رئيس التحرير
عصام كامل

تفاصيل إهدار 6 مليارات و480 مليون جنيه بسبب أسطوانات الغاز المدعم.. بحث لرئيس الاتحاد العام للتموين على مكتب رئاسة الجمهورية يكشفها.. ومطالب بتوفير ميزان بسكول لوزن الأسطوانات الفارغة

أسطوانات الغاز المدعم
أسطوانات الغاز المدعم

«الدعم» واحد من أخطر الملفات التي لا تزال الحكومات المتعاقبة تحاول «ضبط الأداء» داخلها، لا سيما أن جرائم عدة تم كشفها خلال السنوات القليلة الماضية، اتضح أنها تتم تحت مظلة «الدعم»، ومؤخرًا كشف بحث أعده الدكتور العربي أبو طالب، رئيس الاتحاد العام للعاملين بالتموين والتجارة الداخلية، مفتش الرقابة التموينية بديوان عام وزارة التموين بقطاع الرقابة والتوزيع، إهدار 6 مليارات و480 مليون جنيه سنويًّا من المال العام من غاز البوتاجاز، وهي أسطوانات الغاز المنزلية سعة 12.5 كجم.


البحث الذي أعده رئيس الاتحاد العام للعاملين بالتموين، تقدم به إلى رئاسة الجمهورية وزارة التموين، وكان يهدف من بحثه إلى معرفة المال المهدر من غاز البوتاجاز، ومن المستفيد والمستحوذ على هذه المبالغ.

وأوضح «العربى» أنه في إطار البحث، أخذ عينة عشوائية لأكثر من أسطوانة غاز منزلي، من أكثر من مكان، وتم عمل وزن لمجموعة من الأسطوانات المنزلية الفارغة بعد الاستخدام، فوجد أن متوسط وزن تقريبي ما بين 3 إلى 4 مرتجع بالأسطوانة الواحدة، بعد خصم وزن العبوة وهي 17.5 كجم، ويستكمل المصنع التعبئة مرة أخرى للأسطوانة ليصل مجموع الوزن القائم والشامل للعبوة 30 كجم عبارة عن المحتوى والفارغ معًا، وبذلك يستفيد مصنع التعبئة من هذه الفوارق بين المرتجع والتعبئة.

وتوصل «العربي»، في دراسته، إلى أن الدولة تفقد 6 مليارات و480 مليون جنيه سنويًّا من أسطوانات الغاز المنزلي سعة 12.5 كجم، مقسمة على 51 مصنعًا للتعبئة في مصر، أي أن متوسط نصيب كل مصنع على حسب قوة إنتاجه تقريبًا يقدر بـ 129 مليون و600 ألف جنيه سنويًّا.

ووفقا للبحث، فإن الإنتاج اليومى مليون و200 ألف أسطوانة في فصل الشتاء، ومليون و100 ألف في فصل الشتاء، أي متوسط مليون و150 ألف أسطوانة.

وقال «د. العربي» إن «وزارة التموين طلبت إعداد بحث حول أسباب أزمة أسطوانات البوتاجازات في مصر، وبيان بكميات العجز والزيادة داخل المحافظات.

ومن خلال البحث وجد أن عدد مصانع تعبئة غاز البوتاجاز 51 مصنعًا على مستوى الجمهورية، منها 39 مصنعًا تابعًا للقطاع الخاص، و12 مصنعًا تابعًا للحكومة.

واتضح أن الأسرة المكونة من 3 أفراد تستحق أسطوانة واحدة وفقًا لعدد السكان، وأن الكميات المنتجة التي تصل إلى 30 مليون أسطوانة غاز شهريًّا، وأن هناك محافظات لديها فاقد كبير، ومحافظات أخرى محرومة، ولا توجد عدالة في التوزيع على مستوى مصر.

وتبين أيضًا أنه من 10 إلى 15% فقط هم من يستخدمون الغاز الطبيعي في المنازل، والباقي يستخدم الأسطوانات الصغيرة سعة 12.5 كجم، أما الأماكن التجارية فتستهلك ما بين 10 إلى 15% أسطوانات الغاز الكبيرة سعة 50 كجم».

وخلال رحلة البحث، اكتشف «أبوطالب» أن غاز البوتاجاز سائل له طبيعة خاصة، وهي البرودة الشديدة، ويأتي لمصانع التعبئة ليتم ضخه بأسطوانات مخصصة، ليتداوله المواطنون سواء المدعمة أو التجارية بنوعيها 12.5 كجم، و25 كجم.

وأضاف البحث: إن «العبوات التي تستخدم لنقل مادة البوتاجاز هي عبارة عن حديد مصنوع بطرق معينة، لنقل تلك المادة وتداولها بقصد الاستخدام، سواء للمواطنين بالمنازل أو المحال العامة التجارية، بقصد الاستخدام التجاري لها، وهي وزن 50 كجم».

وأوضح أن «السائل يكون له نسبة من نسب التعريق، أي نسبة ماء مسموح بها حتى بكافة المشتقات البترولية من بنزين وكيروسين وسولار، ومن الطبيعي أن يتم تنقية خزانات المشتقات البترولية كل فترة، حيث إن هذه النسبة تركها وتراكمها، يتم الخلط بها وبين المادة البترولية؛ مما يؤثر على المادة ذاتها، كما يؤثر على التنك المخصص لتداول المواد البترولية».

وأضاف: بما أن التداول يكون بعبوات مصنوعة من الحديد، فيتم التأكسد بينها وبين نسب الماء المترسب والمتراكم؛ مما يؤثر بالسلب، وبما أن جميع المشتقات البترولية تحدث بها عملية التأكسد فتكون النتيجة تآكلا في الجدار الحديدي للعبوة، وينتج عنها (صدأ) مما يضعفه، وهي عبارة عن بقايا حديدية مخلوطة بالماء المترسب طبيعيًا من النسب المسموحة والمتراكمة داخل الأنابيب المخصصة لنقل مادة غاز البوتاجاز للاستخدام المنزلي أو التجاري؛ مما يعد به رصيد متداول دائم داخل الأسطوانة مدفوع الحق على كل مرة تعبئة لصالح شركات تعبئة الغاز، ويتغير نسبته على حسب عمر الأسطوانة واستخدامها، فكلما زاد عمر الاستخدام زادت نسبة الترسيب بها من التبخير البترولي للمادة، والذي يتفاعل بالفعل مع الجسم الحديدي وينتج عنه مياه مخلوطة (بالصدأ) وهي تآكل الجسم الداخلي لعبوة التداول الغازي للبوتجاز.

وأكد أن «وزن الأسطوانة المنزلية، والتي يتم تعبئتها بشركات التعبئة بكمية تقدر على حسب الاتفاقات المبرمة بين الشركات ووزارة التموين هي وزن 12.5 كجم صــــــافي بخــــــلاف وزن الأسطوانة الحديدي المتعارف عليه وهو 18.5كجم، ليصبح الفصل عند التعبئة باكتمال وزن المؤشر 31 كجم، وذلك دون احتساب التراكمـات السابق شرحها، وكذلك وزن الدهان المغطي للجسم الحديدي من الخارج، وكذلك الأجسام، المتلاصقة بجسم الأنبوبة من الخارج، وأيضا بخلاف المرتجــع من الاستخدام المنزلي للأسرة والذي يختلف باختلاف الطقس».

وأشار البحث إلى أن جزءًا كبيرًا من الغاز بقاع الأسطوانة نتيجة لعدم تسييله من قبل المستهلك لقلة ثقافته.

وأوضح أنه يمكن تسييله وتغير خصائصه التجميدية بتسخين بعض الماء وملامسة الجدار الخارجي للأنبوبة؛ ممـا يغير من طبيعته ويجعله صالحا للاستخدام، ولكن لعدم وجود ثقافة تعود تلك الكميات مرة أخرى للمصنع ويعاد تعبئتها، وحسابها على عاتق الدولة كدعم تم استخدامه من قبل المواطنين، ويتم، صرفها واحتسابها كحق مكتسب لصالح شركات التعبئة؛ مما يعد إهدارًا للمال العام يصل إلى 6 مليارات و480 مليون جنيه سنويًّا لصالح 51 مصنع تعبئة.

كما أكد أن وزارة التموين لها دور كبير في الرقابة على المواد البترولية، من خلال الرقابة على عملية تعبئة اسطوانات البوتاجاز داخل تلك المصانع.
ووضع البحث حلولًا لوقف إهدار المال العام، من خلال زيادة التوعية للمستهلك وكيفية التعامل مع أسطوانة الغاز كتأمين للاستخدام – وتسييل للمادة بفترتي الخريف والشتاء، بجانب زيادة الرصيد بما لا يقل عن ثلاثـة إلى أربعـة كجم عن كل أسطوانة غاز كمتـــــوسط عام للأسطوانة الواحدة تعبئة 12.5كجم – وستـــة إلى ثمانيـة كيلو للأسطوانة التجارية تعبئة 25 كجم، كمتوسط عام للأسطوانة الواحدة، وسيوفر نحو نسبة 25% من المادة المدعمة (غاز البوتاجاز)، للدولة؛ مما يقلل من إهدار الدعم وإفادة أشخاص معينة به وغير المعنيــيـن بالاستفادة منه وفقا للدعم.

وشدد البحث على ضرورة توفير وزارة التموين ميزان بسكول لوزن الأسطوانات الفارغة عند دخولها، وبعد تعبئتهـــا واحتساب الكمية المعبئة بالمصانع، مع إعطاء مفتشي التموين جميع الصلاحيات لضبط أي مخالفات داخل المصنع، واتخاذ إجراءات حاسمة فور حدوثها، مع التغيير المستمر الدائم للمفتشين بالمصانع بخطط تشغيل وبمعايير محددة، على أن يكون عمل اللجنة بالمصنع لا يزيد على الست ساعات يوميًا، أي أربع لجان وتوفر لهم سيارة للتحرك، بحيث لا تتعدى الأسبوعين للمفتش بالمصنع، ويكون إذن الدخول والخروج من قبل المفتش المتواجد بالتنسيق مع الإدارات والمديريات والوزارة، ويفضل استخدام تكنولوجيا الاتصالات باستخدام الكروت الذكية على كل مرة تعبئة لمستودعات البوتاجاز.

ووفقا للبحث، تقوم بعض الشركات بتعبئة الغاز المتوافـر من الدعم تحت مسمى «حصة حر»، مع العلم أنه لا يوجد لديها أي مستنــــدات استيراد أو توريد لها، أو أي كميات للغاز الحر، وهذا ما يتم استخدامه من المتوفر الغاز المدعم بقصد التربح والاتجار بحقوق المواطنين وعدم تقديرهم لحال البلاد أو أعباء ميزانيـة الدولة.

وشدد على التدقيق وضبط أي كمية يتم تداولها تحت مسمى كمية بالسعر الحر، فيتم ضبطها والتأكد من أذون استيراد أو توريد كمية للمصنع تحت مسمى كمية تعبئة بقصد تعبئتها حر (أي خارج الدعم)، ويتم التأكد من مستندات الشحن للمصنع ومراجعتها واتخاذ اللازم فور اكتشاف أي تلاعب.
وطالب البحث بمحاسبة ومعاقبة كل مدير مديرية تموينية بأي محافظة لم يرصد هذه الكميات، وتعليتها على رصيد الكميات الواردة من الغاز المدعم لموفورات الغاز والمرتجع بالأسطوانات خلاف المتجمد منها، بعد حساب نسبة الترسيب لكميات المياه الطبيعية، وقلة كثافة المياه، وزيادة كثافة غاز البوتاجاز.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية