رئيس التحرير
عصام كامل

القاتل المنسي


العضلات هي المكون المسئول عن القوة والحركة الجسم، كما أنها تؤمن الحركة للأجزاء والأعضاء الداخلية به، وتمثل نحو 40% من الوزن الكلي للشخص.


وقد تصاب تلك العضلات ببعض الأمراض والاعتلالات التي تؤثر في حركتها وأدائها، ومن أشرس هذه الأمراض وأقساها مرض ضمور العضلات، وهو أحد الأمراض المرتبطة بالعوامل الوراثية، ويؤثر هذا المرض في الأعصاب المتفرعة من الحبل الشوكي، ما يؤدي إلى إصابة العضلات بالضعف الشديد، وتتأثر بسبب ذلك قدرة المصاب على التنفس والبلع والحركة.

ويسبب هذا المرض ارتخاءً شديدًا في العضلات مع ضمور الأطراف، وضعفًا في عضلات الجسم التي تتحكم في التنفس والبلع وغير ذلك، إضافة لعدم القدرة على التحكم بها، لذا يواجه المريض مشكلات عديدة في البلع والتنفس والإخراج وعدم القدرة على الحركة.

وأساس هذا المرض لمن لم يسمع به من قبل هو خللٌ في الجين الذي يدعم الخلايا الأمامية للحبل الشوكي، والمسئولة عن التحكم في العضلات، وعندما تضمر وتموت تلك الخلايا، فإن العضلات لا تصل إليها الإشارات بالحركة، وبالتالي تتوقف حركتها وتضمر بمرور الوقت، ويعيش المريض ومن حوله حياة مليئة بالأوجاع والعجز الكامل.

وتزداد ضراوة وشراسة هذا المرض بمرور الوقت، ولا يتوافر حاليًا أي علاج ناجع له، وإنما فقط طرق العلاج تهدف إلى تحسين حياة المريض، وتساعده على التعامل مع الأعراض بشكل جيد.

وبحسب أساتذة جراحات المخ والأعصاب في مصر، فإن أعراض هذا المرض تبدأ بضعف في العضلات والحركة والقوة الجسدية والمشي، وضعف عضلات الحوض ثم ينتقل لباقي أجزاء الجسم، ويصيب الذكور بنسبة 1 من كل 3500، وأنواع ضمور العضلات كثيرة لا تقل عن 60 نوعًا.

وبالحديث عن النفقات الباهظة اللازمة لتحسين حياة المريض والشروع في علاجه، نجد أن التقديرات تشير بحسب أطباء المخ والأعصاب أيضًا إلى أن علاج المرض لدى الأطفال يختلف من درجة لأخرى، فتكلفته مثلا بالولايات المتحدة تبدأ من 60 دولارًا وحتى 700 دولار شهريا، وهناك علاج جديد لضمور العضلات عن طريق الحقن يتكلف في العام الأول نحو 750 ألف دولار وفي العام التالي 350 ألف دولار، ما يؤشر إلى التكاليف العالية جدا للعلاج بالمقارنة في مصر.

ويطرح المختصون إمكانية أن ينخفض سعر العلاج في مصر، خاصة عندما نعلم أن عدد مرضى ضمور العضلات تجاوز المليون، بحسب ما صرحت به شريفة مطاوع، رئيس «الجمعية المصرية لضمور العضلات»، وذلك إذا تبنت الدولة تحمل تكاليف العلاج بالتفاوض مع الشركة المصنعة لهذا العلاج المتطور وتوقيع بروتوكول معها ليتم بحث صرفه في مصر بأسعار أقل من المطروحة حاليًا.

في الوقت الراهن، لا يدرج مرض ضمور العضلات ضمن بروتوكولات العلاج على نفقة الدولة، وبالتالى فلا يعد من الأمراض ذات الأولوية طبقًا للقرار الوزاري ٢٩٠ لعام ٢٠١٠.

وتعد أبرز أشكال معاناة مرضي ضمور العضلات هو أن أجهزة الدولة لا تعترف به من الأمراض المزمنة التي تتفاقم مع تقدم العمر، وبالتالى فلا يتم إدراجهم على أولويات الإعاشة الاجتماعية، ولا تعتبرهم الدولة من ذوى الإعاقة.

تتجسد مطالب مرضي ضمور العضلات وذويهم، التي نناشد السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتوجيه بالتكليف بالشروع في تنفيذها، الأحقية في العلاج على نفقة الدولة، وإنشاء قسم في مستشفى عام بكل محافظة يشمل وحدة علاج طبيعي، وتوفير معاش اجتماعى مناسب لتوفير حياة كريمة للمرضى غير القادرين على العمل، وتوفير وظائف للقادرين منهم على العمل، فضلًا عن توفير الأجهزة التعوضية الحديثة بسعر مناسب وبالتقسيط، وتفعيل تحليل ما قلبل الزواج بشكل صارم لمنع انتشار الأمراض الوراثية، خاصة بين الأقارب، إضافة إلى توفير دور رعاية للمرضى بالمحافظات.

استغاثات نحملها إلى السيد رئيس الجمهورية وإلى السيد رئيس مجلس الوزراء، بالتوجيه بإنشاء مستشفى تخصصي لعلاج المرض، أسوة بمستشفى 57357 لعلاج سرطان الأطفال، كما ندعو رموز المجتمع وأعلامه إلى تبنى حملات مجتمعية للتبرع عبر وسائل الاعلام بهدف المساهمة مع الدولة جنبًا إلى جنب في إنشاء هذا المستشفى المتخصص، أملا في المساعدة والتخفيف أولا عن ضحايا هذا القاتل المدرج في طي النسيان، وثانيا في تخفيف العبء عن أسر أثقل المرض كواهلها وأصبحوا في أمس الحاجة إلى المعاونة وتكاتف الجميع معهم، نظرة إلى هؤلاء المنسيين.
الجريدة الرسمية