رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد رجب يكتب: أعداء كل جديد

أحمد رجب
أحمد رجب

في كتاب صدر بعنوان (أي كلام) عام 1990 ضم مجموعة مقالات الكاتب الصحفي أحمد رجب التي نشرت في صحف ومجلات الجيل وآخر لحظة وآخر ساعة والأخبار، وفي إحدى مقالاته بعنوان "دنيا الجديد" كتب يقول:

بعض الناس يلعنون الفيديو لأنه اختراع خطر على أخلاق الشباب، فلا يرون من هذا الإنجاز العلمي إلا وجهه القاتم.

وقد خلق الله يد الإنسان، فبنت وارتفعت بالبناء وعمرت الدنيا وأبدعت وكتبت ونظمت وعزفت الموسيقى، إلا أنه وفق آراء أعداء الفيديو كاسيت فإن هذه اليد تستحق قطعها لأنها تقتل وتسرق وتسبب أذى عظيما مثل كتابة مسلسلات التليفزيون.

وفي القرون الوسطى شنَّ رجال الدين حربا رهيبة ضد صدور الكتاب المطبوع، وقالوا إنه سوف يلهي الناس عن العبادة، واشترك الأمراء والإقطاعيون في الحرب ضد الكتاب لأنه سوف يصرف الناس عن العمل، ولما انتشر الكتاب وأدرك الناس قيمته بدأت حرب جديدة عند ظهور الصحف لأنها ستقتل الكتاب.

وعندما تم بناء برج القاهرة انتحر من فوقه شخص متزوج فنادى البعض بهدم البرج، ودارت المناقشات تبحث هل الأبراج وجدت قبل الانتحار أم الانتحار تم اختراعه قبل بناء الأبراج، أم أن الأبراج تحرض المتزوجين على الخلاص من الحياة.

وبعد ظهور السينما وانتشار دور العرض ارتفعت الأصوات تبكي وتلطم وتعلن عن ظهور تلميذ العصر السينمائي الذي ينط أسوار المدرسة من أجل حفلة الساعة العاشرة، فلما أصبحت الدراسة صباحية ومسائية نادى البعض بإغلاق دور السينما، ولما ظهر التليفزيون قالوا إن الأزواج أصيبوا بالخرس في البيت بسبب الفرجة على التليفزيون مع أن الزوج مخروس دايما منذ كان يجلس مع زوجته في كهف العصر الحجري.

وتوالت الاتهامات للتليفزيون فقيل إنه يسبب العته والبلاهة للناس بمسلسلاته النكد ثم اتضح أن الناس يحبون النكد بدليل أنهم يتزوجون طواعية. وإذا امتد إرسال التليفزيون إلى ما بعد منتصف الليل قالوا إن الناس تسهر إلى ساعة متأخرة فلا تنهض للعمل مبكرا، وإذا انتهى الإرسال مبكرا قالوا يا وقعة سودة على زيادة النسل الدنيا خربت.

البيئة تنفذ مبادرة "اتحضر للأخضر" في 3 مواقع بالوادي الجديد | صور

ولما اخترع جراهام بل التليفون في أمريكا شنت الدعاية للاختراع الجديد حربا رهيبة ضد السكة الحديد فكانت الإعلانات تقول لاتسافروا بالقطارات لزيارة أقاربكم بل تكلموا بالتليفون فهو أفضل من حوادث القطارات. واشتدت الحملات على القطار وترددت إشاعات وأقاويل وتحدثوا عن القطار الذي خطف خمسة ركاب من مقصورتهم ودخل يأكلهم في النفق.

الجريدة الرسمية