رئيس التحرير
عصام كامل

اللعبة تغيرت

ألم أقل لكم قبل يوم إن عامنا الجديد يبدأ ساخنا!.. وأقول لكم اليوم إن السخونة صارت الآن ونحن فى ثالث أيامه ملتهبة، ومرشحة أن تكون ملتهبة جدا، وتحديدا فى منطقتنا.. فبعد أن صدق البرلمان التركى على طلب أردوغان بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا، تمكنت أمريكا بضربة صاروخية من قتل “قاسم سليماني” قائد فيلق القدس..

والمعروف بأنه المسئول عن العمليات العسكرية الإيرانية خارج أراضيها، وتحديدا فى كل من العراق وسوريا ولبنان وعدد من دول الخليج، ومعه قتلت أيضا “أبو المهدى المهندس” نائب قائد قوات الحشد الشعبى بالعراق.

دعونا من تداعيات ذلك على الداخل الأمريكى، خاصة على عملية عزل ترامب أولا ثم على الانتخابات الرئاسية المقبلة ثانيا.. حيث بدأ الديمقراطيون يستثمرون الحدث فى توجيه مزيد من الانتقادات لترامب لأنه تجاهل حتى مجرد إخطار الكونجرس بعملية قتل “سليماني” قبل تنفيذها، وهو المفترض أن يحصل على موافقة..

 

اقرأ أيضا: صدام روسى تركى فى ليبيا !

 

فهذا أمر متوقع ولا أرى أنه سوف يغير كثيرا من احتمالات إفلات ترامب من عملية عزله التى أعدها له الديمقراطيون، كما لن يغير كثيرا أيضا من احتمالات فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن العوامل الداخلية تلعب الدور الأهم والأكبر فيها حتى الآن.

 

لكن ما يهمنا نحن أبناء هذه المنطقة المنكوبة بأصحاب الأطماع المختلفة، سواء على المستوى الدولى أو الإقليمى، هو تطور الأوضاع فى منطقتنا لأنه سوف يطالنا.. فإن الإيرانيين وعلى رأسهم مرشدهم خامئنى أعلنوا بصراحة أنهم سوف ينتقمون انتقاما كبيرا لمقتل أحد قادتهم العسكريين المهمين، الذى كان يرى مراقبون أنه يتم إعداده ليكون رئيسا لإيران.. ونحن نعلم أن إيران لديها ساحة واسعة يمكنها أن ترد فيها على تلك الضربة الأمريكية الكبيرة والمباشرة لها، تمتد من مياه الخليج إلى الأراضى السورية واللبنانية والعراقية..

 

واشتعال منطقتنا سيكون له تأثيره بالطبع على الأوضاع الاقتصادية فيها، وخاصة على تدفق الاستثمارات والسياحة بها، وبالتالى على معدلات النمو لدولها.

 

اقرأ أيضا : "ترامب" يخسر التحدى !

 

وفى المقابل فإن هناك تحذيرا أمريكيا صارما بأن واشنطن سوف ترد على أى عمل إيرانى انتقامى، بل وستقوم بالضرب لإجهاض أى عمل يتم التخطيط لتنفيذه يستهدفها.. ولا أظن أن ذلك يعد من قبيل التهويش فقط، وهذا ما تنطق به كلمات وزير الدفاع الأمريكى بعد الإعلان عن مقتل “سليماني”، الذى قال إن اللعبة قد تغيرت.. والتغير بدا واضحا فى انتقام واشنطن بشدة من حصار سفارتها فى بغداد، ومحاولة اقتحامها بعد أن حملت إيران المسئولية عن ذلك، فهذه العملية وبالطريقة التى تمت بها تشي بأن أمريكا كانت تحجم عن القيام بمثل هذه العمليات من قبل رغم قدرتها على ذلك، وهو الذى تمثل فى دقة ما لديها من معلومات حول أهداف إيرانية مهمة.

 

وعندما تصير المواجهة بين أمريكا وإيران على المستوى العسكرى مباشرة على هذا النحو فهذا من شأنه أن يمنح “أردوغان” فرصة للإقدام فى مغامرته بليبيا، وذلك بإرسال قوات عسكرية تركية لها، مستغلا انشغال وتورط أمريكا فى صراع أخذ الطابع العسكرى مع إيران، خاصة وأنه شخص مغامر ولا يرتدع بتحذيرات دبلوماسية من أوربا أو أمريكا..

 

ولذلك علينا أن نمنح ما يحدث حولنا كل انتباهنا، ندرسه ونقيمه بشكل مستمر فى ضوء تطوره والمتغيرات التى تطرأ عليه، لنحدد خياراتنا وما يتعين علينا أن نقوم به، متسلحين بالحكمة والحذر والقدرة على الفعل.

الجريدة الرسمية