رئيس التحرير
عصام كامل

"المتغطي بالأمريكان عريان".. خط سير مبارك وسط حقل ألغام واشنطن

رؤساء أمريكا الذين
رؤساء أمريكا الذين عاصرهم مبارك

حاول الرئيس الراحل محمد حسني مبارك، خلال فترة حكمه تطوير العلاقات المصرية الأمريكية من خلال التعاون في كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، وعملت الدبوماسية بين الدولتين على إيجاد إطار مؤسسي يتسم بصفة الاستمرارية وهو ما أطلق عليه الحوار الإستراتيجي، لتحقيق التفاهم بين البلدين بمعزل عن التفاصيل اليومية لإدارة العلاقات المصرية الأمريكية.

إلا أن مبارك كان يعلم بأن ذلك لن يجعله آمنًا من أي غدر محتمل، وهو ما مثلته عبارة ذكرها مبارك لأحمد أبو الغيط وزير الخارجية الأسبق، وكشف عنها في مذكراته: «المتغطي بالأمريكان عريان».

تنبأت برئاسته

أظهرت وثيقة من دفاتر الخارجية الأمريكية منذ عامين، أن واشنطن تنبأت بحكم الرئيس الراحل محمد حسني مبارك لمصر، رغم أنها كانت تعتبره مفتقرا إلى قاعدة السلطة المستقلة، وأنه صناعة الرئيس اراحل محمد أنور السادات، وغير مناسب فكريًا لإدارة شئون مصر، إلا أنها أكدت أن نفس الوضع كان يعاني منه السادات ولكنه تعلم بسرعة وأربك منتقديه.

وفاة مبارك.. التفاصيل الكاملة لوفاة الرئيس محمد حسني مبارك

وجاء في الوثيقة أن مبارك كان يتمتع بتلمذة مهنية أطول في عهد السادات أكثر من تلك التي تمتع بها الأخير في عهد عبد الناصر، فقد فوض السادات سلطة أكبر بكثير لمبارك مما حصل عليه هو وقت حكم عبد الناصر، وأن مبارك لديه طاقة هائلة، ويبدو أنه نما في العمل، وأكبر مشكلاته هي ميله إلى تبني أساليب مبسطة للقضايا المعقدة، ومحاولاته المتكررة لإضفاء طابع شخصي على المشكلات المجردة، وأنه سيسير على نفس استراتيجية السادات الخاصة بتحقيق مزيد من التقدم في عملية السلام في المنطقة، بجانب التركيز على تحقيق التنمية الاقتصادية.

بداية العلاقة

بدأت علاقة مبارك مع أمريكا بعد رحيل السادات مباشرة، عندما جمعه لقاء مع الوفد الأمريكي الذي حضر إلى مصر لحضور جنازة السادات، وضم الوفد، الذي كان الأكبر بين كل الحاضرين من دول العالم، ثلاثة رؤساء سابقين هم جيمي كارتر وجيرالد فورد وريتشارد نيكسون، بالإضافة إلى عدد من نواب الكونجرس، فيما ترأس الوفد وزير الخارجية حينها أليكساندر هيج.

وفاة مبارك .. الحكاية الكاملة لخبر وفاة الرئيس الأسبق

وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز»، في تقريرها الذي نشر بتاريخ 10 أكتوبر 1981، ما دار في اجتماع الوفد الأمريكي بـ«مبارك»، على لسان العضو الديمقراطي ممثل ولاية تكساس في الكونجرس، جيم رايت جونيور، فقال إن اللقاء امتد مع «قائد مصر الجديد» لـ45 دقيقة أكد فيها نيته السير على سياسات سلفه أنور السادات، ومن ضمنها اتفاقية كامب ديفيد للسلام.

مبارك وأفريقيا.. محاولة اغتيال عقدت العلاقات مع القارة السمراء

وعبر «مبارك» عن فخره بأن وفد الولايات المتحدة، الحليف الأول لمصر، حسب وصفه، كان الأكبر بين كل الحاضرين، كما يروي «رايت»، وتبع لقاء «مبارك» بالوفد الأمريكي، لقاء لهم مع أرملة الرئيس الراحل، جيهان السادات، التي أكدت لهم حسب الصحيفة الأمريكية أن زوجها اختار الرجل المناسب لوراثة منصبه.

رونالد ريجان

 

 

كان الرئيس الأمريكى رونالد ريجان مهتماً بتدمير الاتحاد السوفيتى ولم يعط الشرق الأوسط أى اهتمام، وكانت العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى هذه الفترة «باردة».

وفي لقاء سابق، كشف مصطفى الفقي، الذي عمل سكرتيرا للرئيس  مبارك للمعلومات، أن الرئيس الأمريكى السبق رونالد ريجان اتهم مبارك بالتورط فى حادث اختطاف السفينة «إكيلى لارو» والتى تقل سياحا أمريكيين سنة 1985، وأن الرئيس مبارك امتنع عن زيارة أمريكا ثلاث سنوات كرد فعل على الاتهام.

مبارك والعرب .. ود لم ينقطع ومحبة مستمرة حتى مشهد الرحيل

بدأت العلاقة تعود مع حلول عام 1988م وجرت أول محاولة لتطوير العلاقات بعقد جلستين للحوار الاستراتيجي في القاهرة وواشنطن للتحاور حول القضايا السياسية الدولية والإقليمية علي مستوي الخبراء من الجانبين.

بوش الأب

 

 

كان جورج بوش الأب يمثل الرئيس الأمريكي الأقرب إلى مبارك، وقد تمثلت أوجه التعاون بين أمريكا ومصر وقتها في التعاون في حرب الخليج عام 1991 والاتفاق على ضرورة إحلال السلام في منطقة الشرق الأوسط وإقناع الأطراف العربية بالجلوس مع إسرائيل علي مائدة المفاوضات، حيث نجحت الدبلوماسية المصرية في إقناع الولايات المتحدة بإجراء حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية، وشهدت العلاقات الأمريكية المصرية تطورا كبيرا وجرت زيارات متبادلة بين الرئيسين.

وفي مذاكراته، قال عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق: إن أسعد لحظات مبارك الرسمية حينما أخطره الرئيس الأمريكي جورج بوش (الأب) بإلغاء جزء من ديون مصر العسكرية التي انخفضت بمقدار 7 مليارات دولار، إثر مشاركة مصر في تحرير الكويت عام 1991، وكان الرئيس الأسبق سعيدًا جدًا، وذكر له ولآخرين أنه ظل يضع خطاب الإعفاء في جيبه لعدة أيام، ويُخرجه كل حين ليقرأه، ويتأكد من أن المليارات زالت عن كاهل مصر وكاهله.

بيل كلينتون

 
 

 

الرئيس الأمريكي الأسبق "بيل كلينتون"، في الفترة بين عامي 1993 و2001، كان حريصا منذ اللحظة الأولي، علي مخاطبة ود القاهرة، وذلك في اتصال هاتفي مع الرئيس مبارك، أكد فيه دور مصر الهام في دفع عملية السلام في الشرق الأوسط بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وشهد عام 1994 أول زيارة رسمية قام بها "كلينتون" إلي منطقة الشرق الأوسط، وشملت عددا من الدول العربية وهى "مصر وسوريا والأردن والسعودية والكويت" بجانب دولة الكيان الصهيوني.

لكن القاهرة كانت أول دولة شد "كلينتون" الرحال إليها من بين تلك العواصم، في زيارة استمرت لمدة 9 ساعات كانت هي الأخري المدة الأطول زمنًا خلال تلك الجولة، حرص خلالها الرئيس الأمريكي على زيارة قبر الرئيس المصري الراحل أنور السادات، بالإضافة إلي عقده جلسة مباحثات مطولة مع نظيره المصري آنذاك حسني مبارك، ثمن خلالها علي دور مصر الداعم لقضية السلام، كما سافر مبارك إلى واشنطن بعدها أيضا.

جورج بوش

 

 

وعلي نفس الخطي، استكمل الرئيس الأمريكي جورج بوش، والذي شغل منصب الرئيس الأمريكي في الفترة بين عامي 2001 حتي 2009، وكان حريصا في بدايات فترة حكمه، علي التأكيد على دور القاهرة الريادي في منطقة الشرق الأوسط، لكن حبال الود الموصولة بينه وبين النظام مبارك، لم تدم طويلا، وذلك بعد الاختلاف علي طريقة إدارة العديد من الملفات، كان في مقدمتها الغزو الأمريكي للعراق.

وفي عام 2008، كانت مصر على موعد مع أول زيارة لجورج بوش ضمن جولة قام بها لزيارة عدة دول بمنطقة الشرق الأوسط، خصص للقاهرة منها ثلاث ساعات، في زيارة وصفها كثير من المراقبين آنذاك بغير اللائقة.

أوباما

 

 

العلاقة بين مبارك والرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، كانت في بدايتها تبدو هادئة وتقوم على تفاهمات شملتها زيارة من مبارك إلى البيت الأوبيض وأخرى من أوباما إلى مصر، وارتكزت على القضية الفلسطينية وبحث عملية السلام في الشرق الأوسط، إلا أن ذلك لم يستمر طويلا فمع قيام ثورة 25 يناير تخلى أوباما عن مبارك بالكامل وطالبه بالتنحي والاستجابة لمطالب الشعب.

 

الجريدة الرسمية