رئيس التحرير
عصام كامل

"انتي" خائنة!!


سعت للتوصل إلى رأي يرضيها ويطيب أوجاعها فأمسكت بالهاتف، واتصلت على رقم البرنامج.. الشيخ موجود والبرنامج الذي على قناة النهار واسمه "بكرة أحلي" قد بدأ.. وبعد جهد جهيد وصلت أخيرا للاستوديو.. طلبوا اسمها ليكتبوه على الشاشة، وطلبوا منها الانتظار فسوف يعطون المجال للاتصالات الهاتفية وأسئلة المشاهدين..


وبعد السلام والتحية قالت للمذيعة والشيخ إن زوجها تزوج عليها، بلا تقصير ارتكبته، فطلبت الطلاق للضرر فطلقها، ولأنها بلا أهل، فقد طلبت منه ردها فردها، لكنها لا تشعر بالراحة وأنها في أذي من زوجها وزوجته الجديدة.. فسألها مولانا: هل ضايقك في شيء ؟! قالت لا..

فقال الشيخ: هل أساء معاملتك؟ قالت: لا.. هل تأكلين من خيره ؟ قالت نعم.. قال: إذن "انتي" خائنة لله ولرسوله!

هذه النوعية من الردود الجارحة الحادة اعتاد عليها بعض نجوم الفتاوي التليفزيونية، بلا أي رفق، وبلا أي لين أمر بهما الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام، خصوصا أن المتصلين يأخذون حكم الملهوف الذي أمرنا الله بإغاثته ومد يد العون له.. والأمر واضح..

سيدة بلا أب، و لا أخ ولا عائلة، أو لديها، ولكنهم لا يقدرون على الإنفاق عليها، كحال اسر كثيرة تشترط على بناتها أنهم لن يقبلوها مرة أخرى إن طلقت! وهي في كل هذه الحالات مجنيا عليها وتحتاج الوقوف بجانبها.. ولا نفهم معني السؤال "هل أغضبك" ثم يسأل "هل أساء إليك"، وهل بعد الزواج من أخرى بلا سبب وبغير مبرر سبب للغضب وللإساءة؟!

وهل بعد انكسار امرأة وعودتها جريحة لأسباب تتعلق بالحياة والمعيشة إساءة؟ كان الشيخ كمن يسأل قتيلا: هل ضربوك بعد أن قتلوك؟!" فهل بعد القتل ذنب؟ أو كما صرخت أسماء بنت أبي بكر "هل يضير الشاة سلخها بعد ذبحها"؟! وهكذا.. فجأة تشتكي فتصبح "خائنة لله ولرسوله"!

السؤال بل الأسئلة: لمن تلجأ المرأة لمعرفة دينها إن كان من يفتون على الشاشات هم خلاصة الخلاصة؟ وما ذنب الإسلام العظيم السمح المتحضر أن يمثله هؤلاء؟! ومتى يدرك هؤلاء أن الضرر النفسي يفوق في أحيان كثيرة الضرر البدني؟! ومتي يدركون أن الحياة ليست أكل وشرب؟! ومتي يدركون أن المرأة ليست مجرد كائن حي يكفيها المأوي ليس إلا؟!

ومتي يضربون المثل في الرفق والبشاشة والسماحة؟! ومتى تراجع القنوات ما تقدمه؟ ومتي ينصرف المشاهد عن البرامج التي تسئ للناس فتسقط من تلقاء نفسها؟ متي؟! بل ألف متي؟!
الجريدة الرسمية