رئيس التحرير
عصام كامل

الذين يحبهم الله

شتان ما بين المحب لله تعالى والمحبوب منه سبحانه وبين طالبه ومطلوبه عز وجل وبين مريده ومراده سبحانه وتعالى، فالمحب الصادق هو الذي يدلل بكليته على الصدق في محبته فيلزم خط الاستقامة، ويلتزم بما كلفه الله تعالى به، ويأتمر بما أمر وينتهي عما نهاه ربه ويلزم حدوده ويقيم أحكامه، وفي الحديث القدسي يقول عز وجل: “وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه”..

 

هذا بالنسبة لحال المحب وما يجب أن يكون عليه. أما إذا تطلع العبد إلى أن يرتقي من منزلة المحب إلي منزلة المحبوب، وأن يكون له بربه عز وجل وصلا واتصالا وقربا وأن يحظى بأنسه سبحانه، فعليه أن يجتهد في أعمال عبادات النوافل وأعمال البر والإحسان والمعروف، وكل ما يقرب إلى الله تعالى وإلى ذلك أشار عز وجل بقوله تعالى في الشطر الثاني من الحديث القدسي: “ولا يزال يتقرب إلي عبدي بالنوافل حتى أحبه فإن أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه”..

 

هذا ولقد أشار الله تعالى إلى الذين يحبهم في كتابه الكريم في سبع آيات قرآنية، وهي على النحو التالي أولها المحسنون، والذي جاء ذكرهم في قوله تعالى (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة/195 . وقوله سبحانه: (ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ).

 

اقرأ أيضا: واقع مرير وشهادة حق

 

ثم يأتي بعد ذلك عباده المتقون حيث قال تعالى: (بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ) وقوله سبحانه (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ).. ثم يأتي بعد ذلك المقسطون حيث قال تعالى  (وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).. ثم يأتي بعد ذلك التوابين حيث قال  تعالى ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) ..

ثم يأتي بعد ذلك الصابرون لقوله تعالى ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ).. ثم يأتي بعد ذلك المتوكلون لقوله تعالى( فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ).. ثم يأتي بعد ذلك الذين يقاتلون في سبيله صفا واحدا لقوله تعالى (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ).

هذا وقد جاء في هدي النبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (إن الله يحب العبد التقي الغني الخفي).. وقال: (أحب الأعمال إلى الله إن تلقى الله ولسانك رطبا بذكره).. وقال أيضا: (إن الله يحب سمح البيع  سمح الشراء سمح القضاء) وقال أيضا: (إن الله يحب معالي الأخلاق ويكره سفسافها).

 

اقرأ أيضا: وصف حال المؤمن

 

هذا، ومعلوم أن الله تعالى لا يحب المعتدين والظالمين والمفسدين والكافرين والخائنين والمسرفين والمستكبرين والفرحين وكل مختال فخور.. هذا ومن علامات محبة الله تعالى للعبد أن يرزقه الاستقامة ويفتح له باب الطاعة والقبول وأن يرزقه محبته تعالى ومحبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وعلى آله ومحبة آل بيته وأصحابه والصالحين. وأن يوفقه في أعمال الخيرات.. ومن علامات محبته عز وجل أيضا أن يجمعه على عباده الصالحين الذين يذكرونه بالله ويعينوه على تزكية نفسه، ويذكروه بالله والآخرة والجنة والنار..

 

ويجنبه سبحانه صحبة الأشرار والفاسدين وأهل السوء وأن يجعل طعامه من حلال، وأن يحفظه من الحرام وأن يرزقه الطهر والعفة ويجعله من أهل الكرم والجود والسخاء والصدق والأمانة، وأن يلين جوارحه في الطاعة وأن يزكي نفسه ويطهر قلبه وأن يشغله بذكره. وأن يجعله من أهل الخير ويحب الخير للناس ويجبر بخاطرهم.. عزيزي القارئ جعلنا الله وإياك من عباده الذين يحبهم عز وجل.

 

الجريدة الرسمية