تراث "ماسبيرو" مهدد بــ"المسح" بعد توقف "سوني" عن إنتاج أشرطة "الديجيتال".. ومشروع نقل المواد النادرة لوسائل حديثة محلك سر
لسنوات طويلة ظل تراث الإعلام المصرى، واحدًا من أبرز الإنجازات التي تتغنى بها قيادات اتحاد الإذاعة والتليفزيون “ماسبيرو” سابقًا، كما تعرض هذا التراث إلى محاولات عدة سواء للسرقة أو الإهدار، غير إن الفترة الأخيرة شهدت كارثة حقيقية باتت تهدد التراث بأكمله، بعد توقف إحدى الشركات المتخصصة في مجال إنتاج الشرائط "الديجيتال" عن تصنيعها تمامًا، وهي الشرائط التي كان العاملون في ماسبيرو يستخدمونها ولا يزالون يعملون بها في برامجهم منذ ثمانينيات القرن الماضي وحتى اليوم.
شركة سوني
المثير في الأمر أن توقف المصنع الخاص بشركة "سوني" عن تصنيع الشرائط الديجيتال، حاول العاملون في برامج ماسبيرو التغلب عليه باللجوء إلى مسح بعض الأشرطة القديمة الموجودة في المكتبات وتسجيل مواد أخرى عليها حاليا، وساعدهم ذلك على استمرار العمل دون مشكلات، حيث إن هناك عددًا من الأشرطة المسموح باستخدامها مرة أخرى لعدم أهمية المواد عليها.
الاستهلاك
وبدأت الأزمة الحقيقية في الظهور منذ أشهر، وتحديدًا بالتزامن مع ارتفاع الاستهلاك في تلك الشرائط وتلف البعض منها ما دعا المخرجون ومسئولو البرامج لمسح شرائط عديدة من المكتبات دون أن يتم تشكيل لجان لفحص الأشرطة والتأكد من محتواها، وما إذا كانت ذات قيمة تاريخية أم لا، بل أصبح كل ما يشغل هؤلاء العاملون هو إخلاء مساحة لتسجيل البرامج الخاصة بهم ليحصلوا على رواتبهم ومستحقاتهم الحالية دون النظر إلى أي شيء آخر.
مسح شرائط الديجيتال أصبح هو الحل حاليا في برامج التليفزيون، بسبب تأخر قيادات الوطنية للإعلام في تنفيذ مشروع «أرشفة التراث» ونقله على سيرفرات بعيدا عن أشرطة الديجيتال، والذي بدأ قبل سنوات بين مصر والصين، وسافر إلى الأخيرة وفد من «ماسبيرو» ضم المسئولين في قطاع الهندسة الإذاعية ومسئول للمكتبات بالتليفزيون، إلا أن الأمر توقف تماما دون أي اهتمام بذلك التراث الذي بات معرضًا للضياع نتيجة الغلاء العشوائي للشرائط، خاصة أن الشركة توقفت عن إنتاج أشرطة جديدة.
تراث التلفزيون
تجدر الإشارة إلى أن أزمات «تراث مكتبات التليفزيون المصرى» لم تتوقف عند حد الشرائط الديجيتال ومسح الكثير منها دون خضوعها إلى لجان مشاهدة من متخصصين يحكمون على أهمية المواد المسجلة عليها قبل أن يتم إخلاؤها لصالح حلقات وبرامج حاليا، لكن الأمر امتد إلى ما هو أكثر من ذلك.
فبحسب مصادر هندسية مطلعة، فضلت عدم ذكر اسمها ذكرت فإن هناك أكثر من ١٢٠ ألف شريط «بيتا كام» تم استخدامها في برامج التليفزيون منذ ستينيات القرن الماضي وحتى نهاية الثمانينيات، أصبحت مهددة بالتلف نظرًا لقرب انتهاء عمرها الافتراضي ما يعني ضياع كل ما تحويه من مواد هامة، وتعد نوادر لن تتكرر خاصة وأن مراحل النقل لتلك المواد من أشرطة الـ«بيتا كام» يسير بمعدلات ضعيفة للغاية.
وشددت المصادر على أن الحل الأفضل لإنقاذ ما يمكن من تراث التليفزيون يحتاج إلى ضرورة تشكيل أكبر قدر من مجموعات عمل ونوبات متتالية على مدار الـ٢٤ ساعة من العاملين المتكدسين في الإدارات داخل المبنى، وندبهم للعمل على نقل التراث عبر الماكينة القديمة التي لا يزال ماسبيرو يحتفظ بها، ووضع كل ذلك التراث على «هاردات» بما يسهل من الحفاظ عليه بدلا من تركه لعوامل الزمن فريسة، ليعلن عن إهدار تاريخ واحد من أهم وأقدم التليفزيونات في المنطقة العربية على الإطلاق.
نقلًا عن العدد الورقي...