداول: "سبحان الله،، مدة بقاء فيروس كورونا في منطقة الأنف في حال الإصابة أو العدوى يستغرق من الوقت مدة 3 إلى 4 ساعات حتى يستقر في مجرى التنفس ويدخل إلى القصبات الهوائية بسبب كبر حجمه مقارنة مع الفيروسات الأخرى..

اقرأ أيضا: ماراثون حشو الأدمغة

وكما هو متعارف عليه فإن وقت الإصابة أو العدوى يحدث في وقت الظهيرة إلى نهاية اليوم لذلك(وجد العلماء) أن الوضوء للصلوات الخمس، خاصة ركن الاستنشاق ثلاث مرات وهو تنظيف الأنف أحد أسباب الوقاية من الفيروس، حيث أن المدة بين الصلاة والأخرى تمتد من 3 إلى 4 ساعات في معظم الدول العربية والإسلامية،، هنيئا للمصلين العابدين الشاكرين لله عزوجل والحمد لله رب العالمين على نعمة الاسلام".

 

وبالاستفسار عن مصدر هذه المعلومة طبيا، ولا أتحدث عن الشق الدينى مطلقا حتى لا يساء الفهم، فله من القدسية والرفعة ما يغنيه عن حديثي تماما، ولكن فقط ما هو مصدر هذه المعلومة طبيا، خاصة وأنها غير موثقة بمصدر دراسة أو هوية هؤلاء العلماء؟، لم أجد إجابة شافية سوى أنها منقولة!.

اقرأ أيضا: احترام الآخر

منشور آخر يدل على الافتراء والتدليس على الدين، فى محاولة لاستغلال النكبة العالمية بفيروس كورونا الذى ضرب أنحاء متفرقة من دول العالم فى بث المغالطات والأكاذيب والدين منها براء، يقول المنشور: "منقول،، عاجل من القناة الصينية الأولى،، دخول 20 مليون صيني في الدين الإسلامي بعد أن ثبت أن وباء كورونا لا يصيب المسلمين،، الله أكبر الحمد لله على نعمة الإسلام".

 

وهذا آخر انتشر بشدة مع بدايات الإعلان عن ظهور فيروس كورونا فى جمهورية الصين الشعبية:" سبحان الله، ‫فيروس كورونا يتمدد.. ووفيات تتصاعد..‏عزلوا ملايين المسلمين الإيجور وغيبوهم في معتقلات سرية، واليوم 4 مدن صينية تدخل تحت العزل والحجر الصحي؛ الجزاء من جنس العمل وما ربك بظلام للعبيد، الظلم مؤذن بالهلاك والخراب، فيروس صغير يهلك العشرات بعد ان نكّلوا بإخواننا الإيجور.. ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون".

اقرأ أيضا: ساعات الرعب

لا أدرى حقيقة.. ما علاقة الدين بهذا الدجل والهراء، وقد ضرب الفيروس دولا عدة ومسلمين كُثر، بل وبحسب مواقع إخبارية عالمية، أصاب عددا من مسلمى الإيجور أيضا ولم يفرق بين دين أو عرق أو جنس.

 

نتمنى تناقل المعلومة عن مصدر موثوق، وعدم التناقل بلا وعى وإعمال العقل أولا قبل بثها بالافتراء على شعوب محترمة نكن لها جميعا كل التقدير والاحترام، وما نتمناه الآن ونتضرع إلى الله به هو أن يمن على كافة المصابين بهذا الفيروس القاتل فى كافة أنحاء العالم، ومن كافة الديانات، بالشفاء العاجل، وأن يقي شعوب الأرض شر الأوبئة والأمراض..

 

فنحن بشر قبل كل شيء، وما كانت الديانات السماوية قاطبة محلا للشماتة ومزاعم الافتراء والتدليس، رفقا بأنفسنا من توغل الشماتة فى القلوب، وبث الكراهية فى النفوس، نحتاج الآن وبشدة أن نتوحد جميعا تحت لواء "الإنسانية" فى مواجهة هذا الشبح القاتل "كورونا". 

 

الجريدة الرسمية