رئيس التحرير
عصام كامل

حب بين الروح والجسد! (2)

 

توقفنا أمس عند عودة “وانج شو” من غربته نهاية “النهر الأصفر” بالصين هو وزوجته وابنهم، وقد تركهم في المحطة لحين الذهاب لأبيها، الذي هو زوج عمته، ليستطلع أمرهما بعد أن تزوج ابنتهما التي لحقت به إلى هناك دون رغبته هو رغم موافقة أمها أو عمته..

لكنْ أبوها استقبله بفتور وسأله عن حاله منذ رحيله. فأبلغه أنه سعيد مع ابنته.. إلا أنه سأله عن أي ابنة يتحدث؟ فأبلغه أنها ابنته هو.. ابنة عمته! فقال والدها ساخرا إن ابنته لم تغادر منزلهم منذ رحيله عن القرية، ومريضة ولا تتحرك ولا تتكلم منذ سفره!

اندهش.. ولم يصدق. فاصطحبه أبوها إلى البيت وبعد أن احتضن عمته طويلا، وبكت طويلا فتحت له غرفة ابنتها فإذا بها فعلا على سريرها شاحبة اللون نحيلة الجسد!!  

دارت في ذهنه أسئلة كثيرة.. إذن من التي تزوجها؟! ومن التي أنجب منها؟! ومن التي ذهبت خلفه عند تركه القرية بعد رفض زواجهما؟! ومن التي تنتظره في المحطة؟!

لحظات من الصمت بينه وبين عمته وبين زوجها.. لكنه غادر مسرعا ليتيقن مما يحدث وذهب إلى المحطة.. وهناك وجد زوجته ابنة عمته أيضا! اصطحبها مسرعا إلى بيت أبيها.. رأوها.

إنها ابنتهم.. إذن من التي بالداخل؟! فتحوا باب الغرفة فإذا بابنتهم “تشين” التي بمدخل البيت تنظر إلى ابنتهم المريضة “تشين”، التي على السرير دون حراك! وفجأة وقبل أن ينطق أحد. إذ بـ”تشين” المريضة التي لا تنطق ولا تتحرك. إذ بها تبتسم.. تتحرك قليلا.. يدب فيها النشاط.. لونها يتبدل.. ترفع عنها غطاءها.. تغادر سريرها..

تمشي ببطء.. تتجاوز باب غرفتها.. تقترب من “تشين” التي في مدخل المنزل.. وفي لحظات يصيران جسدا واحدا مبتسما سعيدا.. تحتضن أمها وأباها.. وزوجها وابنها.. عاد الجسد إلى الروح أو العكس!  

كانت تلك ملخصا مستقلا وببعض التصرف لقصة صينية بعنوان "ذات الجسدين" للأديب الصيني “لينو تانج” ترجمت في مصر وتحولت إلى أعمال فنية.. مسرحية وإذاعية.. والأخيرة من إعداد “مصطفى السيد” وقام ببطولتها “ناصر سيف” و”لقاء سويدان” و”عواطف حلمي” وأخرجتها “ناهد الطحان”.. ربما قبل عشرين عاما أو يزيد..

وبعدها توقف هذا النوع من الإنتاج.. وهنا نتوقف عند الدراما وكيف تنقل ثقافات الشعوب الأخرى  وآدابها.. وكيف تنقل لنا عوالم بعيدة بمدنها وقراها وجغرافيتها وأسماء شعوبها.. وكيف يقرب ذلك الشعوب ويدفعهم هناك إلى فعل الأمر نفسه لتفعل القوى الناعمة ما لا يستطيع غيرها فعله! القوى الناعمة يا ناس!

الجريدة الرسمية