رئيس التحرير
عصام كامل

مجلس قومى للأسرة المصرية


بدأت نعرة التمسك بمكتسبات لفئة من النسوة تعلو مؤخرا؛ مع ترقب مجتمعي لمناقشة البرلمان مشروع قانون الأحوال الشخصية والأسرة، إلا أن تلك النعرة لا تجدها لدى نساء يريدن استقرارا بالفعل؛ ويعترفن بضرورة استعادة تكامل مفقود نسبيا بين الرجل والمرأة.


لا تزال قيادات مجالس ومنظمات نسوية وحدهن؛ يكررن مزاعم التمسك برفع سن الحضانة والتطليق مخالعة مع إضافة رصيد أعلى للنفقات الشخصية عند الطلاق؛ وزيادة تلك المكتسبات بضم شقة الزوجية مدى الحياة لهن واقتسام ثروة الزوج عقب إنهاء العلاقة معه، وتطرفت أصوات منهن نحو المطالبة بنفقة متعة عند التطليق مع التوسع في منحهن هذا الحق بغض النظر عن اتفاق مسبق بمنح العصمة للرجل في عقد الزواج نفسه.

لاحظ أن أغلب توجهات تلك القيادات والشخصيات النسوية لا تنظر صراحة لعوار قانون الأحوال الشخصية الحالي؛ ولا تفكر فيما فقده المجتمع من استقرار وما تشهده الأسر المصرية من تدمير وشقاق؛ وما يعانيه أطفال من آثار تربية منفردة بتطبيق "افتكاسة" الحضانة التي حرمتهم أحد الأبوين، ثم سل نفسك؛ لماذا لا تخرج مثل تلك المقترحات اللولبية سوى منهن تحديدا، رغم أن التجارب الواقعية تؤيد خطورة السير في طريق أفكارهن؟

قيادة نسوية "كبيرة"؛ تكرر دائما أن قانونا جديدا لن يصدر لأجل إصلاح واقع بعيدا عن فلسفة "المكتسبات" التي تتبناها ناشطات، وتعدد دوما دور نساء طرفها في النزول إلى صندوق الانتخابات لدعم الرئيس في منافسة مضت هادئة تماما.

الغريب أن أغلب المقترحات الموضوعية التي تصدر عن متعقلين بشأن إصلاح جذري للقانون؛ وإن جلبت للمرأة استقرارا وللطفل طمأنينة ولو وقع الطلاق؛ لا تريد تلك القيادات النسوية تمريرها أو مناقشتها والاستماع إليها، وكأننا أصبحنا في جزيرة منعزلة تحكمها نسوة متشددات لا قرار فيها لغيرهن وإن شهدت بركانا.

تمر الأيام؛ وسيتناسى الجميع مقترح الأزهر بشأن القانون؛ بعد هجوم متواصل عليه من الكافة؛ خاصة من يرون أنه صدر عن غير جهة تشريع، لكن تأكيد القيادة النسوية "الكبيرة" على اطمئنانها إلى ما ستقدمه الحكومة متمثلة في وزارة العدل من مشروع قانون جديد؛ بات مقلقا بالفعل لملايين المضارين من القانون الحالي، والذين لم تجر معهم الوزارة حوارا مجتمعيا أو تستمع لهم، رغم أن نفس الوزارة سمحت لمجلس نسوي "كبير" بالتواجد داخلها وتنظيم لقاءات تثقيفية ودورات استفاد منها من أشارت إليهم بيانات المجلس نفسه سابقا.

سينتهى الحوار المفقود حول القانون إلى مخاوف أكبر بشأن مزيد من الصراع المجتمعي حول مشروع مهدد بالانقراض اسمه "الزواج"؛ بفعل أفكار تتغلغل وتتوغل بالتشريع داخل البيوت المصرية فتتحكم فيها وتحكم مصائر أفرادها وتعيد صياغة العلاقات بينهم بما يخدم ظهور أشكال جديدة من الجرائم الاجتماعية؛ أعلاها إضاعة المعالين من الأطفال وأدناها العنف وإساءة التربية.

دون شك؛ تحتاج البلاد إلى إعادة صياغة الحكومة ومؤسسات الدولة نظرتها لمؤسسة الأسرة، وليس أقل من البدء بإنشاء مجلس قومي لها ودعم كافة المبادرات الراعية لاستقرارها؛ بدلا من تركها عرضة لتخبطات وتنازع أفكار وأهواء سندفع جميعا الثمن غاليا بسببها.
الجريدة الرسمية