رئيس التحرير
عصام كامل

وزارة كارهة نفسها!


زمان لما كانت الناس تستغرب من وضع غريب.. أو تصرف شاذ ضد الطبيعة كانوا بيقولوا: هي الدنيا جري فيها إيه، هي القطة كلت ولادها يا ولاد! أما الأيام دي بقي عشنا وشفنا وبقي عندنا وزارة بتاكل ولادها!


من غير استغراب ولا وقوع في حيص بيص، هو حد شاف في الدنيا وزارة بتكره ولادها زي وزارة الصحة بتاعتنا، بتكره الدكاترة والأطباء وتحاربهم، لدرجة أجبرت أكثر من ربع مليون طبيب على الاستقالة من وزارة الصحة ومستشفياتها، غير آسفين على الوظيفة الميري.. ولا عاوزين يتمرمغوا في ترابها تاني.

وشفت بعيني ما حدش قالي، بعد أن تعرض أحد الزملاء لنوبة ألم كلوي مفاجئ في الشارع قرب مستشفى المنيرة العام، فسارع لاستقبال الطوارئ بالمستشفى، كشف عليه الدكتور وأكد أنه مغص كلوي نتيجة وجود حصوة في الحالب، وأمر بحقنة مسكنه فورا، وعمل أشعة سونار للمريض، الساعة 3 العصر في مستشفى حكومي، لا فيها دكاترة ولا فيها سونار، وقسم الأشعة قفل والدكاترة روحوا لانتهاء فترتهم الصباحية، طيب والفترة المسائية.. مافيش دكاترة عندنا عجز في الأطباء!

الدكاترة بيستقيلوا بسبب قرارات وزارة الصحة اللي بتعتبر الدكتور من دول أسير حرب عندها، مفروض يشتغل ويشقي في شغلانة كلها مرض وعدوى ومرضى مقابل بدل عدوى 19 جنيها، والدكتور يسهر نوبتشيات 24 ساعة في اليوم وياخد 25 جنيه، ويطلع عالمعاش يلاقي معاشه 1800 جنيه، ومكافأة نهاية الخدمة ممكن تجيبله بدلة وجزمة وكرافتة وقميص بالكتير!

يعني يومية الدكتور بتاع البني آدمين عند وزارة الصحة تقريبا 50 جنيه أو أكتر شويه، أقل من يومية عمال البناء بتوع الطوب والرمل والزلط اللي بقت 400 جنيه، وأقل من يومية الست اللي بتنضف البيت اللي بتاخد 300 جنيه، وأكيد كمان أقل من يومية سواق التوكتوك اللي وصلت 500 جنيه !!

يبقي خسارة الطب وخسارة التعليم، وخسارة أيام العمر اللي ضاعت في المذاكرة والتفوق طالما الحال بقي كده، ومش بس القطة اللي بقت بتاكل ولادها.. لا.. دي وزارة الصحة كمان.
الجريدة الرسمية