رئيس التحرير
عصام كامل

التاريخ القذر لـ"المافيا الدولية" لقتل المصريين


أتمنى أن تتعامل الحكومة ومعها كل الجهات السيادية والرقابة في مصر مع حوادث الانفجارات النووي التي وقعت في روسيا، بداية الشهر الحالي بـ "منطق الجد"، خاصة وأن الأمر يتعلق بشكل مباشر بصحة المواطن المصري، الذي يعتمد في غذائه على ما تستورده الدولة من "القمح الروسي" بمعدل 12 مليون طن سنويًا. 


وأن هناك "احتمالات" كبيرة أن تكون الزراعات الروسية قد تأثرت بالإشعاعات النووية التي نجمت عن تلك الانفجارات، في الوقت الذي تحتم علينا السوابق التاريخية والممارسات القذرة لـ"مافيا استيراد الأغذية" ضرورة الحذر من ذلك الخطر القاتل.

فقد اعترفت "وكالة روساتوم" الروسية، في الـ 8 من أغسطس الجاري، أن انفجارا نوويا وقع في منطقة "سيفيرودفينسك" للتجارب العسكرية في شمال روسيا، أسفر عن مصرع 5 من موظفي الوكالة، خلال اختبار لنظام هندسي وتقني للمصادر النظرية في نظام الدفع النفاث السائل، وهو الانفجار النووي الثالث الذي وقع في روسيا خلال الأسبوع الأول من أغسطس، بعد أن هز انفجاران مستودع الذخيرة في منطقة "كراسنويارسك" أسفرا عن إصابة العشرات.

في الوقت الذي أصدرت فيه السلطات المحلية في "سيفيرودفينسك" بيانا "تم حذفه بعد دقائق" أكدت فيه أن أجهزة الاستشعار في المنطقة قد سجلت ارتفاعًا إشعاعيًا في الهواء.

وعلى الرغم من تناول الإعلام المصري للانفجارات النووية الثلاثة، من زاوية إمكانية وصول الإشاعات المنبعثة منها إلى مصر من عدمه، ومحاولة البعض توظيف الحادث سياسيا للشكيك في إمكانيات الوكالة الروسية التي تتولى الإشراف على إنشاء "مشروع الضبعة النووي" إلا أنها في اعتقادي اخطار يمكن تداركها، ولا تذكر في مقابل ما يهدد صحة المواطن المصري المستهلك الأول في العالم للقمح الروسي.

وعلى الرغم من إصدار الدكتور "عزالدين أبوستيت" وزير الزراعة واستصلاح الأراضي بيانا، أكد خلاله، أنه لا تهاون في قضية سلامة المنتجات الزراعية المستوردة، وأن الحجر الزراعي المصري يقوم بفحص كافة الشحنات من الحبوب "بما فيها شحنات القمح الواردة من روسيا" من خلال "هيئة الطاقة الذرية المصرية" ومخاطبة الممثل التجاري المصري في روسيا، للتأكد من عدم تأتر المناطق الزراعية الروسية بآثار الانفجارات الأخيرة.

إلا أنني أؤكد أن الأمر خطير، ويتطلب ضرورة فرض رقابة جدية وصارمة على كل واردات القمح من الخارج، لا لشيء سوي أن السوابق التاريخية والمارسات القذرة" لعدد من الدول الغربية، ومعهم "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" في أعقاب انفجار مفاعل "تشرنوبيل الروسي" في عام 1986 تدعونا لذلك، كما أن التاريخ الأسود لكثير من مستوردي الأغذية وخاصة "القمح" تفرض علينا ضرورة الحذر.

حيث حاولت كثيرا من الدول الغربية في تلك الفترة، إلى قلب خسائرها من تلوث منتجاتها الزراعية والغذائية بالإشعاع إلى مكاسب، وذلك بخلط المنتجات الملوثة بأخرى سليمة، لتقليل نسبة التلوث، وتصديرها إلى دول العالم الثالث، ومن بينها مصر.

كما لجأت كثير من تلك الدول الغربية في تلك الفترة إلى حيلة أكثر "قذارة" باستحداث ما يسمى بـ "إعادة التصدير" وذلك بتصدير منتجاتها إلى دول لم تصب بالإشعاع الناتج عن الانفجار، وإعادة تصديرها إلى "دول العالم الثالث" على أنها منتجات وطنية "نقية" خالية الإشعاع، من زراعة أو صناعة الدولة المصدرة الأخيرة.

ولعل ما يدعو لـ "القرف" في تلك الفترة، محاولة "الوكالة الدولية للطاقة الذرية" الارتفاع بمعدل النسبة الدولية الآمنة المتعارف عليها دوليا للجرعات الاشعاعية المقبولة التي يمكن أن تناولها الإنسان من الإشعاع في دول العالم الثالث، في محاولة للحد من الخسائر الاقتصادية التي مني بها الغرب، على حساب "صحة الفقراء في الدول الفقيرة " تحت زعم" أن المواطن في تلك الدول يمكنه أن يتحمل جرعات اشعاعية أكبر من المواطن الأوروبي.

ولا يخفى عن الجميع ما شهدته تلك الفترة من ممارسات كثير من المستوردين الجشعين، الذين تربحوا وكونوا ثروات من خلال عشرات المنتجات الملوثة التي دخلت إلى مصر وأغلب الدول الفقيرة، وكان أحد نتائجها إصابة ملايين الفقراء بمختلف أنواع "السرطانات".

أتمنى أن تتعامل الحكومة المصرية ومعها كافة الجهات السيادية والرقابية في مصر، مع القضية بمنطق "الجد" ولنا في ممارسات ما بعد "تشرنوبيل" عبرة، وكفى.
الجريدة الرسمية