رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ساعات الرعب


على وقع استمرار بعض حوادث الاعتداء النفسي والجسدي على الأطفال في المدارس، كان آخرها ختام الأسبوع الماضي، إذ حُبست طفلة لم تتجاوز العشرة أعوام من العمر داخل فصلها بعد أن نسيها مسئولو إحدى المدارس في محافظة كفر الشيخ، وأغلقوا عليها باب الدور والمدرسة الحديديين مع انتهاء اليوم الدراسي، وذهب كل إلى منزله.


ظلت الطفلة أسيرة الرعب طوال ساعة ونصف لولا أن سمع أحد المارة بكاءها وصراخها المستمر، ثم تسلق سور المدرسة محاولا إنقاذها وبادر بإجراء عدة اتصالات هاتفية أوصلته إلى مدير المدرسة الذي أرسل أحد العمال لفتح باب الدور المصفد، موبخا المنقذ على تسلقه سور المدرسة، ولا يعلم أحد إلا الله ما كان حال الطفلة لو لم يسمعها أحد، ولو ظلت طوال اليوم سجينة داخل المدرسة، على حين يجوب أهلها الشوارع بحثا عنها.

بحسب رواية الطفلة، كان الدور عليها لكنس فصل المدرسة في نهاية الأسبوع، ونسيها مشرفو الدور داخل الفصل وأغلقوا الأبواب بإحكام ثم ذهبوا، ثم عادت الطفلة وغيرت روايتها فيما يبدو أنه تحت ضغوط اعتبارات المجتمع الريفي البسيط من شراء خواطر البعض، إذ قالت إنها نسيت كتبها وعادت لتأخذها من الفصل، وهو الذي يعد أيضا ـــ لو كان صحيحا ـــ إهمالا جسيما من المدرسة، في مراجعة الفصول ومن بها قبل إغلاق الأبواب تماما.

لا أعلم حقيقة ما علاقة طفلة صغيرة بكنس فصل بأكمله وحدها مع احتمالات تعرضها لأى مكروه مثل سقوط أحد المقاعد عليها أو تعرض صدرها لهذا الكم من الأتربة والتلوث أو تعرضها للإغماء، فضلا عن أنه ليس عملها ولا مهمتها من الأساس، بل مهمة عمال المدرسة الذين يتقاضون أجرا من الدولة نظير القيام بهذا العمل، الذي أوكلوه بتقاعس مخزٍ لطلبة الصغار تحت مزاعم تعويدهم على النظافة!.

أذكر في مدرستى الإعدادية أن ناظر المدرسة كان يطلب من مدرس التربية الرياضية استغلال حصة الألعاب في "كنس حوش" المدرسة، ولا أعلم حتى الآن سر اختيار حصة الألعاب تحديدا لهذا الغرض، حتى أن أحد زملائنا تعرض لجرح غائر في يده وهو يجمع القمامة، بعد أن اخترقتها قطعة صفيح ملوثة بالأتربة، ولولا ستر الله لحدثت له مضاعفات صحية جسيمة.

السادة مديرى المدارس، السادة المدرسين... لماذا إصرار البعض منكم على الإهانة والتنكيل؟

نستحلفكم بالله ثم بكل معانى الرحمة والإنسانية، والأخلاق، أن تتعاملوا مع زهورنا الصغيرة كأنهم أولادكم، وأكرر كأنهم أولادكم فقط، وإذا قبلتم على أولادكم ما تقبلون على أولاد الناس، فافعلوا ولا حرج، وحينها بادروا من فوركم بتقديم أطفالكم إلى الخدمة الطوعية لتنظيف مدرستهم ثم مدارس المنطقة.

أذى نفسى، وقسوة عارمة، وتسلط مبالغ فيه، على كائنات صغيرة تحت مزاعم التربية، في شكل مهين لا يمت لها بأى صلة.

أذكر واقعة مؤلمة حدثت منذ سنوات على ذكر جزئية نسيان الطفلة محبوسة داخل المدرسة وما قد يحمل من مخاطر، إذ توفيت طفلة صغيرة تبلغ من العمر ستة أعوام بعدما نسيها مشرفو الباص المدرسي بداخله، وأغلقوا الباب، وكانت الطفلة نائمة واستيقظت لتبدأ الصراخ والبكاء الشديد المتواصل لمدة خمس ساعات وما من مجيب حتى توقف قلبها وتوفيت من الرعب.

حسنا فعل السيد محافظ كفر الشيخ، إذ قرر استبعاد مدير المدرسة، وتوقيع جزاء على النوبتجي، ومشرف اليوم الدراسي، ومعلم آخر حصة في الفصل الذي شهد الواقعة، وإجراء التحقيق معهم، كما كلف وكيلة وزارة التربية والتعليم، بتشكيل لجنة، والانتقال إلى المدرسة للاستماع إلى أقوال التلميذة، وولي أمرها وشاهد العيان الذي أنقذها.

ولكن،، أيكفى هذا؟ عقوبة لما تجرعته الطفلة من رعب وهى بعيدة عن أهلها، وفى حضنهم وأمانهم؟، أعتقد أن إلحاق الأذى النفسي بالأطفال في المدارس أمر يستحق وقفة قانونية حاسمة بمواد تشريعية تغلظ العقوبة على الممارسات الغير مقبولة من بعض المدرسين ومسئولى المدارس تجاه الطلاب، ومن بعض الطلاب المتجاوزين لقواعد الأدب والاحترام تجاه المدرس والمدرسة، وإلى أن يحدث هذا، فضلا لا تهينوهم ورفقا بهم وببراءتهم وبآدميتهم.

Advertisements
الجريدة الرسمية