رئيس التحرير
عصام كامل

عنصرية "صفاء الهاشم"


لا أستطيع وصف التصريحات العنصرية المتتالية التي تطلقها النائبة الكويتية "صفاء الهاشم" بين الحين والآخر، ضد العمالة المصرية في دولة الكويت، سوى بـ"الجاهلة" التي لا تستند إلى واقع، ولا هدف من ورائها سوى خلق احتقان غير مبرر بين الشعبين، من أجل تحقيق مكاسب انتخابية شخصية "تافهة" خاصة أنها لا ترى في "العمالة المصرية" أنهم يعملون ويبذلون جهدا، ويشكلون سندا تعتمد عليه الدولة في تسيير كافة أمور الحياة في الكويت منذ سنوات، بل مجرد عبء و"شحوم زائدة" على جسد الدولة "الثرية" التي لا يزيد عدد سكانها على المليون مواطن.


ولعل ما يدعو للأسف في تصريحات النائبة الكويتية، أنها تأتي في توقيت تحتضن فيه مصر التي تعاني من أزمات اقتصادية ضخمة، ويزيد تعداد سكانها عن ال 100 مليون مواطن، ما يزيد عن "10 ملايين" لاجئ عربي "وليست "عمالة" من الأشقاء السوريين والعراقيين والليبيين واليمنيين والسودانيين "أي ضعف سكان دولة الكويت بمن فيها من عمالة أجنبية" ويعيشون بين المصريين ويلقون كل رعاية وترحاب.

وما يدعو للاستغراب، أن كل مواقف النائبة ضد مصر تقابل بصمت غير مبرر من كل المسئولين الكويتيين، على الرغم من آثارها داخل "مجلس الأمة الكويتي" بشكل دائم ومستمر منذ أبريل عام 2017، وتحديدا منذ طالبت علنا بعدم الاعتماد على العمالة المصرية، وما تبعه من اعتراضها بشكل غير مبرر على نقل القنصلية المصرية من منطقة الروضة إلى منطقة السلام، تحت زعم أن وجودها سيحدث "فوضى" بالمنطقة.

وفي ظل الصمت على تربص النائبة بمصر والمصريين، كان لا بد لها أن تتمادى، حيث خرجت بعد ذلك بتصريحات غير لائقة ضد "وزير القوى العاملة المصري" لمجرد إعلانه عن توافر فرص عمل للمصريين بالكويت، طبقا للاتفاقيات الموقع بين حكومتي البلدين، إلا أن "الهاشم" هاجت وطالبت بوقف الاعتماد على العمالة المصرية، وفرض رسوم جديدة عليهم تصل إلى حد تحصيل مقابل على الطرق التي يمشون عليها.

ولأن النائبة الكويتية، وجدت في مهاجمة مصر طريقا للنجومية، خاصة بعد الاهتمام الكبير من وسائل الإعلام الكويتية، فقد خرجت في نوفمبر 2018، وشنت هجوما ضاريا على وزيرة الهجرة المصرية، لمجرد تصريح بسيط عن مشاجرة تافهة وقعت بين مصرية وثلاث كويتيات، حيث ادعت بوقاحة "أن الكويت أكرمت المصريين أكثر من بلادهم" واختتمت بالقول: "وإن كنتم نسيتوا اللي جرى، هاتوا الدفاتر تنقرا".

في تطاول جديد ضد مصر، تقدمت النائبة في أبريل الماضي، بسؤال داخل البرلمان لوزير الخارجية الكويتي، تستفسر فيه بغرابة، عن الإجراءات التي اتخذتها الخارجية الكويتية لمتابعة التحقيق في حادث وفاة المواطن الكويتي "خالد الريش - 82 عامًا" في القاهرة، مدعية سرقة أعضائه خلال عملية فحص الجثة بمعرفة الطب الشرعي المصري، مطالبة بإرسال وفد أمني كويتي إلى مصر لمتابعة التحقيق، مع إفادتها بكشف عما وصفته بـ"جرائم القتل التي تعرض لها الكويتيون في مصر خلال السنوات الـ 3 الأخيرة".

ولأن النائبة الكويتية تجهل تاريخ وحجم مصر ومكانتها، وحجم التضحيات التي قدمتها ومازالت تقدمها للعرب، فقد أقحمت نفسها "دون داع" في كلام جاهل أطلقه عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحد من المصريين، استهدفت السوريين في مصر، ورغم خروج المصريين في ذلك الوقت بهاشتاج احتل صدارة موقع تويتر تحت عنوان "السوريين منورين مصر" إلا أن النائبة وجدت في ذلك فرصة لمهاجمة مصر "دون مبرر".

وعلى الرغم من جهل "الهاشم" بأن العمالة المصرية تذهب للكويت وفق متطلبات واحتياجات الكويتيين أنفسهم، وبناء على اتفاقيات رسمية بين حكومتي البلدين، فقد واصلت منذ أيام مسلسل تصريحاتها العنصرية ضد العمالة المصرية، واصفة ما جاء بتقرير جهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري، عن دخول 8 آلاف مصري إلى الكويت شهريًا في 2018 بـ "الجريمة" معتبرة أن أغلب المصريين الذين دخلوا للعمل بلا مؤهلات، ويخالف توجهات الحكومة الكويتية بشأن الإحلال وتقليص أعداد العمالة الوافدة، مطالبة برد حكومي عاجل، ومهددة بأنها ستذهب بهذا الملف إلى أبعد مدى.

للأسف، على الرغم من "ضآلة "صفاء الهاشم، وجهلها بتاريخ ومكانة مصر، والعلاقات المتميزة بين مصر والكويت، والمكانة الكبيرة للكويت والكويتيين في قلوب المصريين، إلا أن تلك التصريحات "العنصرية" أصبح لا يمكن السكوت عليها، خاصة وأنها لن تعود سوى بالسلب على الشعبين، ولن تخلق سوى احتقانا غير مبرر، يحتاج إلى تدخل جدي من "البرلمان والحكومة الكويتية" لوقف جموح "نائبة" تهدف إلى تحقق مكاسب انتخابية "تافهة" على حساب علاقات أخوية متميزة امتدت لسنوات بين شقيقين.
الجريدة الرسمية