رئيس التحرير
عصام كامل

مدرسة الجلود حاجة تفرح!


أي إنجاز في مجال الصناعة حتى لو كان بسيطا فإنه يفرح قلبي ويشرح صدري، لأنني مؤمن تماما أن الصناعة هي الحل لكل مشاكلنا في الفقر والجهل والمرض والبطالة والجريمة والإرهاب، وأنه لا توجد دولة صناعية فقيرة، لقد شاهدت فيديو لمدرسة "مجمع الجلود الثانوية الفنية" للتعليم والتدريب الفني المزدوج، رغم أنه عمل بسيط ولكنه مبهج ويستحق الإشادة هو والقائمين عليه، وأصحاب الفكرة.


المدرسة ملحقة بمجمع الصناعات الجلدية بمدينة العاشر من رمضان، المقام على مساحة 200 ألف متر، والذي يتضمن أيضا 113 مصنعا ومركزين للتدريب والموضة ومول تجاري ومطاعم ودار حضانة.

المدرسة تستوعب 1200 طالب، وهي بذلك تعتبر أكبر مدرسة في مصر للتعليم الفني المزدوج، بل وتتميز بأنها داخل مجمع المصانع ومعظم الدراسة فيها عملية وخطوط الإنتاج هي فصول الدراسة والتعلم، والطلاب يستمتعون بدراستهم والتي سوف تؤهلهم إلى عمالة فنية ماهرة ومدربة وهذا أشد ما تحتاجه مصر حاليا.

طلاب مدرسة "مجمع الجلود الثانوية الفنية" للتعليم والتدريب المزدوج بالعاشر من رمضان، يتدربون على أحدث ماكينات الصناعات الجلدية، سواء المستوردة من الخارج أو التي تنتجها مصانع وزارة الإنتاج الحربي، وهذا أمر آخر يشرح الصدر، حيث شاهدت في الفيديو ماكينات تقطيع الجلود من إنتاج مصنع 999 الحربي، والتي كان يتم استيرادها من إيطاليا والصين، والآن أصبحت إنتاجا مصريا مميزا بإمكانيات جيدة.

طلاب المدرسة لا يتعلمون ويتدربون فقط بل أيضا ينتجون ويعمل عملا مفيدا، وسوف يتخرجون من المدرسة للعمل مباشرة في المصنع، ولقد سبق وكتبت كثيرا عن ضرورة توجيه على الأقل 80% من طلابنا من المرحلة الإعدادية إلى التعليم الفني، لأنه مستقبل بلدنا، وهذا ما فعلته كل الدول المتقدمة، لأن حاجتنا اليوم إلى العمالة الفنية المدربة أهم وأكثر من خريجي الكليات النظرية، فيكفي 20% فقط من الطلاب يستكملون دراساتهم الجامعية على أن تتحمل الدولة نفقات تعليم المتفوقين منهم.

مدرسة الجلود هي نموذج يجب رعايته وانتشاره في كل الصناعات والشركات الكبرى، وتسهيل إجراءات تراخيصه أو على الأقل تحويل المدارس الصناعية الحالية إلى مدارس مزدوجة يتبناها رجال الصناعة، ويتدرب طلابها في مصانعهم، لأنه ليس معقولا أن يتم استيراد عمالة فنية من الخارج بعد أن أصبح كل شبابنا من أصحاب التكاتك أو من رواد المقاهي.

الاهتمام بالتعليم والتدريب الفني المزدوج لن يفيدنا فقط في مصانعنا وشركاتنا وخطط التنمية الطموحة، ولكنه أيضا سوف يكون مصدرا مهما للدخل القومي من خلال تصدير هذه العمالة للخارج وجلب عملة صعبة.. مدرسة "الجلود الثانوية الفنية للتعليم والتدريب المزدوج" بالعاشر من رمضان سوف تتحول يوما ما إلى كلية تكنولوجية للصناعات الجلدية، بحيث يكون لدينا مهندس ومصمم ومخطط لهذه الصناعة حاصل على بكالوريوس وماجيستير أو دكتوراه.

ونتمنى ذلك في كل المهن والصناعات، السباكة والكهرباء والميكانيكا والغزل والنسيج والدواء وغيرها.

عودة إلى مجمع الصناعات الجلدية بمدينة العاشر من رمضان، حيث كنا رواد في صناعة وتصدير الجلود ثم أصبحنا أكبر مُستورد لها، ومن هنا جاءت الفكرة لبعض المستثمرين الوطنيين لإعادة ريادتنا وإنتاج احتياجاتنا، حصلوا على الأرض عام 2009 ولكن بسبب الأحداث السياسية تأخر تنفيذ المشروع، وبعد الاستقرار خرج للنور وتم بالفعل تشغيل 30 مصنعا إنتاجها حاليا في الأسواق، وبدءوا التصدير إلى الخارج، وحصلوا مؤخرا على جائزة الإبداع والابتكار من الاتحاد العربي للجلود التابع لجامعة الدول العربية، أيضا تم تخريج أول دفعة من مركز التدريب.

هذا المشروع سوف يوفر 5000 فرصة عمل دائمة، وتكلفة الفرصة الواحدة 2 مليون جنيه، أي إن القيمة الاقتصادية له بالمليارات، بالإضافة إلى أنه يعطي إضافة حقيقية للناتج القومي، من خلال تصنيع المواد الخام بدلا من تصديرها بملاليم ثم استيرادها سلعا مصنعة بالدولار.

وحتى ينجح المشروع ويحقق أهدافه يجب منع تهريب الجلود الخام إلى الخارج، فبالإضافة إلى 113 مصنعا لدينا 23 ألف منشأة تعمل في هذا المجال (حذاء، شنطة، حزام، جاكيت وغيرها) توظف نصف مليون عامل، وبسبب تصدير الخام فإن معظم هذه المنشآت قد تُعلن إفلاسها وتُشرد عمالها مع استمرار العجز الشديد في السوق المحلي، حيث نستورد 185 مليون حذاء سنويا ونحو 80% من شنط السيدات والمدارس لأكثر من 21 مليون طالب بمليارات الدولارات، رغم أننا نستطيع إنتاج احتياجاتنا وتصدير الفائض وتوفير العملة الصعبة سواء من زيادة الصادرات أو تقليل الاستيراد.

التحية واجبة لكل من يفكر في إناء صناعة جديدة أو تطوير صناعات قائمة تسهم في زيادة الإنتاج، وتوفر فرص عمل تحسن مستوى معيشة المواطنين.
egypt1967@Yahoo.com
الجريدة الرسمية