«فرحة على كرسي متحرك».. مدرس صعيدي ينتصر لذوي الإعاقة في «حصة الألعاب»
قبل أيام انتشر مقطع فيديو لمعلم يدفع أحد الطلاب على كرسيه المتحرك داخل فناء المدرسة ضمن اليوم الدراسي في الأسبوع الأول له، دقائق معدودة في أعقاب نشر الفيديو لتصل نسبة المشاهدات إلى الآلاف ويبدأ جمهور السوشيال ميديا في تداول الفيديو مصحوبا بكلمات شكر وامتنان للمدرس الذي أصبح لقبه «معلم الإنسانية».
ياسر ياسين، مدرس تربية رياضية، في العقد الرابع من عمره، يعمل في محافظة سوهاج بمدرسة البطل أحمد عثمان، يعرف أبناء المدرسة واحدا واحدا، العلاقات المتشابكة التي تفرضها طبيعة محافظات الصعيد جعلته قريبا من الجميع، أخا ومعلما وأبا إذا جاز التعبير.
يحكي «ياسر» عن كواليس مقطع الفيديو الذي لم يتجاوز الدقيقة: «يوم الأربعاء الماضي كنت أقضي يوم دراسي اعتيادي، وكان ضمن جدولي اليومي حصة تربية رياضية في فناء المدرسة للصف الثالث الابتدائي، كان أحد الأطفال الموجودين من ذوي الاحتياجات الخاصة».
نظرات الحزن البادية على وجه الطفل صاحب الـ 9 أعوام، والذي يذهب إلى مدرسته على كرسي متحرك، شعر بها أستاذ التربية الرياضية: «بدأ الأطفال في ممارسة الأنشطة الرياضية في حين جلس محمد منزويا على نفسه ينظر إليهم بشيء من الحسرة لم أتمالك نفسي وشعرت أن علي مسئولية واضحة بأن أساعده في المشاركة مع باقي زملائه، ذهبت إليه وبدأت أدفع الكرسي المتحرك ذهابا وإيابا».
أن تدخل السرور إلى قلب طفل كأنك ملكت الدنيا وما فيها، أن تحركك إنسانيتك لبذل مجهود فقط لإسعاد أحد الأطفال وإشراكه في الأنشطة الرياضية رغم حالته الصحية فهي بالتأكيد سعادة كبيرة: «شعرت بسعادة غامرة ارتسمت على وجه محمد، طفل لم يصل بعد إلى عشرة أعوام، كل طموحه أن يشارك أصدقاءه في الأنشطة الرياضية أن يلهو ويقفز في الهواء أن يكون طفلا عاديا، لا يجبر على الانزواء أو الاختباء بعيدا عن أعين الجميع أثناء حصة الألعاب، السعادة التي رأيتها على وجهه لمستني وجعلتني أقضي يومي سعيدا وفرحا».
لم يكن ياسر يعرف أنه يتم تصويره أثناء دفعه لـ«محمد» لمشاركة أصدقائه، لكنه فوجئ بالأمر: «الأخصائي الاجتماعي كان يقف في إحدى الطرقات المؤدية إلى فناء المدرسة عندما رأى المنظر قرر أن يلتقط لي فيديو دون أن أدري، وعندما عاد إلى منزله وضعه على مواقع التواصل الاجتماعي، وأخذ قيلولة بعد يوم دراسي شاق، أستيقظ وجد سيل من التعليقات الإيجابية ونسبة مشاهدات عالية تصل إلى الآلاف، هاتفني ليلا أخبرني بالأمر لكني لست من هواة مواقع التواصل الاجتماعي ولم أعط للأمر بالا».
في اليوم الثاني تحول مدرس التربية الرياضية إلى حديث المدرسة والمحافظة بأكملها، تلقى اتصالات تليفونية عديدة، ورسائل شكر وعرفان بالجميل الذي قدمه لطفل صغير: «لم أكن أتوقع هذا الزخم، الأمر تحول إلى فقاعة كبيرة، اتصالات من هنا وهناك، الجميع يشيد بما فعلته، وأنا بداخلي أظن أني لم أفعل شيئا غير عادي، أنا فقط ساعدت طفلا في أن يعيش ولو لدقائق معدودة حياته كسائر أصدقائه، كما أنني فوجئت بتكريم وشكر من قبل مدير المدرسة والإدارة التعليمية التابع لها».
