رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

تجار الموت


للأسف أن الحقيقة المرة التي لا يريد أن يعترف بها العالم، أن "الولايات المتحدة" و"روسيا" ومعهما كل الدول الكبرى المصدرة للسلاح في العالم، بينهما توافق ضمني على دعم وإشعال مزيد من الصراعات في كل بقاع الأرض، من أجل تنمية وتعظيم مبيعاتهم من السلاح.


وأن كل ما يدور من سجال وشد وجذب بين الحين والآخر بين واشنطن وموسكو - حتى من قبل انفصال الجمهوريات السوفيتي - ما هو إلا جزء من سيناريو ممتد، كانت آخر فصوله، حين أعلن وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" انسحاب واشنطن رسميا من معاهدة الأسلحة النووية متوسطة المدى مع روسيا بداية أغسطس الماضي.

ولعل أبرز دليل على ما أقول، أنه رغم مرور عشرات السنوات على امتلاك الدولتين لأسلحة الردع، لم يقرب أي منهما للآخر "ولن يحدث" في الوقت الذي لم تجتمع الدولتان ولو مرة على قرار أممي واحد، أو جمعهما موقف موحد لدعم مباحثات لواد صراع في أي من المناطق المشتعلة في العالم، بل دائما ما تجد كل منهما متنافران لدعم فئة أو تيار ضد الآخر، ولعل ما يحدث في سوريا والعراق واليمن وليبيا وغيرها من المناطق المشتعلة في العالم لخير مثال.

حيث تسعي كل من القوتين، ومعهما كل الدول المصنعة للسلاح في العالم إلى المتسابق، لبيع شحنات من "أسلحة الموت" سواء بشكل سري أو معلن لدولة أو مليشيا أو تيار إرهابي أو محظور، وحتى أن تم كشف الأمر، فإنه يمر مرور الكرام دون أدنى تحرك حتى من المنظمات الدولية وعلى رأسها "مجلس الأمن الدولي" ولعل في صفقات الأسلحة التي أرسلتها تركيا إلى الميليشيات الليبية خلال الشهور الأخيرة، وتم ضبطها، لخير دليل.

ففي مارس الماضي، ذكر تقرير حول حجم مبيعات السلاح في العالم، أصدره معهد ستوكهولم لأبحاث السلام "SIPRI" أن الولايات المتحدة الأمريكية انفردت ببيع ما يزيد عن ثلث صفقات الأسلحة في العالم خلال السنوات الخمس الماضية، مما يضعها كأكبر بائع للسلاح في العالم، وأن أغلب تلك الأسلحة قد ذهبت لمنطقة الشرق الأوسط.

في الوقت الذي كشف فيه تقرير حكومي صادر عن الحكومة الفرنسية في يونيو الماضي، عن ارتفاع صادرات فرنسا من السلاح إلى 9.1 مليار يورو، منها صفقات تصل إلى 4 مليارات يورو إلى منطقة الشرق الأوسط، استحوزت قطر منها منفردة على صفقات بقيمة 2.4 مليار يورو، مما قفز بصادرات السلاح الفرنسية خلال الفترة من عام 2009 وحتى عام 2018 بنسبة 43 ٪.

وتحتل الولايات المتحدة الأمريكية صدارة قائمة الدول ال 10 الأكثر تصديرا للسلاح في العالم منذ عام 2014 وحتى اليوم بنسبة 36٪، تليها روسيا بنسبة 21٪، ثم فرنسا بنسبة 6.8٪، ثم ألمانيا ب 6.4٪، ثم الصين ب 5.2٪، ثم المملكة المتحدة ب 4.2٪، ثم إسبانيا بنسبة 3.2٪، ثم إسرائيل بنسبة 3.1٪، وأخير إيطاليا ب 2.3٪، وهولندا ب 2.1٪.

وقد زادت نسبة الصادرات الأمريكية من الأسلحة منذ عام 2009 وحتى اليوم بنسبة 29٪، تم بيع ما يزيد عن 52٪ من إجمالي تلك الأسلحة لدول الشرق الأوسط، في حين تم بيعها بشكل شامل لـ 98 دولة من دول العالم، وكان أكثرها مبيعا "الطائرات المقاتلة، والصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدة، وأنواع عديدة من القنابل الموجهة".

كما تجمع التقارير، على أنه خلال الفترة من عام 2009 وحتى اليوم، تدفق على منطقة الشرق الأوسط كميات رهيبة من الأسلحة، حيث ارتفعت حجم صفقات السلاح خلال تلك الفترة بنسبة 87%، لدرجة أنها شكلت نحو 35٪ من واردات الأسلحة العالمية.

للأسف هذه الحقيقة المره التي لا يريد أن يعترف بها العالم "وستستمر" طالما هناك "أغبياء" يتسابقون لامتلاك مزيدا من أسلحة الموت، من أجل إعلاء نعرات طائفية وحسم صراعات مذهبية، لن تؤدي سوى لمزيد من الخراب والدمار، في مقابل مزيد من النمو والانتعاش والاستقرار الاقتصادي ل "تجار الموت".

ولله الأمر من قبل ومن بعد
Advertisements
الجريدة الرسمية