رئيس التحرير
عصام كامل

يعقوب.. رسالة في الزمن الصعب

تعرض زميل لنا لوعكة صحية خطيرة، عندها حمله أصدقاء وجيران وبعض أهل إلى أقرب مستشفى، طلب طبيب الطوارئ تسديد عشرة آلاف جنيه تحت الحساب قبل الكشف على المريض..

 

كادت أن تحدث كارثة إثر انفعال المحيطين بالمريض حتى تدخل أحدهم وأودع بفيزا كارد المبلغ المطلوب، ساعتها بدأ الطبيب في الكشف على المريض وقام بما يجب أن يقوم به وأسعف المريض.

لولا إيداع المبلغ المطلوب لراح صاحبنا ضحية تعرضه لوعكة طارئة، في المساء تجمعنا حول صديقنا نتسامر معه ونخفف عنه ما مر به من تجربة، وبدأت الحكايات عن الطب والأطباء في بلادي وبدأت التساؤلات تطرح نفسها على المجموع بين مؤيد لموقف الطبيب ورافض له..

 

اقرأ أيضا

 الحوار الوطني.. دواء لكل داء

 

فالخدمات الطبية أصبحت باهظة الثمن والمستشفيات ليست جمعيات خيرية، غير أنها تبقى رسالة لا يلجأ إليها إلا كل محتاج أشد الحاجة.

على شاشة التلفاز الساكن أحد جدران الغرفة كان رسول من رسل الرحمة يتم تكريمه إنه العلامة والعالم الجليل مجدي يعقوب، يقف منتصبا مثل الهرم تعلو جبهته كل علامات الرضا، يردد عبارات بسيطة بساطة العلماء.. نفسي أنقل خبراتى للشباب.. مش عايز أي حاجة أعرفها أروح بيها لما أموت.. ما هذا الذي تطرحه في زمن الغش وعصر المهرجانات.. في أيام الانتهازية والاستغلال والتهليب؟!

 

اقرأ أيضا

استقالة وزير فقد سيطرته على الوزارة

 

ليست الصورة على نفس القتامة، فإذا كان في بلادنا حمو بيكا وشاكوش فإن فيها علي الحجار ومنير والحلو وإذا كان فيها طبيب الفيزا فإن فيها مجدي يعقوب ومحمد عبد الوهاب ومحمد غنيم، لا تزال بلادي غضة يانعة تطرح خيرا وتنبت أزهارا وتبنى ديارا لليتامى والمحتاجين والبسطاء، لا يزال في وطننا قمح ينبت وقطن يكسو العراة وزهر يزين بلكونات العامة في مناطق شعبية تعرف قيمة الورد.

الطبيب الذي بادل الرحمة والرسالة بكارد فيزا ليس وحده الانتهازي، ينضم إليه مهندس الحى الذي يبيع ذمته بقليل من الجنيهات أو كثير ويصبح رفيقه صحفي يبيع الكلام لمن يدفع، وموظف يفتح درج مكتبه ليتلقى ثمن الخدمة مرتين من طالب الخدمة، مرة من ضرائبه ومرة من جيبه، ومع كل ذلك تبقى رسالة الطب هي تضميد الجراح وإغاثة المريض حقا وواجبا قبل الدفع!!

الجريدة الرسمية