رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

"المقدم جنيه وبلا مؤخر".. أستاذ جامعي يحدد مهر ابنته "تقوى الله وحسن المعاملة"

فيتو

عصر الجمعة الماضي، بدأ المدعوون التوافد على منزل الدكتور صالح محمد صالح عميد كلية التجارة بجامعة العريش، لحضور عقد قران ابنته الكبرى شروق..

 الصالة الفسيحة امتلأت عن آخرها بالمدعوين والأقارب من كلا الطرفين، زغاريد وأغانٍ وضحكات يقطعها الأب صالح بنداء يوجهه للعريس "مصطفى"، يدعوه ووالده للتوقيع على قائمة المنقولات الزوجية، وإتمام الاتفاقات المادية قبل موعد الزفاف.

يفتح مصطفى الورقة، يجدها فارغة فيوقع عليها وكذلك الأب، يتعجب والد العروس من فعلتهم التي فاقت توقعاته، يهرع باحثا عن قلم في الحجرة المجاورة، يقف في مواجهتهما قائلا لوالد مصطفى: "أنت كريم وأنا هطلع أكرم منك"، يمهر الورقة البيضاء الفارغة بعبارة: "تقوى الله فيها، ومعاملتها بأخلاق الإسلام"، لتكون تلك الكلمات البسيطة هي قائمة زواج نجلته، "بنتي مش هثمنها بشوكة وسكينة وطقم حلل صيني بنتي تقدر بكنوز الدنيا كلها".


تعالت الصيحات في أرجاء المنزل، تضاعفت أعداد الحضور وانضمت سيدات جدد لماراثون الزغاريد الذي أُطلق في الصالة وعند مدخل البيت، تصفيق حاد أشبه بذلك الذي نستمع إليه في صالات العرض المسرحي.

 وقف الدكتور صالح في المنتصف بينما التف العشرات حوله.. "الولد دمع والأم بكت فرحا والأب أخذ  ابنته في حضنه بشدة، وقال هذه رسالة قوية مني أمام الجميع؛ لابد أن نخفف على أولادنا ولا نغالي في المهر، وحق البنت أن يكون زوجها على دين وخلق أنا مفكرتش في مخاطر هذا القرار، لأن بنتي لو كنت دفعت لها في الجهاز 200 ألف جنيه، فهذا لا يعد شيئا أمام قيمتها وهي مش تجارة ده زواج، لا يجب أن تكون القائمة هي الرابط الأساسي" 

يتحدث الأب صالح الذي بات بين عشية وضحاها مثار حديث للآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بعد أن ضرب مثلا حيا للأب والمعلم الذي سعى للوقوف بجوار كل شاب لا يستطيع الزواج في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، "أنا عملت كده وكان في دماغي حاجة واحدة، إن تصرفي ده يتحول إلى سنة ودرب يسير عليه كل الآباء".


ما قبل عقد القران كانت الأمور طبيعية وعادية، إذا ما قورنت بما يتم عادة في مثل تلك الأسر متوسطة الحال ذات الطبيعة المحافظة، طالب الأب ابنته ألا تفكر في أمر الارتباط إلا بعد إنهاء فترة الدراسة بكلية التجارة والتخرج منها وتثبيت قدمها بوظيفة تؤمن لها حياة كريمة، أو استكمال المسيرة الدراسية، وبالفعل التزمت شروق بالوعد حتى النهاية، ثم مر عام واحد على التخرج، فإذا بها تخبر والدها بوجود زميل لها معها في الكلية ذاتها يدعى مصطفى أفصح لها عن إعجابه ورغبته في التقدم للزواج منها".

يقول والد العروس: "كان جاي يزورنا في البيت مكنش فيه أي نوع من الارتباط خالص، ودخل البيت وهو متوتر وعرقان جدا، وكنت عارف إنه جاي يسأل عنها ويشوف حالنا، قلت له أنا إذا كنت أب لـ 1400 طالب، مستعد أكون أب لـ1401، فارتبك وساعدته لحد ما قال لي: أنا معجب بشروق، وكان نفسي أرتبط بها، وقلت له أنا موافق وخلي بابا يتقدم"، مصطفى بدوره هاله الموقف، فكيف يوافق الرجل دون أن يسأل عنه أو يفتش وراء العائلة التي ينتمي إليها: "قلت له كفاية إنك جيت من الباب وفي النور، وإذا جاءكم من ترضون دينه فزوجوه".


مرت أيام قليلة وحضر الشاب رفقة والديه إلى بيت الأستاذ الجامعي، جرت الأمور أيضا في نصابها الطبيعي، تحدثوا في شئون محل السكن والأثاث وما إلى ذلك، وجرت العادة قبل عشر سنوات بألا تتكفل العروس إذا كانت من بنات إحدى عائلات العريش، بأي شيء يخص مصروفات الزواج: "إحنا عندنا أبناء العريش لحد قبل 10 سنوات مكنتش العروسة بتجهز العريس، هو المتكفل بكل شيء، لكن حدث الآن نوع من أنواع المساعدة وأصبحت البنت تشتري هي حاجات المطبخ تساعد في شراء الصالون، العروسة كانت تغسل رجلها وتدخل، وكان الأب يأخذ مهرا يشتري لابنته ذهبا أو يأخذ المبلغ تاما"، فأصبح على صالح أن يتكفل بجانب لا بأس به من تجهيزات الزواج وتأثيث المنزل، بعد أن تم حفل الخطوبة على أكمل وجه وبمشاركة الأسرتين بعضهما البعض أيضا.

"كنا متفقين على سنة خطوبة لكن ظروف العملية الشاملة في سيناء وما أعقبها من بعض العثرات الاقتصادية في البلد جعلتني أتريث قبل التعجيل في الزواج حتى تتحسن الأحوال" يتحدث الأب صالح.


تحسنت الأوضاع مع مرور الوقت، حتى حان موعد عقد القران، لم يقتصر الأمر على رفض الأب كتابة قائمة منقولات الزوجية، ودفع الزوج للتوقيع عليها فحسب، ففي الوقت الذي كان المأذون يجلس فيه وعلى جانبيه يجلس الأبوان ومصطفى، سأل والد العريس الأب قائلا: "شوف آخر مهر عند العائلة كان كام وإحنا هندفع"، يقول الدكتور صالح في هذا الشأن: "قلت له كان نصف مليون جنيه وأنا مهر بنتي أكثر من ذلك بكثير، فأبدى الرجل ترحيبه"، لكن مسلسل المفاجآت كان يحمل حلقة جديدة في تلك اللحظة، حينما أمسك صالح بالقلم وكتب في خانة المقدم: "واحد جنيه فقط لا غير" وفي خانة مؤخر الصداق "الصداق المسمى بيننا"، ارتاب الابن وظن أنه يقصد مبلغا كبيرا، "أنا قلت له مهر بنتي إنه يتقي الله فيها، أنا بعطيكم قطعة من قلبي وتفكيري، فلا يمكن أن تقدر بمال ويكفي أنه يتقي الله فيها، وده فعلا جنيه واحد فقط، أما المؤخر فمفيش مؤخر، فأمسك المأذون بالميكروفون، وظل نحو عشر دقائق يخطب في العريس ينصحه بحسن معاشرة البنت إكراما لفعلتي معه".
Advertisements
الجريدة الرسمية